النساء على متن مهمة الكوكب الأحمر

شارك

العمل مع وكالة ناسا للفضاء هو حلم يراود عديدًا من البشر، وبالأخص هؤلاء الذين يتمنون أن يطأوا يومًا سطحًا يبعد عن الأرض ملايين الكيلو مترات. والنساء هن جزء من ذلك الطموح الإنساني العظيم؛ فقد بدأت وكالة ناسا في إدراج النساء ضمن رواد الفضاء منذ عام 1978. منذ ذلك الحين سافر عديد من النساء إلى الفضاء، والآن ونحن نتطلع لزيارة المريخ، فسوف تكون النساء على متن أول مهمة بقيادة البشر إلى الكوكب الأحمر.

كل أربعة أو خمسة أعوام تقبل وكالة ناسا مجموعة جديدة من رواد الفضاء المتدربين؛ حيث يكونون على أعلى مستويات الكفاءة ويخوضون عمليات مكثفة للتقدم والتدريب. وتتكون دفعة رواد الفضاء المتدربين لعام 2013 من أربع نساء وأربعة رجال، تم اختيارهم من بين 6100 متقدم، مما يظهر مدى صعوبة أن يصبح المرء رائدًا للفضاء؛ فعلى المتقدمين النجاح في اختبارات جسدية ونفسية متعددة ومعقدة لاختبار مدى استعدادهم للمهام الفضائية.

يتبع ذلك تدريب شاق ومكثف؛ حيث يتحتم عليهم اكتساب عديد من المهارات التي من شأنها أن تساعدهم أثناء رحلاتهم إلى الفضاء الخارجي. أحد الأمور التي يجب عليهم القيام بها هو اختبار انعدام الوزن، الذي يصاحب الوجود في الفضاء الخارجي؛ حيث يقومون بركوب طائرة تحاكي نفس الظروف. بالإضافة إلى ذلك، عليهم التدريب على قيادة الطائرات الخارقة للصوت، وهو أمر ليس بهين.

تلك المجموعة الجديدة من رواد الفضاء ستكون الأولى التي تتدرب وتستعد لرحلة إلى كوكب المريخ، ويتوقع القيام بها في غضون 15 إلى 20 عامًا من الآن. فبينما يستعد رواد الفضاء لرحلتهم إلى المريخ، فلن يتحقق ذلك إلا عندما ينجح المهندسون والعلماء في بناء مركبة فضائية مناسبة لتلك الرحلة. فالتكنولوجيا المطلوبة للسماح بمهمة إلى المريخ بقيادة البشر لا تزال قيد التطوير؛ حيث يستلزم على تلك المركبة أن تتحمل رحلة مدتها تسعة أشهر إلى الكوكب الأحمر.

من بين هؤلاء المهندسين إليزابيث روبرتسون، وهي مهندسة دفع بمركز مارشال للطيران الفضائي في ولاية ألاباما الأمريكية قامت مؤخرًا مع فريقها بإنجاز هام من شأنه المساعدة على تنفيذ المهمة؛ حيث استطاعوا تصنيع مضخة توربو ستكون جزءًا من محرك الإطلاق بمركبة فضاء المريخ.

تلك المضخة هي قطعة شديدة التعقيد استطاعت روبرتسون تصنيعها عن طريق الطباعة ثلاثية الأبعاد، وهي التقنية التي تساعد كثيرًا على التقدم سريعًا؛ فما كان يستغرق أعوامًا لتحقيقه يمكن الآن تحقيقه في غضون أشهر. وهذا الأمر عظيم؛ لأنه يسمح للعاملين باختبار ما يعملون عليه لتصحيحه وتعديله أثناء عملية تصنيع أجزاء المحرك. كما أن تكلفة الطباعة ثلاثية الأبعاد أقل من التصنيع التقليدي؛ وهو ما يساعد على تسريع عملية تصنيع مركبة الفضاء المتجهة إلى المريخ.

بالإضافة إلى ذلك، توفر تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد مرونة كبيرة في تصميم المحركات؛ فتقول روبرتسون: «لم نعد مقيدين بالأدوات والخطوط المستقيمة. فيمكن تحويل ممرات التبريد لتصبح غطاءات، ويمكن بناء عدة أجزاء في قطعة واحدة، وكذلك يمكن تغيير سمك الجدران في جزء ما لإضافة قوة أو نزعها حسب الحاجة».

ومن مهندسات ناسا أيضًا تريزا فانهوزر، وهي المعنية بالإشراف على المجهودات المتعلقة بمهمة المريخ بقيادة البشر، بالإضافة إلى مهامها الأخرى. فهي ثاني مسئولين بمركز مارشال للطيران الفضائي في ألاباما، وبذلك فهي مسئولة عن قيادة 6000 شخص هم موظفو المركز. وهي أيضًا مسئولة عن رواد الفضاء الذين سوف يسافرون لاستكشاف المريخ، وعن ملياري دولار ونصف المليار هي ميزانية المركز.

بدأت فانهوزر العمل بمركز مارشال للطيران الفضائي في تسعينيات القرن الماضي؛ فكانت أول امرأة بالمركز تترأس مهمة تابعة للمعمل الفضائي (Spacelab)، وهو المعمل الذي يطير على متن المركبة الفضائية. وهي أيضًا مسئولة عن: «قيادة القمر الاصطناعي الخاص ببيانات البيئة سيرفير (SERVIR)، وتلسكوب الفضاء بالأشعة السينية شاندرا (Chandra X-ray Space Telescope)، والاختبار الحرج لتلسكوب الفضاء جايمس ويب
(James Webb Space Telescope) الجديد – وهو أقوى آلة رصد فضائي». إلا أن أكثر ما تتحمس فانهوزر للعمل عليه هو ما يقوم به المركز حاليًّا لتحقيق مهمة المريخ بقيادة البشر.

حتى الآن، لم يزر الكوكب الأحمر سوى المركبات دون الملاحين؛ إلا أنه في المستقبل القريب سوف تطأ أقدام البشر سطحه. فحاليًّا يعمل الرجال والنساء جنبًا إلى جنب لتحطيم العوائق والوصول إلى التكنولوجيات الحديثة التي من شأنها أن تضع البشر قريبًا حيثما لم يظنوا سابقًا أن يكونوا.

المراجع

www.smithsonianmag.com
www.forbes.com
www.forbes.com/sites/
www.forbes.com/sites/leoking


*المقال منشور في مجلة كوب العلم، عدد النساء والعلم (ربيع 2016).

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية