المقالات

طاقات العناصر الأربعة: الأرض والنار

شارك

بقدر اعتمادنا عليها، أصبح فصل التيار الكهربائي عن حياة البشر أمرًا مستحيلاً بمعنى الكلمة. وقد دفع النفاد الوشيك لمصادر الطاقة غير المتجددة البشر إلى استثمار المزيد في أبحاث ومشروعات تهدف إلى توليد الكهرباء من مصادر متجددة للطاقة. وطاقات العناصر الأربعة لا تلوث بيئتنا ولا تؤذيها، كما لا يمكن لأمة أو صناعة ما أن تحتكرها؛ فهي متاحة بلا مقابل لكل إنسان على سطح الأرض.

 

الطاقة الأرضية

الطاقة الأرضية الحرارية، كما يشير الاسم، هي مصدر مستدام للطاقة المولَّدة من الحرارة التي تنتج في باطن الأرض. فالعملية المستمرة لتحلل الجسيمات المشعة التي تحدث داخل الصخور تنتج درجات حرارة مرتفعة للغاية تفوق درجة حرارة سطح الشمس.

بشكل عام، تختبئ خزانات الطاقة الأرضية الحرارية تحت الأرض على أعماق كبيرة بلا علامات ظاهرة فوق السطح، إلا أنها قد تجد طريقها إلى أعلى في صورة براكين أو نافثات بركانية، أو عيون مياه ساخنة. ويقع معظم النشاط الأرضي الحراري على الأرض في "دائرة النار"، وهي المنطقة المحيطة بالمحيط الهادئ والتي تمثل مركزًا لنشاط الزلازل والبراكين.

ويعتمد توليد الكهرباء من هذه الطاقة على مصادر البخار والمياه الأرضية الحرارية ذات درجات الحرارة شديدة الارتفاع، والتي تتراوح ما بين 150 و370 درجة مئوية. لذلك، عادة ما تقام محطات توليد الكهرباء في الأماكن؛ حيث تكمن خزانات البخار الجاف أو المياه الحرارية الأرضية على عمق حوالي ثلاثة كيلومترات؛ فيعمل البخار المتدفق على إدارة التوربينات التي تشغل مولدات الكهرباء.

وهناك ثلاثة أنواع من محطات الطاقة الأرضية الحرارية: محطات البخار الجاف، ومحطات البخار الوميض، والمحطات ثنائية الدورة. أما محطات البخار الجاف فتستخدم البخار الذي يأتي من خزانات الطاقة الأرضية الحرارية مباشرة لتدوير التوربينات المولدة للكهرباء. وأما محطات البخار الوميض، وهي النوع الأكثر شيوعًا، فتحول المياه الآتية من الخزانات الأرضية إلى بخار يستخدم في تدوير التوربينات المشغلة لمولد الكهرباء. ويتم في هذه المحطات إعادة بقايا المياه والبخار المكثف إلى جوف الأرض؛ لتُستخدم مرة أخرى، مما يجعلها مصادر مستدامة للطاقة.

وأما المحطات ثنائية الدورة فتستخدم حرارة المياه الآتية من الخزانات الأرضية لتسخين سائل عضوي آخر ذي درجة غليان منخفضة؛ فيستخدم البخار الناتج في تشغيل مولدات الكهرباء. بعد ذلك، يتم إعادة المياه إلى الخزان الأرضي الحراري لتسخن مرة أخرى، ومن ثم تستخدم مجددًا.

إن الطاقة الحرارية الأرضية مصدرًا نظيفًا لتوليد الكهرباء؛ حيث إنها لا تتطلب حرق الوقود أثناء عملية التوليد، كما أنها تتسبب في قدر قليل من الانبعاثات. وتشتمل محطات الطاقة على نظم تطهير لتنقية الهواء من كبريتيد الهيدروجين الموجود بالبخار والمياه الساخنة. والأهم من ذلك أنه يتم إعادة ضخ كميات المياه والبخار المستخدمة إلى جوف الأرض؛ ليتم الانتفاع منهما مرات أخرى عديدة.

