علم الغذاء وحفظه

شارك

يُعنى علم الغذاء بالجوانب الحيوية، والكيميائية، والفيزيائية للأطعمة، وذلك بداية من حصاد الثمار أو ذبح الماشية أو الطيور وصولًا إلى تناولها؛ أي "من المزرعة إلى المائدة". وتكنولوجيا الغذاء – على صعيد آخر – هي تطبيق علم الغذاء عند اختيار الأطعمة النافعة الآمنة، وحفظها، ومعالجتها، وتعبئتها، واستخدامها.

تتضمن عملية حفظ الأغذية وقايتها من نمو الأحياء الدقيقة عليها - مثل: البكتيريا، والفطريات، والخمائر، وغيرها- وتثبيط عمليات الأكسدة والتفاعلات الإنزيمية لزيادة عمر المنتج الغذائي، بالإضافة إلى الحفاظ على جودته لمدة أطول. ويعد حفظ الأغذية من التقنيات التي استخدمت منذ عصور؛ ففي الماضي، استخدم الناس الطرق الأساسية البسيطة للحول دون فساد طعامهم ولتخزينه لفترات أطول. فقاموا بتجفيف الفواكه والخضراوات اعتمادًا على حرارة الشمس، وتمليح اللحوم والأسماك، وتخمير الألبان. وعلى الرغم من أن أساليب الحفظ كانت بدائية والإضافات المستخدمة كانت طبيعية، فإن هذه الطرق البسيطة أنقذت أرواحًا كثيرة في أوقات المجاعات، والحروب، والكوارث الطبيعية.

وها قد تغير الزمن وأحدثت العلوم والميكنة والتقنية طفرة في مجال حفظ الغذاء. فقد اكتشفت البسترة، وأصبحت الآلات تقوم بأغلب العمل، وأصبحت المجففات كهربائية، ودخلت الإضافات الكيميائية للأغذية حيز الاستخدام على نطاق واسع. فالآن أصبحت العملية مميكنة بالكامل بأقل تدخل ممكن من البشر.

تقنيات رائجة لحفظ الأغذية

التجفيف: يعد التجفيف إحدى أقدم الطرق المستخدمة في حفظ الطعام، وهو يعتمد على إزالة محتوى المياه من المنتج الغذائي. أما قديمًا، فقد اعتاد البشر تجفيف الأطعمة عن طريق تعريضها لضوء الشمس، أو الهواء، أو الرياح؛ وأما حديثًا، فتستخدم تقنيات وآلات بجانب الطرق القديمة، مثل مجففات الطعام الكهربائية، أو مجففات الرش، أو الطبل الدوارة، التي تستخدم لصناعة مساحيق الألبان والعصائر.

التدخين: تعد هذه العملية أيضًا من أقدم طرق حفظ الغذاء، وهي تتم من خلال تعريض الأطعمة للدخان المنبعث من الأخشاب المحترقة؛ حيث تعمل المكونات الكيميائية لهذا الدخان بمثابة مواد حافظة للطعام، كما تجففه الحرارة. ومن الأمثلة الشهيرة لهذه التقنية السمك المدخن، الذي يتم تمليحه ثم تدخينه لضمان سلامته.

التخليل: من الطرق الشهيرة لحفظ الغذاء، وهي تقوم على حفظ الأطعمة في محلول ملحي، أو خل، أو زيوت. ومن أمثلة هذه الأطعمة الخضراوات المخللة: الخيار، والزيتون، والجزر، وغيرها.

المعالجة باستخدام الملح (التمليح): تعتمد على إضافة كميات كبيرة من الملح للطعام بحيث تجف المياه بفعل التناضح. ومن الأمثلة الشهيرة الأسماك المملحة مثل السردين والفسيخ؛ إلا أن الفسيخ قد يتسبب في مشكلات صحية خطيرة إذا تم حفظه بشكل غير سليم.

التسكير (التحلية): هي تقنية مشابهة لتقنية التمليح، ولكنها تعتمد على السكر بدلًا من الملح؛ حيث يتم حفظ الأغذية في محلول سكري أو طهيها مع السكر مثلما نُصنِّع المربى.

التعليب: استحدث هذه التقنية الحلواني الفرنسي نيكولا أبير الذي اكتشف أن طهي الأطعمة ثم تعبئتها في عبوات أو برطمانات معقمة يقتل أية بقايا بكتيرية موجودة فيها أو يضعفها. وإذا تمت هذه العملية بشكل سليم، تظل الأطعمة آمنة طالما ظلت العبوات أو البرطمانات محكمة الغلق. اعتاد الناس طهي الطعام وتعقيم البرطمانات الزجاجية في المنزل، ولكن الآن تقوم مصانع مميكنة بالكامل بهذه العملية.

البسترة: اكتشفها العالم الفرنسي لويس باستور في 1862، وهي تطبق على المنتجات الغذائية السائلة فقط. وتتضمن هذه العملية تسخين الطعام لدرجة 72-75 مئوية لمدة تتراوح من 15 إلى30 ثانية، ثم تبريدها فجأة إلى درجة حرارة 4 مئوية. لا بد من حفظ الطعام المبستر في الثلاجة، ومن أشهر أمثلته الألبان.

التعقيم باستخدام درجات الحرارة شديدة الارتفاع: تعد من تقنيات البسترة الأكثر قوة؛ حيث تسخن السوائل في درجات حرارة تعادل 135-140  مئوية لبضع ثوانٍ، ثم يتم تبريدها وتحزينها في أوعية معقمة. تقتل هذه الطريقة جميع الأحياء الدقيقة الموجودة في الطعام؛ فيمكن أن تبقى الأطعمة المحفوظة بهذه الطريقة سليمة في درجة حرارة الغرفة لشهور، ومن أشهر أمثلتها عبوات الألبان والعصائر الموجودة في المتاجر.

التبريد: يعد من التقنيات الحديثة نسبيًّا؛ حيث ظهر بعد اختراع الكهرباء والثلاجات. يحفظ الطعام في درجة حرارة 4 مئوية أو أقل لتبطيء نمو الكائنات الدقيقة عليه وحدوث التفاعلات الإنزيمية. ومن الأمثلة الشائعة أية أطعمة يتم حفظها في ثلاجات المنازل، والمصانع، والمطاعم.

التجميد: تقنية شبيهة بالتبريد، وهي تتضمن تجميد الطعام عند درجة حرارة -18 مئوية أو أقل؛ مما يمنع نمو البكتيريا وحدوث التفاعلات الإنزيمية، ومن ثم حفظ الأغذية لشهور عديدة. وتستخدم هذه التقنية حاليًّا على نطاق واسع لحفظ الأطعمة الطازجة والمطهوة، ومن أمثلتها الخضراوات المجمدة التجارية، وأية أطعمة مجمدة محفوظة في المبردات المنزلية أو الكبيرة.

الإضافات الصناعية للأغذية: وهي مواد كيميائية مضادة للبكتيريا ومضادة للأكسدة تمنع فساد الطعام أو تدني جودته. وتعد هذه الإضافات آمنة طالما استخدمت وفق الكميات الموصى بها. ومن أمثلة هذه الإضافات استخدام النترات والنتريت لحفظ اللحوم المعالجة.

التشعع (الإشعاع): يطلق على هذه العملية أحيانًا "البسترة الباردة"، وهي تقنية حديثة تعتمد على تعريض الأغذية لإشعاعات أيونية تعمل على قتل الأحياء الدقيقة، والحشرات، والآفات.

نهاية، لا بد أن نعلم جميعًا أن حفظ الأغذية كان دائمًا – وسيظل – مجموعة من التقنيات التي من شأنها أن تنقذ حياة كثيرين. فيعد اتباع الممارسات الصحية الواجبة أثناء إعداد الطعام أمرًا أساسيًّا لضمان سلامة الغذاء. وعلى الرغم من أن هذا المجال قد شهد تقدُّمًا ملحوظًا، فإن الاكتشافات لا تنتهي، ولم يزل هناك الكثير في انتظارنا.

المراجع

ift.org
en.wikipedia.org
fao.org

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية