النهضة الطبية في القرن التاسع عشر

2008 08 16

ضيوف الحلقة:
الدكتور خالد فهمي  |  الدكتور عماد هلال



 

 بدأت الحلقة بمناقشة دور محمد علي باشا في تأسيس مصر الحديثة ونهضتها بعد تصفية المماليك في مذبحة القلعة عام 1811 وتفرغه لمشروعه النهضوي الكبير، فأرسل مبعوثين مصريين إلى فرنسا مثل بعثة رفاعة الطهطاوي، كما استقدم علماء فرنسيين إلى مصر لتأسيس نهضة علمية، فمنهم من أشرف على إصلاح الجيش والدواوين والصناعة، ولكن الدكتور خالد فهمي رأى أن أهم إنجازات محمد علي كان النهضة الطبية لأنها أثّرت كثيرًا على حياة المصريين. وقد جاء الطبيب الفرنسي كلوت بك إلى مصر عام 1824 وعُين في الحكومة المصرية عام 1825.

وفي ذلك الوقت اقتنع محمد علي بأهمية الخدمات الطبية خاصة بعد حملة المورة، لأن الجنود الذين ماتوا بسبب المرض والجروح كانوا أكثر من الذين قُتلوا في المعارك. وقد أشار عليه كلوت بك بأن الأهم من استقدام أطباء أجانب للجنود، أن ينشئ مدرسة طبية لتعليم الطب في مصر، وكانت الفكرة في البداية خاصة بعلاج الجنود. والطريف أنه اقترح أيضًا أن يكون التعليم في هذه المدرسة الطبية باللغة العربية، فتم إنشاء مدرسة الطب بأبي زعبل عام 1827، ثم نُقِلت للقصر العيني عام 1837.

ثم تساءل الدكتور سراج الدين عن الفارق بين الطب في مصر آنذاك والطب في الهند مثلاً، فأوضح الدكتور فهمي أن هناك مجالاً تاريخيًّا الآن يدرس ما يسمى بالطب الكولونيالي (الطب الاستعماري)، ومن المتفق عليه أن الطب الاستعماري لا يرتبط بكون اللغة التي يستخدمها الأطباء لغة المستعمِر أم الشعب، ولا بكونه يخدم الفئة المستعمرة أم يخدم الناس العاديين، بل يرتبط أساسًا بالنظرة العنصرية من المستعمِر إلى المستعمَر، فقد كان الإنجليز يعتقدون أن الهنود متخلفون لسبب أصيل، أي لعرقهم وطبيعتهم الخاصة؛ وبالتالي فهم غير مستحقين لأي عناية صحية لأنهم غير قادرين على العناية بأجسادهم أصلاً، وهذا ما لم يقلْه كلوت بك أبدًا.

وهنا أثار الدكتور سراج الدين سؤالاً حول قدرة المنظومة الطبية في عهد محمد علي على مواجهة الأمراض المتوطنة بمصر، وقد أوضح الدكتور فهمي أن هذه المؤسسة لم تكن مقصورة على القاهرة، بل كانت متغلغلة في البنادر والأرياف من خلال وجود مكتب صحة في كل مديرية، وكان المكتب يضم طبيبًا مصريًّا وطبيبًا أوروبيًّا وطبيبًا ثالثًا وحكيمة متخرجة من مدرسة القابلات، وممرضين. وهذه النواة الطبية كانت مسئولة عن الدايات وحلاقي الصحة الذين كانوا يعتبرون محور العمل الطبي، وكانوا يقومون بعمليات التطعيم بعد أن يحصلوا على دورات تأهيلية تمييزًا لهم عن الحلاقين العاديين.

ثم تمت مناقشة تجربة علي باشا إبراهيم حين قام سنة 1928 بنقل المدرسة والمستشفى إلى المقر الحالي: القصر العيني الجديد (ويُسمى الآن القصر العيني القديم)، فاتفق المتحدثون على أنه أضاف تجديدات مهمة، مثل إنشاء أول مجلة طبية وتأسيس الجمعيات والمؤتمرات الطبية، كما عاد القصر العيني كما نشأ: مصريًّا بروح إنسانية تهدف إلى علاج البسطاء بلا مقابل، وتحسين الظروف الصحية للمجتمع المصري.

ومن الملفت أن علي باشا إبراهيم نشأ نشأة متواضعة في مدينة مطوبس، حيث عارض والده أن يستمر في تعليمه لكن والدته أصرت على ذلك حتى أثبت نبوغه وتفوقه، وواصل تعليمه في ظروف بالغة القسوة بعد أن سيطر الإنجليز على التعليم في مصر وجعلوه مكلفًا، وكرسوا عدم الثقة في كل ما هو مصري؛ سواء في الطب أو في غيره. وهنا تتضح عبقرية علي باشا إبراهيم في قيادته لنهضة طبية أعادت إحياء النهضة الطبية التي أسسها كلوت بك في بداية القرن التاسع عشر، وفي تأسيسه كلية الطب بالإسكندرية، وعمله وزيرًا للصحة؛ مما أعاد الثقة في الطب المصري بعد تأسيس الطب المصري الحديث رغم ظروف الاحتلال، لكن الأمل والثقة في استقلال مصر كانا مسيطرين على شخصيات مصرية كثيرة في هذا الجيل الذي تميز بالتواصل مع المنجز الغربي دون خوف منه او تضاؤل أمامه.

فريق العمل (داخل المكتبة):

إعداد وتقديم: د/ إسماعيل سراج الدين
فريق الإعداد: د/ خالد عزب، محمد مطش، محمد السيد، أيمن الشربيني
منتج منفذ: مكتبة الإسكندرية


فريق العمل (خارج المكتبة):

إشراف عام: سوزان حسن
منتج: أحمد طه
قراءة تعليق: محمد عبد الوهاب
مدير تصوير: محمد شفيق
مشرف إضاءة: محسن جاد
تصوير: سامح صيام، هشام عزت، هاني فاروق، أحمد حسين
كرين: هشام مبارك، محمد عبد الوهاب
مخرج فني: أحمد المناويشي
مهندس ديكور: أيمن فتحي
مهندس مساعد: سيد وجيه، محمد نصر
تم التصوير باستوديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي- استوديو403
مهندس الاستوديو: عطا عابد
م.كاميرات: محمد المملوك، يسري الشحات
م.صوت: محمد سليمان، كامل أبو المجد
كمبيوتر إضاءة: محمود فريد، خالد عبد الهادي
مهندس الصوت: ماجد سامي
مونتاج إلكتروني: إيهاب الهترية
Post production: GOOD NEWS، محمد فتحي
مساعد مونتاج: صلاح أبو سنه، سيد عبد الله
وحدة تحكم تصوير: طه طه
مدير إنتاج: عادل عبد الحميد
منتج منفذ: حماده حنفي
جرافيكس: AROMA
موسيقى التتر: هشام نزيه
مشرف استوديو: عبد الفتاح خضر
مساعد مخرج أول: أحمد فاروق، أحمد محمود
مخرج تقارير خارجية: ياسر نبيل
مخرج منفذ: هاني سمير
إخراج: يحيى ممتاز