الذكاء الاصطناعي بين الماضي والمستقبل

شارك

تتميز كل مرحلة زمنية باختراع أو اكتشاف مميز يغير من طبيعة هذه المرحلة تمامًا، بل وينقلها نقلة كبيرة نحو المستقبل، ويفتح طرقًا جديدة لم يفكر فيها العلماء من قبل. والذكاء الاصطناعي من أهم الاختراعات الحديثة التي غيرت مسار البشرية، وستغير مستقبله بشكل أكبر.

الذكاء الاصطناعي هو قدرة الكمبيوتر الرقمي، أو الروبوت المتحكم فيه، على أداء المهام المرتبطة عادةً بالكائنات الذكية. ويرتبط المصطلح بالقدرة على تطوير أنظمة تتمتع بعمليات فكرية مميزة للبشر؛ مثل القدرة على التفكير، أو اكتشاف المعنى، أو التعميم، أو التعلم من التجارب السابقة.

إن تاريخ الذكاء الاصطناعي مثير للاهتمام؛ إذ راود العلماء هذا الحلم منذ فترة طويلة في الماضي. ويعود تاريخه إلى بدايات القرن العشرين، عندما عرف الخيال العلمي مفهوم الروبوتات الذكية. فقدم الكاتب التشيكي كارل تشابيكKarel Čapek  في عام 1920 مسرحية خيالية علمية، ظهرت فيها كلمة «روبوت» لأول مرة. ولاحقًا، ظهر جيلًا من العلماء وعلماء الرياضيات والفلاسفة، بينهم العالم البريطاني الشاب آلان تورينج الذي قدم أبحاث علمية مهمة عما عُرف فيما بعد باسم «آلة تورنج» والتي شكلت أساسًا للبحث حول الذكاء الاصطناعي.

ومنذ بدء تطوير الكمبيوتر الرقمي في أربعينيات القرن الماضي، أُثبتت إمكانية برمجة أجهزة الكمبيوتر على القيام بمهام معقدة للغاية. وعلى الرغم من التقدم المستمر في سرعة معالجة الكمبيوتر وقدرة الذاكرة، لا يوجد حتى الآن أي برامج يمكنها التوافق مع مرونة الإنسان في مجالات أوسع، أو في مهام تتطلب كثير من المعرفة اليومية؛ لذا يطمح العلماء إلى تطوير الذكاء الصناعي ليحاكي ذكاء العقل البشري ومرونته، وربما يتفوق عليه في مرحلة ما.

ما شكل الذكاء الاصطناعي في العصر الحالي؟

من «سيري» SIRI إلى السيارات ذاتية القيادة، يتقدم الذكاء الاصطناعي بسرعة مذهلة في عصرنا الحديث؛ في حين يصور الخيال العلمي الذكاء الاصطناعي غالبًا على أنه روبوتات ذات خصائص تشبه الإنسان. فيمكن أن يشمل الذكاء الاصطناعي أي شيء من خوارزميات البحث من «جوجل» Google، إلى «واتسون» Watson – نظام حاسوب للذكاء الاصطناعي تابع لشركة آي بي إم IBM ويفهم لغة البشر ويجيب عن أي أسئلة تطرح عليه – إلى الأسلحة ذاتية التحكم.

يُعرف الذكاء الاصطناعي اليوم باسم «الذكاء الاصطناعي الضيق»؛ إذ أنه مصمم لأداء مهمة ضيقة، مثل التعرف على الوجه، أو البحث على الإنترنت، أو قيادة السيارة فقط. ومع ذلك، فإن الهدف طويل الأجل لعديد من الباحثين هو إنشاء الذكاء الاصطناعي العام أو «الذكاء الاصطناعي القوي». وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي الضيق قد يتفوق على البشر في أي مهمة محددة، مثل لعب الشطرنج أو حل المعادلات، إلا أن الذكاء الاصطناعي العام سيتفوق على البشر في كل مهمة معرفية تقريبًا.

هل هناك خطر من استعمال الذكاء الاصطناعي؟

منذ بداية التفكير في الذكاء الاصطناعي، هناك مخاوف دائمة من تمرده ومحاربته للجنس البشري؛ لكن ما حقيقة هذه المخاوف؟ يتفق معظم الباحثين على أنه لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُظهر عواطف إنسانية مثل الحب أو الكراهية، وأنه لا يوجد سبب حتى يصبح الذكاء الاصطناعي خاطئًا أو خبيثًا. بدلًا من ذلك، عند التفكير في كيفية تحول الذكاء الاصطناعي إلى خطر، يعتقد الخبراء أن هناك سيناريوهين على الأرجح.

أولًا، عندما يكون الذكاء الاصطناعي مبرمج لفعل شيء مدمر؛ فهناك أسلحة التحكم الذاتي، وهي نظم ذكاء اصطناعية مبرمجة على القتل، وعندما تقع في أيدي الشخص الخطأ، قد تتسبب بسهولة في خسائر فادحة. وثانيًّا، عندما يكون الغرض من الذكاء الاصطناعي القيام بشيء مفيد، لكنه قد يطور طريقة مدمرة لتحقيق هدفه. وقد يحدث هذا عند الفشل في التوفيق التام بين أهداف الذكاء الاصطناعي وأهدافنا، وهو أمر صعب للغاية؛ مثال، إذا طلبت من سيارة ذكية مطيعة أن تأخذك إلى المطار بأسرع وقت ممكن، فقد تصل بك إلى هناك حتى لو ارتكبت عديد من الحوادث.

هكذا نجد أن القلق بشأن الذكاء الاصطناعي المتقدم ليس لاحتمالية خبثه وتحديه للإنسان، بل لزيادة كفاءته عن الحد اللازم.

كيف يتأكد العلماء من أمان الذكاء الصناعي؟

على المدى القريب، يحرص العلماء حال تعرض جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بك لضرر بسيط أو للاختراق، أن يقوم نظام الذكاء الاصطناعي بالاستجابة لأوامرك بدلًا من أوامر المخترق. أما على المدى الطويل، قد يساعدنا هذا الذكاء الفائق عن طريق تصفح كميات هائلة من البيانات في تحقيق الاستدامة ليصبح أكبر حدث في تاريخ البشرية. لكن ماذا سيحدث إذا نجح الذكاء الاصطناعي في أن يصبح أفضل من البشر في جميع المهام الإدراكية؟

يمكن لمثل هذا النظام أن يخضع لعملية تحسين ذاتي متكرر، مما يؤدي إلى تطور هائل يترك وراءه العقل البشري بعيدًا، من خلال ابتكار تقنيات ثورية جديدة. ولذلك، أعرب بعض الخبراء عن قلقهم، واكتشفوا أن الحل ربط أهداف الذكاء الاصطناعي بأهدافنا أولًا قبل تطويره.

المراجع

futureoflife.org

britannica.com 

agiliacenter.com

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية