الأدب العربي المعاصر - الجزء الثاني

2008 05 17

ضيوف الحلقة:
الدكتور عبد السلام المسدي  |  الدكتور عبده الراجحي  |  الدكتور محيي الدين اللاذقاني



 

بعد أن ناقش الجزء الأول من الحلقة قضايا الأدب العربي المعاصر المرتبطة بالشعر والنثر، انتقل الجزء الثاني من الحلقة إلى مناقشة صور أدبية أخرى، مثل: المسرح الذي يعد وسيلة مهمة للتعبير الفني وللتفاعل مع المجتمع أيضًا، لأنه لا مسرح بلا مشاهدين، فقد يكتب الشاعر لنفسه ولا يُطلع أحدًا على قصائده، لكن المسرح لا يتم إنتاجه إلا بعلاقة مباشرة بين مبدع ومتلقٍّ. ولذلك تساءل الدكتور إسماعيل سراج الدين عن حالة المسرح العربي المعاصر، فأوضح الدكتور المسدي أن المسرح بشكل عام فن أرستقراطي، بُنِيَ هيكله التاريخي على أنه منتهى الترف في لحظة الإبداع، لأنه قول وحركة وإخراج. والحركة المسرحية في الوطن العربي ضامرة لأسباب مختلفة منها فضاء المدينة، وإعادة تسويقه عبر شاشة التلفاز، بالإضافة إلى مشكلة أخرى يطرحها المسرح حول اللغة: بأي لغة يكون المسرح العربي ناجحًا: بالفصحى أم بالدارجة؟

ولكن الدكتور سراج الدين قال بأن المسرح في القرن السادس عشر كان شعبيًّا لا أرستقراطيًّا، وتساءل عن العلاقة بين شاشة التلفاز والنص المسرحي، قياسًا على أن الأغنية مثلاً نوع من الشعر، وقد أجاب الدكتور الراجحي بأنه من المهم أن نلتفت إلى حرص العرض التلفزيوني على تحقيق الربح التجاري؛ لذلك يختار مسرحيات خفيفة مضحكة يقبل عليها الناس بغرض التسلية. ونحن نلاحظ مثلاً أن بعض مسرحيات شكسبير - مثل الملك لير - كانت تُعرض على المسرح حتى وقت قريب، لكن التلفاز لم يعرض شيئًا منها، فعلّق الدكتور سراج الدين بأن مسرحيات شكسبير تم عرضها تلفازيًّا من خلال أفلام كثيرة.

وفي هذا السياق رأى الدكتور اللاذقاني أن استمرار مسرح شكسبير يرجع لكونه مسرحًا سياسيًّا، فالمكوّن السياسي مهم للمسرح. لذا من أسباب أزمة المسرح العربي المعاصر عدم وجود حريات في العالم العربي، بينما كان من أسباب حيوية مسرح شكسبير أنه لمس الهموم الإنسانية كما لمس دسائس الملوك ونظُم الحكم والصراعات السياسية؛ هذه الأمور ينبغي أن تظللها حرية سياسية، وتقاليد للفرجة على المسرح، وهما غير موجودين في العالم العربي. لكن الدكتور سراج الدين أشار إلى بعض المسرحيات العربية المعاصرة التي تتناول الأوضاع السياسية، مثل: كأسك يا وطن، وشقائق النعمان.

ثم عاد الدكتور سراج الدين يتساءل عن إمكانية اعتبار العرض التلفازي للمسرحية نوعًا جديدًا من المسرح، باعتبار أن مسرح شكسبير مثلاً يُعرَض الآن بطرق تكنولوجية حديثة لم يستخدمها شكسبير، فأوضح الدكتور المسدي أهمية الانتباه للفرق بين تقاليد المسرح من حيث الفرجة والتقاليد المسرحية من جهة، وبين فكرة التمثيل وعرض العمل تلفازيًّا من جهة أخرى، وأشار أيضًا إلى الرواج الكبير الذي يحققه التلفاز للروايات التي تتحول إلى أفلام أو مسلسلات مثلاً؛ بحيث يمكننا أن نقول إن الذاكرة العربية تأقلمت تمامًا مع مبدأ "التمثيل" ومشاهدة العمل على الشاشة الصغيرة. وقد نوّه الدكتور الراجحي بأهمية متابعة نشاط المسرحيين الشباب، على مستوى المسرح التجريبي، أو مسرح الهناجر، أو مسرح القهوة، ولا ننسى أيضًا أن فن المسلسلات تطور كثيرًا وصار بعضه يدخل في باب الأدب الممتاز، مثل أعمال المؤلف أسامة أنور عكاشة.

ومرة أخرى اختلف الدكتور اللاذقاني مع الدكتور الراجحي حول الربط بين المسلسلات والمسرح باعتبار أن كلاًّ منهما فن مستقل بذاته، فالمسرح فن تحريضي لا يناسب المتفرّج الكسول الذي يشاهد المسلسلات في منزله دون النزول للمسرح. واتفق مع ذلك الدكتور المسدي مؤكدًا أن المسرح العربي مسيّس في معظمه، بل كان أحيانًا الصيغة الرمزية العليا لبث الرسالة السياسية. ولذلك نلاحظ أن سر النجاح الكبير لمسرح دريد لحام في سوريا ومسرح عادل إمام في مصر هو الحس الكوميدي والسياسي فيهما، لأن الجماهير الشعبية كانت متعطشة للكوميديا نقلت الرسالة السياسية المبطنة للجماهير.

وكان للدكتور سراج الدين رؤية مغايرة لهذه القضية، فحين كانت أوروبا تغلي بالأحداث الجسيمة في بدايات القرن العشرين، كان بيكاسو وسلفادور دالي وغيرهما من الفنانين التكعيبيين والسرياليين يعبرون عن هذه الأزمات تعبيرًا مغايرًا تمامًا لذائقة الجماهير ورؤاها السياسية؛ حيث كانت لوحاتهم شديدة التعقيد، لكنهم مع ذلك قدموا فنًّا رفيعًا وساهموا في الارتقاء بالذائقة الفنية. وهنا عاد الدكتور اللاذقاني ليؤكد على أهمية الأصالة في العمل الفني بعيدًا عن أي مكوّن سياسي أو أيديولوجي قد يتضمنه العمل أو لا يتضمنه.

بعد ذلك انتقلت المناقشة إلى أثر فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل، فأجاب الدكتور الراجحي بأن هذا الفوز له أبعاد مختلفة، منها زيادة الدافعية لدى الإنسان المصري للفوز والنجاح، فقد فاز بجائزة نوبل بعد محفوظ الدكتور البرادعي والدكتور زويل، لكنه من ناحية أخرى ربما يكرّس نموذجًا يستحيل تكراره. وأوضح الدكتور المسدي أن فوز محفوظ أدى لتسليط الضوء على أدبه، كما مثّل لحظة تاريخية لرفع الظلم عن الثقافة العربية، وهذا ما جعل العرب جميعًا يحتفون بفوزه. وأشار الدكتور اللاذقاني إلى أن محفوظ كان أذكى من استفاد من التراث العربي والإسلامي، مؤكدًا على أن التراكم الحضاري لمصر يؤهل أبناءها لنيل جائزة نوبل في أكثر من مجال.

وفي نهاية الحلقة تحدث الضيوف عن أدب الطفل، وأشاد الدكتور سراج الدين بالطفرة الكبيرة على المستوى العربي في مجال أدب الطفل. وهنا نوّه الدكتور المسدي بحيوية هذا المجال وتطوره منذ فترة طويلة. وتم استعراض تجربة الكاتبة التونسية سمر المزغني والإشادة بها، ولكن الدكتور اللاذقاني طالب بأهمية تطوير صناعة النشر في مجال أدب الطفل.

فريق العمل (داخل المكتبة):

إعداد وتقديم: د/ إسماعيل سراج الدين
فريق الإعداد: د/ خالد عزب، محمد مطش، محمد السيد، أيمن الشربيني


فريق العمل (خارج المكتبة):

إشراف عام: سوزان حسن
منتج: أحمد طه
قراءة تعليق: محمد عبد الوهاب
مدير تصوير: جلال الزكي
مشرف إضاءة: عماد عبد القادر
تصوير: سامح صيام، هشام عزت، هاني فاروق، أحمد حسين
كرين: هشام مبارك، محمد عبد الوهاب
مخرج فني: أحمد المناويشي
مهندس ديكور: أيمن فتحي
مهندس مساعد: سيد وجيه، محمد نصر
تم التصوير باستوديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي- استوديو 403
مهندسو الاستوديو: عطا عابد
م.كاميرات :محمد المملوك، يسري الشحات
م.صوت: محمد سليمان، كامل أبو المجد
كمبيوتر إضاءة: محمود فريد، خالد عبد الهادي
مهندس الصوت: ماجد سامي
مونتاج إلكتروني: إيهاب الهترية
Post Production: GOOD NEWS، محمد فتحي
مساعد مونتاج: صلاح أبو سنه، سيد عبد الله
وحدة تحكم تصوير: طه طه
مدير إنتاج :عادل عبد الحميد
منفذ إنتاج: حماده حنفي
جرافيكس: AROMA
موسيقى التتر: هشام نزيه
مشرف استوديو: عبد الفتاح خضر
مخرج تقارير خارجية : ياسر نبيل
مساعد مخرج :عمرو ربيع
مساعد مخرج أول: أحمد فاروق، أحمد محمود
مخرج منفذ: هاني سمير
إخراج: يحيى ممتاز