الطاقة الشمسية

إن الطاقة الشمسية هي المصدر الرئيسي للطاقة المتجددة على سطح الأرض؛ وهي تأتي من اللب الداخلي للشمس من خلال عملية تسمى بالانصهار النووي. فعلى الرغم من أنها تبعد عن الأرض بمقدار 150 مليون كم، إلا أن للشمس قوة مذهلة؛ حيث يزعم العلماء أن قدر الطاقة الشمسية الذي يصل إلى الأرض في دقيقة واحدة من شأنه أن يلبي احتياجاتنا لعام كامل، فقط إن تمكنَّا من استغلالها بشكل صحيح.

فإلى جانب فوائد الطاقة الشمسية وأدوارها التي لا تُحصى في الحفاظ على الحياة على الأرض، يمكن أيضًا استغلالها في إنتاج الكهرباء. وهناك طريقتان مختلفتان لتوليد الكهرباء من الشمس: تقنية الخلايا الكهروضوئية (Photovoltaic) أو الخلايا الشمسية، وتقنية الطاقة الشمسية الحرارية.

تقوم الخلايا الكهروضوئية أو الخلايا الشمسية بتحويل ضوء الشمس إلى كهرباء بشكل مباشر. والمصطلح "photovoltaic" مأخوذ من الكلمة اليونانية "photos" بمعنى الضوء، وكلمة "volt" وهي وحدة قياس الكهرباء. وتُصنَّع الخلايا الشمسية من السيليكون، وهو أحد المواد الأكثر شيوعًا على وجه الأرض والمكون الأساسي للرمال.

عندما تقع أشعة الشمس على الخلايا الكهروضوئية، فإنها قد تنعكس أو تمتص. والأشعة التي تمتص هي فقط ما تمد الطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء؛ حيث تصبح قادرة على استثارة تفاعل كيميائي؛ فعندما تقع الأشعة على الخلايا الشمسية تتسبب في تحريك الإلكترونات، وبالتالي بدء تيار كهربائي. وللأسف، فإن الخلايا الكهروضوئية ليست اقتصادية مقارنة بتقنيات توليد الكهرباء الأخرى؛ حيث تقوم الخلية الواحدة بتوليد وات واحد أو اثنين من الكهرباء.

أما نظم الطاقة الشمسية الحرارية، والتي يطلق عليها أيضًا الطاقة الشمسية المركزة، فتستخدم حرارة الشمس – وليس ضوءها – لتوليد الكهرباء. وتستخدم معظم نظم الطاقة الشمسية الحرارية أسطحًا عاكسة مُجمِّعة لتركيز ضوء الشمس على مُستقبلٍ يقوم بدوره بتسخين سائل إلى درجة الغليان، ومن ثم يستخدم البخار الناتج في تشغيل مولدات الكهرباء. غير أن محطات الطاقة الشمسية الحرارية تتطلب كميات كبيرة من المياه لعمليات التبريد والتنظيف المستمرة. كما أنه من الممكن أن تموت الطيور والحشرات في حال مرورها عبر الشعاع المركز لضوء الشمس.

للطاقة الشمسية مقومات كبيرة للمستقبل؛ فهي طاقة مجانية، وإمداداتها من الطاقة نظيفة وغير محدودة. إلا أن كلفة بناء محطات طاقة شمسية لم تزل مرتفعة مقارنة بكم الطاقة الكهربائية التي تنتجها. كما يمكن أن تؤذي هذه المحطات النظم الإيكولوجية للصحاري؛ نتيجة للمساحات الكبيرة التي تشغلها. ومن المهم أيضًا أن نعي أن الطاقة الشمسية لا تعمل ليلاً، وأن إنتاجها من الكهرباء خاضع للظروف المناخية مثل تكوُّن السحب أو الضباب.

المراجع

eia.gov
powerscorecard.org
nrel.gov
darvill.clara.net
need.org
zengardner.com
solarthermalmagazine.com
buildgreenthings.blogspot.com

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية