السينما العالمية - الجزء الثاني

2009 04 04

ضيوف الحلقة:
الدكتور سمير فريد



 

ناقش الدكتور إسماعيل سراج الدين رأي الدكتور سمير فريد في أن الفيلم هو عمل المخرج بالأساس، واستشهد بالفيلم العالمي: "ذهب مع الريح" الذي تدخل منتجه "داريل زانوك" في إخراجه ورفض أكثر من مخرج له، ومع ذلك نجح الفيلم فنيًّا وجماهيريًّا، رغم تداخل دور المنتج والمخرج فيه. وقد رأى الدكتور فريد أن السينما الأمريكية لها وضع خاص، لأنها أرست تقاليد راسخة، ففي عصر "الاستوديوهات" (الذي بلغ ذروته في فيلم "ذهب مع الريح") كان المخرج مجرد مدير للعمل، بينما كان المخرج هو المسيطر على العمل. وقد ظهر في مصر عصر الاستوديوهات أيضًا في الأربعينيات.

وبعد هذه الفترة جاءت حقبة الحرب العالمية الثانية وأفلامها الشهيرة مثل كازابلانكا، ومع الحرب الباردة بدأت هوليود منذ أواخر الأربعينيات تهاجم الفنانين والكتاب اليساريين بضراوة تشبه محاكم التفتيش المكارثية، وعلّق الدكتور فريد بأن هذه الحقبة أضعفت فن السينما في أمريكا والعالم، لأنها أدخلتها في أزمة الرقابة ومعاداة كل ما هو إنساني باعتباره شيوعيًّا، حتى أنهم اعتبروا شارلي شابلن شيوعيًّا، وهو ما أضر كثيرًا بالسينما، حتى جاءت مرحلة "الموجة الجديدة" التي قدمت مخرجين جددًا مثل بودار من فرنسا، وفيليني من إيطاليا وغيرهما من دول أوروبا، وهنا طرحت السينما الأوروبية مفاهيم جديدة أنهت تمامًا مفاهيم الفيلم الكلاسيكي التي أرساها عصر الاستوديوهات بأمريكا، ومنها طريقة إمساك الكاميرا وطريقة المونتاج وعدم توضيح القصة تمامًا؛ مما أنعش اللغة السينمائية في العالم كله.

ثم توقف الدكتور سراج الدين عند هتشكوك بشكل خاص لأنه ترك تأثيرًا كبيرًا على فن السينما، وبخاصة فيلمه "سايكو" الذي عُرض سنة 1960 رغم وجود الرقابة لكنه شكّل علامة فارقة في تطور أفلام الرعب والإثارة، لأنه بدأ مرحلة رعب الإنسان من إنسان آخر يبدو عاديًّا لكنه في الحقيقة سفاح بسبب اختلال عقلي مثلاً، بينما اعتمدت أفلام الرعب قبله على الرعب من مصادر غير واقعية مثل "دراكولا". ورغم أن الفيلم كان أبيض وأسود، لكنه قدم لمسات فنية غير مسبوقة، منها مشهد قتل الممثلة جانت لي أثناء استحمامها، فقد تم تصوير المشهد بطريق بارعة اعتمدت في الأساس على تقديم أجزاء من الجريمة وترك عقل المتلقي يكمل باقي الأجزاء في تفاعل جديد من نوعه بين المخرج والمتلقي، فنحن لم نر السكين وهو يخترق جسد الضحية، ورغم أنه يُفترض أنها كانت عارية لكننا لم نر جسدها عاريًا، ففي المشهد الذي يستمر دقيقتين فقط نجد 78 قطعًا في المونتاج.

وقد اقترح الدكتور فريد أن النظرة السطحية أحيانًا تخفي جوانب مهمة للعمل الفني، فالبعض يظن أن الجريمة والعقاب لديستوفسكي واللص والكلاب لنجيب محفوظ روايتان بوليسيتان لمجرد أن فيهما جرائم قتل، لكن هذه النظرة السطحية تحجب جوانب مهمة للعمل. وهكذا كان هتشكوك أكبر من مجرد مخرج أفلام رعب، بل كان يحاول فهم عالم الإنسان ومخاوفه، وأسباب ارتكابه الجرائم، وساعده على ذلك حرفيته الفائقة مستعينًا بخيال عبقري ساعده على تقديم فيلم آخر هو "روب" الذي كان أول فيلم في تاريخ السينما يتم تصويره في مكان واحد وهو غرفة صغيرة.

ثم تطرقت المناقشة لمرحلة السبعينيات التي شهدت ظهور أربعة مخرجين شديدي الأهمية في أمريكا، هم سبيلبرج ولوكاس وكوبولا وسكورسيزي، فقد أعادوا صياغة السينما الأمريكية، بعد استيعاب إرث السينما الأمريكية القديمة ومنجز الموجة الجديدة من أوروبا، فأبدعوا أفلامًا أبهرت العالم مثل الأب الروحي وحرب النجوم، وهذا ما اعتبره الدكتور فريد إنقاذًا للسينما الأمريكية بعد انتشار التليفزيون الملون، الذي بدأ يصرف الناس عن السينما، ولذلك اعتمد فيلم الأب الروحي على جيل جديد من الفنانين الذين أقنعوا الجمهور بالتوجه للسينما وعدم الاكتفاء بالتلفزيون، لأن الفيلم استفاد من الإمكانات البصرية للسينما مثل حجم الشاشة الكبير والجو الشعوري المرتبط بالعرض في مكان مظلم، وبعضهم موّل تكاليف طائلة لتطوير إمكانات العرض الصوتي والبصري، انتهاءً بتحقيق طفرة تقنية ميّزت السينما عن إمكانات العرض التلفازي.

أما مرحلة الثمانينيات والتسعينيات فقد ظهرت فيها أفلام ركزت على العنف والجنس، كما اعتمدت على التكنيك الحديث أكثر من الاعتماد على الإبداع السينمائي نفسه، فأصبح هناك اهتمام كبير بتصوير التفجيرات ومشاهد حوادث السيارات وانقلابها، حتى وصلنا اليوم لأفلام التحريك مثل مملكة الخواتم التي تعتمد بشكل كامل على الكمبيوتر، وقد سماها الدكتور فريد بالأفلام التكنولوجية لأنها تعتمد على التكنولوجيا، وهي تحقق إيرادات هائلة لكنها لا تفوز أبدًا بجائزة الأوسكار لأحسن فيلم، بعضها يفوز بالأوسكار لأحسن صوت أو مونتاج. وقد تحدث الدكتور فريد عن تجربة سبيلبرج الذي يعتبر أكثر مخرجي السينما نجاحًا في حياته، وكفنان كبير لم يحصر نفسه في مسار واحد، ففيلم "شندلر ليست" يتحول فيه البطل شبه النازي إلى متعاطف مع اليهود، بينما في "ميونخ" يتحول البطل الإسرائيلي إلى رافض تام لإسرائيل ومتعاطف مع الفلسطينيين.

وأخيرًا أوضح الدكتور فريد أنه لا يتوقع في الفترة القادمة أن تنافس أي سينما في العالم السينما الأمريكية، لأنها مستحوذة تمامًا على الجمهور، ولأن لديها نظم إنتاج سينمائي لا تملكها أي سينما أخرى، مع حجم استثمار مالي لا يتوفر لغيرها، رغم أن أصحاب المواهب موجودون في كل مكان.

فريق العمل (داخل المكتبة):

إعداد وتقديم: د/ إسماعيل سراج الدين
فريق الإعداد: د/ خالد عزب، محمد مطش، محمد السيد، أيمن الشربيني
منتج منفذ: مكتبة الإسكندرية
مساعد إنتاج: طارق بلال


فريق العمل (خارج المكتبة):

إشراف عام: سوزان حسن
منتج: أحمد طه
قراءة تعليق: محمد عبد الوهاب
مدير تصوير: محمد شفيق
مشرف إضاءة: محسن جاد
تصوير: سامح صيام، هشام عزت، هاني فاروق، أحمد حسين
كرين: هشام مبارك، محمد عبد الوهاب
مخرج فني: أحمد المناويشي
مهندس ديكور: أيمن فتحي
مهندس مساعد: سيد وجيه، محمد نصر
تم التصوير باستوديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي- استوديو403
مهندس الاستوديو: عطا عابد
م.كاميرات: محمد المملوك، يسري الشحات
م.صوت: محمد سليمان، كامل أبو المجد
كمبيوتر إضاءة: محمود فريد، خالد عبد الهادي
مهندس الصوت: ماجد سامي
مونتاج إلكتروني: إيهاب الهترية
تمت أعمال المونتاج في CUBES
مونتاج: محمد فتحي
وحدة تحكم تصوير: طه طه
مدير إنتاج: عادل عبد الحميد
منتج منفذ: حماده حنفي
جرافيكس: AROMA
موسيقى التتر: هشام نزيه
مشرف استوديو: عبد الفتاح خضر
مساعد مخرج أول: أحمد فاروق، أحمد محمود
مخرج تقارير خارجية: ياسر نبيل
مخرج منفذ: هاني سمير
إخراج: يحيى ممتاز