لدي قائمة طويلة من الأهداف التي حققتها، وقائمة لا نهائية من الأهداف التي لم أحققها بعد. فأشعر بالفخر والسعادة عندما أطلع على القائمة الأولى، ولكن سرعان ما تفنى تلك المشاعر الجميلة ويحل الإحباط محلها بمجرد أن أطلع على القائمة الثانية.
دائمًا ما تراودني التساؤلات عن «الخطوة التالية»، وقد أرست تلك التساؤلات قاعدة أساسية في عقلي: أن كل هدف يعمل بمثابة خطوة البداية للهدف الأكبر الذي يليه. ولذلك، أتبع تلك القاعدة دون «إهدار» أي وقت في الاحتفال بما حققته.
وبعد أن عشتَ سنواتٍ أفكر بهذه الطريقة مبقيةً عيني على الهدف البعيد، انطفأ شيءٌ ما بداخلي. فقد أضلتني تلك القاعدة عاطفيًّا، وإن لم يكن ماديًّا. ففي كل مرة أحقق فيها هدفًا جديدًا، لا أشعر بالسعادة التي أتوقعها، وإنما بخيبة أمل. وهذا هو المقصود بـ«مغالطة الوصول».
فخ مغالطة الوصول
مغالطة الوصول فخ نفسي يشير إلى الافتراض الخاطئ بأنك ستشعر بالسعادة بمجرد أن تحقق إنجازًا في حياتك. فيدفعك إلى الافتراض بأن تحقيق الإنجاز التالي سيمنحك سعادةً غامرة. ومع ذلك، فإنك لا تزال تشعر بالضغط والإحباط حينما تحققه، مما يزيد حالتك النفسية سوءًا. يتولد هذا الإحباط من العقلية التطلعية التي تنصب على تحقيق الأهداف ولا تكف عن إهمال اللحظة الحالية.
وفقًا للدراسات العلمية، فإن مغالطة الوصول تمنعنا من الشعور بالسعادة على المدى الطويل، لأننا في سعيٍ دائم للوصول إلى ما بعد ذلك. وهكذا، فإن الشخص الأسير لهذه الفكرة سيبدأ والحزن يسيطر عليه سعيًا وراء تحقيق الهدف الذي يظن أن فيه شفاءً لحزنه، ولكنه يلاقي مزيدًا من اليأس والإحباط مع تحقيق ذلك الهدف.
كيف تحدث مغالطة الوصول؟
نحن نعيش في مجتمعات تعظِّم من أهمية تحقيق الأهداف مثل جني الأموال والترقي الوظيفي وغيرهما. وتلك الأهداف لا تحقق للإنسان سعادة خالصة وطويلة الأمد، وإنما مشاعر جيدة سطحية وعابرة.
أما السعادة الحقيقية طويلة الأمد فتتحقق من خلال أشياء غير مادية مثل العلاقات الصحية، والتركيز على الجوانب الإيجابية، والاهتمام بالآخرين، وغيرها.
نصائح للتغلُّب على مغالطة الوصول
تشيع مغالطة الوصول بسبب معتقدات راسخة في أذهاننا منذ سن مبكرة وأفكار نتعرض لها يوميًّا، ومع ذلك فإن التغلب عليها ممكن.
وفيما يلي خمس نصائح للخروج من فخ مغالطة الوصول:
- استشعر قيمة الرحلة نفسها بدلًا من أن تصب تركيزك على وجهة الوصول فحسب. استشعر قيمة الانتصارات الصغيرة، فهي تحافظ على تحفيزك وسعادتك أكثر مما تتوقع.
- عِش اللحظة الحالية وتوقف عن التفكير الاستباقي.
- اجعل لليقظة الذهنية نصيبًا من أنشطتك اليومية من خلال ممارسة التأمل أو قضاء بضع دقائق يوميًّا في التفكر فيما تفعله.
- حافظ على صلات طيبة مع أشخاص إيجابيين، وحاول التخلي عمَّا يضايقك ويحبطك.
- سجل الأشياء التي تمتن لها، فمن شأن ذلك مساعدتك على التركيز في اللحظة الحالية والأشياء التي تمنحك فرحة خالصة، كما يساعد على حمايتك من التوتر والإحباط.
بينما تستميل مغالطة الوصول عقولنا بسعادة مستقبلية وهمية، يمكننا التغلب عليها بطريقة بسيطة تتمثل في التركيز على اللحظة الحالية والاستمتاع بكل انتصار صغير.
المراجع
calm.com
fastcompany.com
verywellmind.com
Cover image by Freepik