هل الحيوانات ذكية حقًّا؟

شارك

الحيوانات كائنات لطيفة، وكلنا يعرف ذلك؛ ولكن، هل تعلم أنها فائقة الذكاء أيضًا؟ يعتقد معظمنا دائمًا أن الحيوانات مخلوقات بسيطة تجول الأرض بحثًا عن الطعام؛ إلا أن الدراسات الحديثة أظهرت أنها ليست بتلك البساطة. فالحيوانات مخلوقات ذكية، ولديها مهارات جيدة لحل المشكلات، وعلى درجة عالية من الوعي بما حولها.

فقد أجرت الدراسات التي تركز على سلوك الحيوانات والطيور اختبارات على الأفيال والخيول وطيور الغاق. على سبيل المثال، تم اختبار وعيها الذاتي من خلال «اختبار المرآة»؛ لتحديد مقدرتها على التعرف على نفسها في المرآة. فاجتازت الاختبار فصائل قليلة، مثل القردة العليا والدلافين والأفيال. ويُعتقد أن قدرة الحيوانات على إدراك نفسها ترتبط بعمليات أكثر تعقيدًا من إدراك المنظور والتعاطف.

وقد ابتكر اختبار جديد للمرآة لقياس وعي الحيوانات بأجسادها وعلاقتها ببيئاتها المادية. فتم إعداد ذلك الاختبار بناءً على اختبار آخر يُطلب فيه من الطفل دفع عربة تسوق ملتصقة بسجادة يقفون عليها. وعُدل ذلك الاختبار ليتوافق مع الأفيال الآسيوية؛ حيث تسير الأفيال على سجادة مطاطية ملصق بها عصا عن طريق حبل، ويُطلب منها التقاط العصا وتمريرها إلى الشخص الذي يقوم بالاختبار الواقف أمامها. أراد الباحثون تحديد ما إذا كان بإمكان الأفيال ملاحظة أجسادها كعائق، ومراقبة كيف ومتى تنزل الأفيال عن السجادة؛ حيث يتم في مرحلة ما في الاختبار فصلها عن العصا، وهذا ما يعني إمكانية تمريرها أثناء الوقوف على السجادة.

تقول ريتشل دايل، طالبة دكتوراه بجامعة الطب البيطري في فيينا «تعد الأفيال من أكثر الحيوانات على كوكب الأرض ذكاءً، ولكننا ما زلنا في حاجة إلى مزيد من الأدلة العلمية والتجريبية لدعم هذا الاعتقاد». وأضافت ريتشل «على سبيل المثال، نعلم أن الأفيال قادرة على التعاون والتعاطف والتعرف على نفسها في المرآة؛ وتلك القدرات غير اعتيادية للحيوانات ونادرة جدًّا  بين غير الرئيسيات؛ فأردنا معرفة ما إذا كانت تعي أيضًا أجسادها».

والخيول أيضًا ليست أقل ذكاءً من الأفيال الآسيوية. فأظهرت دراسة سلوكية أن الخيول عند مواجهتها لمشكلة ليس لها حل تستخدم إشارات بصرية ولمسية لجذب انتباه البشر طلبًا للمساعدة. وهذه الدراسة تظهر أيضًا أن الخيول تغير من سلوكها التواصلي بناءً على معرفة الإنسان بذلك الموقف.

ففي تلك الدراسة، تحقق العلماء من المهارات المعرفية الاجتماعية مع البشر في المواقف المتعلقة بحل المشكلات؛ حيث يخبأ الطعام في مكان يمكن للبشر فقط الوصول إليه. في التجربة الأولى، خُبئ الطعام في دلو لا يتمكن الحصان من الوصول إليه؛ فلاحظ الباحثون إشارات الحصان إلى حارسه – غير مدرك للوضع – عند وصوله. فبقي الحصان بالقرب من حارسه ونظر إليه ولمسه ودفعه. وتلك الإشارات أطلقها الحصان على فترات طويلة في حين ظل الطعام مخبأً. أظهرت هذه التجربة أنه عندما تواجه الخيول مشكلة لا تقدر على حلها، فإنها ترسل إشارات بصرية وجسدية للبشر.

بناءً على نتائج التجربة الأولى، أُجريت التجربة الثانية، التي من شأنها إثبات ما إذا كان سلوك الحصان يتغير وفقًا لمدى معرفة الحارس بالطعام المخبأ. فأثبتت التجربة الثانية أن الحصان يطلق إشارات أكثر عندما لا يرى الحارس موقف حجب الطعام؛ وهذا يدل على أن الخيول لها مهارات إدراكية اجتماعية عالية تسمح لها بتغيير سلوكها بسهولة وفقًا لمعرفة البشر للموقف.

علاوة على ذلك، أُجريت دراسات سلوكية واختبارات على الطيور البحرية، وكانت النتائج مذهلة. فمن المتعارف عليه أن زعنفيات الأقدام والحيتان وغيرها من الحيوانات البحرية بإمكانها السمع تحت الماء، ولكن لأول مرة أظهر العلماء أن طيور الغاق تتمتع بتلك القدرة أيضًا. فمن المنطقي أن تكون لها قدرة على السماع تحت الماء؛ محاكية للبيئة التي تبحث فيها عن طعامها. وعبر الباحثون عن فائدة ذلك؛ حيث تعتمد طيور الغاق على تلك المقدرة في العثور على طعامها عندما تكون المياه غير نقية، أو إذا كانت تحيا في المناطق القطبية الشمالية؛ حيث يستمر الظلام لفترات طويلة.

وبعيدًا عن سلوك الحيوانات البحرية، ألقى ذلك الاكتشاف الضوء أيضًا على كيفية تأثير بعض السلوكيات البشرية على حيوانات المحيطات التي تبحث عن الطعام. وتنوع الأصوات التي هي من صنع البشر بين دوران توربينات الرياح وحركة السفن إلى الدراجات المائية ومنصات الحفر.

من خلال ذلك، يتضح لنا أن الحيوانات ليست مخلوقات حمقاء؛ بل هي في الواقع كائنات ذات مهارات استثنائية. وما زال فضولنا يدفعنا إلى معرفة المزيد من أسرار عالمها السحري!

المرجع

sciencedaily.com


*هذا المقال منشور في مجلة كوكب العلم المطبوعة، عدد خريف 2017.

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية