المقالات

صداقة البيئة من ذهب

شارك

مع مرور الأيام، تزداد أهمية الاعتناء بكوكبنا الوحيد؛ الأرض. فتتردد صرخات علماء البيئة في كل ركن من أركان العالم، ويبدو أن البشر قد بدأوا في الالتفات والاستماع إلى التحذيرات. فتسعى الصناعات إلى أن تصبح أكثر صداقة للبيئة، في حين تقدم الأسواق مزيدًا من المنتجات صديقة البيئة. ويشارك العلم بشكل هائل في اجتياز تلك المرحلة الانتقالية إلى التكنولوجيا صديقة البيئة، وتتقدم الكيمياء المسيرة.

صراع الطاقة

قبل أن تصل المنتجات إلينا، تُصنع وتُجمع في مصانع تحتاج بدورها إلى الطاقة لتشغيلها. ومنذ الثورة الصناعية، اعتمدت المصانع على الوقود الذي يبعث غازات الصوبة، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، الأمر الذي أصبح أحد الأسباب الرئيسية للمشكلات التي نواجهها الآن. والحل لتصحيح هذا الوضع المؤسف جعل العملية الصناعية برُمَّتها أكثر صداقة للبيئة من البداية إلى النهاية. ومن ثَمَّ، لا يجب أن يقتصر التفكير المستدام على المنتج النهائي، بل ينبغي النظر في كل مرحلة من مراحل الإنتاج.

ويشكل ذلك فرصة لتطبيق أساليب كيميائية جديدة وتكنولوجيات لتطوير الاستدامة بشكل عام. لذلك يجب على الصناعات أن تجعل تهيئة وتأمين إمدادات الطاقة البيئية المستدامة من أولوياتها، وكذلك تحسين كفاءة توليد الطاقة ونقلها واستخدامها. ويمكن للكيمياء أن تساعد على إيجاد حلول ذكية ومستدامة، ولاسيما في مجالات مثل إنتاج الطاقة وتخزينها، فضلاً عن الحفاظ على البيئة.

فعلى سبيل المثال، تُعَد صناعة الخلايا الشمسية من العمليات المكلفة للغاية والتي تتطلب كثير من الطاقة. وإن الكيمياء لمن العوامل الأساسية لتطوير وتحسين عملية التصنيع لجعلها ذات منفعة تجارية أكبر وأكثر صداقة للبيئة. وتوجد فرص عظيمة لوجود «جيل ثانٍ» من الخلايا الشمسية أكثر تنوعًا، ويعمل الكيميائيون على تطويرها؛ فمن الممكن أن تُكسى الأسطح بأفلام رقيقة من مواد شبه موصلة للطاقة، مما يتيح تحويل طاقة الشمس إلى كهرباء بصورة أكثر تكيُّفًا، كما يَعِد «الجيل الثالث» من الخلايا الشمسية بعرض تكنولوجيا من الأفلام الرقيقة أكثر تنوعًا، باستخدام مواد مثل البلاستيك الجديد والخلايا الكهروضوئية العضوية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخلاص الإلهام من وحي الطبيعة، فيستطيع الكيميائيون محاولة إيجاد طرق لمحاكاة عملية التمثيل الضوئي، ومن ثَمَّ يستفيدون من الوسائل الحيوية لجني وتخزين الطاقة الشمسية.

البديل الأخضر

تهتم الشركات الرائدة بصداقة البيئة، ولكن على صعيد آخر، نحن محاصرون بالإلكترونيات بصفة مستمرة، وقد زادت مشكلة النفايات الإلكترونية في غضون العقود السابقة. وتمثل معالجة النفايات الإلكترونية بصفة غير رسمية في الدول النامية مشكلة رئيسية فتتسبب في مشكلات صحية خطيرة. وحتى إعادة التدوير والتخلص من النفايات الإلكترونية ينطويان على مخاطر هائلة على العمال والمجتمعات؛ فلذلك، يجب توخي الحذر الشديد لتجنب التعرض للخطر أثناء عمليات إعادة التدوير وتسرب المواد مثل المعادن الثقيلة من مقالب النفايات ورماد المحارق.

وتحتوي بعض مكونات الخردة الإلكترونية، مثل أنبوب أشعة الكاثود، على ملوثات مثل الرصاص والكادميوم والبريليوم والزئبق. وهذا هو السبب في أهمية أن يصبح منتجو الأجهزة الإلكترونية أكثر وعيًا لتأثير منتجاتهم على البيئة، وأن يصبحوا أكثر انخراطًا في البحث عن طرق ومواد بديلة لصناعة تلك المنتجات.

الأعمال المنزلية صديقة البيئة

عندما نقوم بغسل الأطباق، دائمًا ما نستخدم مواد لإزالة الدهون تساعدنا في جعل العملية أسرع وأكثر كفاءة، خاصة عندما نواجه دهونًا صعبة. ولكن مواد كيماوية عديدة في تلك المنتجات ضارة لنا وللبيئة. ولكن لا داعٍ للخوف، فالكيمياء صديقة البيئة قد أتت في صورة كيماويات مصنوعة من المواد النباتية، مما يعني أنها قابلة للتحلل كليًّا وبذلك يزول خطر وجود بقايا للمواد السامة. فضلاً عن ذلك، فلا داعٍ للقلق من استنشاق الأبخرة الخطرة عند استخدام تلك المواد لإزالة الدهون.

وكذلك تعمل مواد إزالة الدهون بكفاءة أكبر من منظفات كيميائية سائلة عديدة؛ ذلك لأنها تستخدم تكنولوجيا فريدة معروفة بالتفجير الجزئي. فهي تخترق الدهون على المستوى الجزيئي وتكسرها إلى جسيمات صغيرة للغاية، ثم يتم طلاؤها للتأكد من أنها لا تعود للالتصاق ببعضها مرة أخرى أو بالسطح النظيف.

هل يمكنك أن تتخيل القيام بغسل كمية كبيرة من الملابس بدون صابون أو منظفات؟ حسنًا، أيًّا كان من ابتكر كرة الغسيل صديقة البيئة فقد كان رأيه نعم! فتقوم هذه الكرة بتنظيف الغسيل بشكل طبيعي وبرفق دون استخدام الكيماويات القاسية أو التي تسبب الحساسية؛ حيث تسخِّر قوة المياه للقيام بكل التنظيف. وتعمل الكرة عن طريق التأيُّن، أي كسر جزيئات الهيدروجين من الماء لزيادة الحركة الجزيئية. وهذا يعطي الماء قدرة اختراق عالية ويحسن خصائص الغسل الخاصة به، فتضعف كرة الغسيل من التصاق الأوساخ بالنسيج بحيث يتم إزالتها بسهولة بدون المنظفات. ووفقًا للتجارب المعملية، فإن كفاءة التبييض ومضادات البكتيريا تزيد مع كرة الغسيل.

لا يستطيع المرء تغيير حياته لمجرد رغبة شخصية، بل يجب أن يكون نتيجة قرار واعٍ لكي يستمر. فيحتاج المرء إلى اتباع أسلوب حياة أكثر صداقة للبيئة، واتخاذ الخيارات الواعية التي لها أقل قدر ممكن من الأضرار على الطبيعة الأم. يقول المثل الحكيم «إننا لا نرث الأرض من أجدادنا، ولكننا نقترضها من أطفالنا»، فلا بد أن نتطلع إلى الأمام للحفاظ على هديتنا وموطننا؛ الأرض.

المراجع

euchems.org

gogreenitems.com

eco-green-chemicals.blogspot.com

ezinearticles.com

inspiredeconomist.com


هذا المقال نُشر لأول مرة مطبوعًا في «نشرة مركز القبة السماوية العلمي»، عدد صيف 2011.

Cover image: Image by freepik

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية