الكيمياء صديقة البيئة

شارك

في العقدين الأخيرين ساعدت حركة الكيمياء الخضراء على جعل الصناعة أكثر نظافة واستدامة. غير أن العقليات تتغير ببطء، وتلك الثورة لا يزال أمامها طريق طويل وصعب.

الكيمياء الخضراء فلسفة ثورية بدأت قبل عشرين عامًا، وتسعى إلى توحيد الحكومة، والمجتمعات الأكاديمية والصناعية؛ عن طريق وضع مزيد من التركيز على الآثار البيئية في المراحل المبكرة من الابتكار والاختراع.

وآنذاك أدركت الصناعات الكيميائية أخيرًا أنه يجب أن "تطهر تصرفاتها". فقد تدمرت مكانتها البيئية بسبب كارثة "بوبال" الكيميائية التي أدت إلى مقتل 3.000 فرد على أقل تقدير، والتي لا تزال حية في ذاكرة الناس، وبسبب الكميات الهائلة من النفايات السامة التي تطلقها المصانع الكيميائية مسممة الأرض، والمياه، والهواء.

وعندما حاولت الشركات أن تتصرف بمسئولية تجاه مخلفاتها، كانت أحجامها مخيفة. والنتيجة هذه؛ فبينما كانت الشركات الكيميائية تكافح للتعامل مع الأنظمة البيئية التي تزداد صرامة، كان هناك خطوة صناعية واسعة نحو ما ندعوه غالبًا "الكيمياء الخضراء"، وهو مصطلح قدَّمه بول أناستاس في عام 1991؛ حيث كان حينها كيميائيًّا بوكالة حماية البيئة الأمريكية1، ذا الثماني والعشرين عامًا.

وكما تمت صياغتها ببساطة، فالكيمياء الخضراء هي استخدام مجموعة تقلل/ تمنع استخدام/ توليد المواد الخطرة في تصميم المنتجات الكيميائية، وتصنيعها، وتطبيقها.

والهدف من الكيمياء الخضراء لم يكن قطُّ مجرد التطهير، كما يوضح أناستاس. ففي تصوره تدور الكيمياء الخضراء حول إعادة تصميم العمليات الكيميائية من الألف إلى الياء. وتدور حول جعل الكيمياء الصناعية أكثر أمانًا، ونظافة، وكفاءة في استخدام الطاقة عبر المراحل التي يمر بها المنتج، بداية من التجميع ووصولاً إلى تطهيرها، والتخلص منها. كما تدور حول استخدام مواد خام متجددة قدر الإمكان، وإجراء تفاعلات عند درجة حرارة وضغط البيئة المحيطة، وفوق كل ذلك تقليل النفايات السامة من البداية أو الحد منها، عوضًا عن الإنفاق المستمر في تنظيف الفوضى بعد وقوعها. ويقول أناستاس: "إنها أكثر فعالية، وأكثر كفاءة، وأكثر أناقة، ببساطة: إنها كيمياء أفضل".

إذا كانت الكيمياء الخضراء مثالية ويسهل وصفها، ومع ذلك فإن تحقيقها يمكن وصفه بأي شيء عدا السهولة.

وعلى الرغم من أن عديدًا من الكيميائيين، والمنظمات، والشركات تسعى بنشاط لتطبيق الكيمياء الخضراء، فما زال هناك عديد من العوائق التي تحول دون تقدمها، وتشمل نقصًا عامًّا في التوعية، والتدريب في المدارس، والجامعات، والشركات، والإدراك الإداري بأن الكيمياء الخضراء تكلفة دون فوائد.

وبما أن تخضير أية عملية هو دائمًا مفاضلة بين الفوائد، والجدوى، والتكاليف؛ فلا يكون "الأخضر" الرابح دائمًا.

والتحدي ليس فقط في إيجاد بدائل آمنة بيئيًّا للمواد والتكنولوجيات الحالية وتقديمها عبر كافة أنواع الصناعات، ولكن أيضًا في إثبات ارتفاع قيمة تلك البدائل الاقتصادية، وعملها بكفاءة الاختيارات التقليدية السامة.

ولكن عديد ممن يدافعون عنها يدَّعون أن الحاجز الرئيسي الذي يعوق التبني الأوسع للكيمياء الخضراء هو العقلية التي لم يتم تدريبها على معالجة آثار ما نقوم به باعتباره جزءًا جوهريًّا من عملنا.

ولابد أن تخضع تلك العقلية للتغير إذا ما أردنا تحقيق اقتصاد صحي ومستدام أكثر من أي وقت مضى.

المصطلحات

1) وكالة حماية البيئة الأمريكية هي وكالة تابعة للحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة الأمريكية، ومكلفة بحماية صحة الإنسان والبيئة؛ عن طريق وضع وتطبيق الأنظمة القائمة على القوانين التي يقرها الكونجرس.

المراجع

nature.com
wikipedia.com

 

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية