يومًا ما، كان سفر الإنسان إلى الفضاء يعد أمرًا بالغ الخطورة على جميع المستويات ومحاولة تحدث مرة واحدة. فيحفل تاريخ السفر إلى الفضاء بالإخفاقات التي تُذكِّرنا بأخطار المغامرة إليه، إذ طُرحت تلك الإخفاقات في أفلام الخيال العلمي بطريقة مبالغ فيها، لدرجة أن الفضاء استخدم في تجسيد الكوابيس البشرية.
فعرضت أفلام عديدة تَعرُّض أبطالها إلى فراغ الفضاء، إذ يُعرض الفضاء على أنه مكان بارد ومظلم به كائنات فضائية، واستكشاف لمكنون نفسية الشخصيات من خلال عزلتهم الناتجة عن سفرهم إلى الفضاء. وكذلك يقدم الفضاء على أنه استكشاف لماضي البشرية، وحاضرها، ومستقبلها.
ظهرت في مطلع القرن العشرين، أعمال نظرية عن السفر عبر الكواكب مستوحاة من أعمال الخيال العلمي، مثل «من الأرض إلى القمر» لجول فيرن. وفي عام 1903، نشر قسطنطين تسيولكوفسكي أول اقتراح واقعي لرحلات الفضاء تحت عنوان «استكشاف الفضاء الكوني بواسطة الأجهزة النفاثة» والذي تبعه سلسلة من التحقيقات العلمية التي مدت عملية استكشاف الفضاء بالقوة الكافية لتصبح أمرًا ممكنًا.
وفي عام 1957، أطلقت كلٌّ من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية أولى الرحلات الفضائية المدارية، في إطار منافسة بين البلدين جلبت لمسة جذابة من الخيال العلمي إلى الحرب الباردة، وعرفت باسم «سباق الفضاء». ومنذ ذلك الحين، غامرت الإنسانية بترك وطننا -كوكب الأرض- لتصل إلى عنان السماء. ومع ذلك، فمنذ سبعينيات القرن العشرين، لم تغامر الرحلات الفضائية بالوصول إلى أبعد مما وصل إليه الرواد الأولون؛ إذ سجل عديد من رواد الفضاء قلقًا حيال الآثار السلبية المؤثرة في صحة أجسادهم.
فإذا كنا نعتقد أن الفضاء خطة بديلة للحفاظ على بقائنا أحياء ولإيجاد موارد جديدة، فعلينا إعادة النظر في ذلك. فمنذ بدء ابتكار الرحلات الصاروخية وقعت حوادث وكوارث في الرحلات الفضائية المأهولة وغير المأهولة على حدٍّ سواء؛ فتظل الرحلات المأهولة ذات أثر بالغ في العامة. وتشمل تلك الحوادث رحلة «سويوز 11» المأساوية التي وقعت في عام 1971؛ وانفجار «تشالنجر» الذي وقع في عام 1986، حين انقسم مسبار مكوك الفضاء تشالنجر التابع لوكالة ناسا بعد 73 ثانية من انطلاقه؛ وكارثة كولومبيا التي وقعت في عام 2003، عندما تحطم مكوك كولومبيا عند عودته إلى الغلاف الجوي لكوكب الأرض.
وتوجد أسباب شائعة لحوادث الفضاء ترتبط بعيوب في التصميم وبإخفاقات تكنولوجية تؤدي إلى خسارة فادحة في الأرواح. فعلى المشتغلين بعمليات السفر إلى الفضاء الالتزام بواجب التحقق من أسباب وقوع مثل تلك الحوادث ومعرفة كيفية منع حدوثها؛ إذ يمكن منع وقوع كارثة فضائية مأساوية قادمة عند تحليل مخاطر الفضاء وتحقيق مزيد من الوعي بها.
ووصول رواد الفضاء إلى وجهتهم لا يعني أنهم صاروا في مأمن من الأخطار؛ إذ يصبحون أكثر عرضة لمجموعة جديدة من المخاطر والظروف القاسية في الفضاء، مثل الإشعاعات التي يحمينا منها الغلاف الجوي لكوكب الأرض. وفي حين يوجد رواد فضاء مسئولون عن قيادة البعثات الفضائية وتحليق المكوكات، يوجد آخرون مسئولون عن الحفاظ على المركبة الفضائية والقيام بأي نشاط لازم خارجها؛ ويُطلق على رواد الفضاء المشتغلين بذلك «أخصائيو المهمة». وتؤدي الأنشطة خارج المركبة إلى دخول هؤلاء الرواد الفراغ؛ مما يعني وجود نقص جزئي أو تام لجزيئات الغاز.
فيمكن التحكم في الهواء داخل المركبة الفضائية على عكس خارجها. فلا يوجد أكسجين في الفضاء، ومن ثم لا يتمكن رواد الفضاء من التنفس دون وسيلة مساعدة. وعلاوة على ذلك، فإن درجة الحرارة منخفضة للغاية؛ مما قد يؤدي إلى تجمد رواد الفضاء إن لم يتخذوا الحماية المناسبة. ولذلك عليهم اصطحاب بيئتهم معهم عند مغادرة كوكب الأرض، وعند الحاجة إلى العمل خارج المركبة الفضائية؛ وذلك بارتداء بذلات فضاء صممت خصيصًا لتحميهم من قسوة الفضاء.
***********************
عبر الرئيس جون كينيدي عن قسوة الرحلات الفضائية في خطابه الشهير في عام 1962؛ حين قال: «لقد اخترنا الذهاب إلى القمر، لا لسهولة تلك المهام، بل لصعوبتها». واليوم، أصبحت رحلات الفضاء أسهل في التطبيق وتتم بشكل روتيني مع التقدم التكنولوجي؛ إذ صار خطر فقدان حياة الأفراد في أثناء السفر إلى الفضاء الآن أشبه بخطر تسلق قمة إيفرست.
المراجع
Space Exploration by Connie Jankowski
bbc.co.uk
english.cctv.com
mars-one.com
momentumbooks.com.au
nasa.gov
science.howstuffworks.com
space.com
spacesafetymagazine.com
spectrum.ieee.org
هذا المقال نُشر لأول مرة مطبوعًا في مجلة كوكب العلم، عدد شتاء 2017.
Cover image: source