اعتدلت في مقعدي وربطت حزام الأمان فور سماعي صوت المضيفة، قائلة: «يُرجى ربط أحزمة الأمان، والتأكد من أن المقاعد في وضع عمودي، وتشغيل وضع الطيران في الهواتف. في حالات الطوارئ، ستجدون سترات النجاة أسفل مقاعدكم، وأقنعة الأكسجين ستسقط تلقائيًّا عند الحاجة. إذا احتجتم المساعدة، فإن طاقم الطائرة في خدمتكم طوال الوقت. نتمنى لكم رحلة سعيدة». وبعد دقائق قليلة أقلعت الطائرة لتبحر في السماء الواسعة نحو وجهتها المحددة.
حوادث الطيران في العالم
أظهرت الإحصاءات أن احتمالية حدوث حوادث الطيران هي 1 لكل 1.2 مليون رحلة، أما احتمالية تحطم الطيارة بالكامل فهي 1 لكل 11 مليون رحلة. وهذا الأمر الذي يؤكد أمان الطيران بوصفه وسيلة مواصلات عالمية مريحة وسريعة تعبر المحيطات والقارات، ولكن ذلك لا ينفي أن وقوع حادثة طيران -حتى وإن كانت واحدة بين مليون أو أكثر- يكون لها صدى واسع بين الناس؛ وذلك لأن النجاة من حادثة طيران شيء يقارب المستحيل.
أشهر حوادث الطيران التي غيرت في إجراءات السلامة
حوادث الطيران عديدة، ومنها ما أدى إلى إحداث تغييرات في إجراءات السلامة وتطويرها في الطائرات، نذكر منها:
- رحلة الخطوط الجوية لجنوب إفريقيا رقم 295
أقلعت الطائرة بوينج 747-200 بي إم كومبي يوم 28 نوفمبر 1987 من مدينة تايبيه في طريقها إلى جوهانسبرج. وبعد نحو 9 ساعات ونصف من بداية الرحلة، اشتعلت النيران في قسم الشحن الخلفي بالطائرة؛ مما أدى إلى فقدان السيطرة تمامًا على الطائرة، وتحطمت في الهواء ثم سقطت في المحيط الهندي ولم ينج أي من كان على متنها.
لم يُعرف السبب الأساسي لنشوب الحريق، ولكن أكبر الاحتمالات كان حدوث ماس كهربي في الطائرة. ونتيجة لذلك، سحبت الخطوط الجوية الجنوب إفريقية الطائرات طراز 747 كومبي من أسطول طائراتها، وطُبقت معايير سلامة أكثر صرامة على البضائع المشحونة.
- رحلة TWA رقم 800 من نيويورك إلى باريس
في يوليو 1996، أقلعت الطائرة بوينج 747-100 من مطار جون كينيدي متجهة إلى باريس في رحلتها رقم 800، لكنها تحطمت بشكل مأساوي في الجو، ثم سقطت في المحيط الأطلسي. وقد أسفرت التحقيقات إلى أن سبب تحطم الطائرة حدوث انفجار في أحد خزانات الوقود.
كانت تلك الحادثة سببًا في فرض لوائح أكثر صرامة خاصة بتصميم خزانات الوقود وصيانتها، تتضمن منع وجود مصادر الاشتعال داخل خزانات الوقود. وكذلك صدرت توجيهات جديدة تتعلق بصلاحية الطائرات للطيران، وفحصها قبل كل إقلاع.
في 24 مارس 2015، تحطمت طائرة إيرباص A320 التابعة لشركة جيرمان وينجز؛ كانت في رحلة من برشلونة إلى دوسلدورف، وذلك بعد أن حبس مساعد الطيار نفسه داخل مقصورة القيادة. وقد كشفت التحقيقات أن الطيار كان لديه أعراض اضطراب اكتئابي قبل الحادث بعدة أشهر، لكنه تجنب استشارة المختصين خوفًا من فقدان وظيفته.
بعد تلك الحادثة صدرت قرارات بتأكيد وجود شخصين على الأقل في مقصورة القيادة في جميع الأوقات، كما صدرت 11 توصية لتعزيز الفحوصات النفسية للطيارين والتأكد من سلامتهم النفسية قبل الإقلاع بالطائرة.
- حادثة مطار لوس روديوس في تينيريفي
لا تزال كارثة مطار لوس روديوس في جزيرة تينيريفي أسوأ حادثة طيران في التاريخ. ففي 27 مارس 1977، حُوِّلت رحلات طيران عديدة من مطار جزر الكناري إلى مطار لوس روديوس في تينيريفي الذي لم يكن مؤهلًا لاستقبال كل تلك الرحلات نظرًا لصغر مساحته، ووجود مدرج واحد للإقلاع والهبوط.
وفي الوقت الذي كان من المفترض أن تقلع الطائرة بوينج 747، التابعة للخطوط الجوية الملكية الهولندية وكان على متنها 248 شخصًا، كانت طائرة من الطراز نفسه تابعة للخطوط الجوية الأمريكية بان أميركان وعلى متنها 396 راكبًا تستعد للهبوط في المدرج نفسه. ونظرًا لضبابية الرؤية في هذا اليوم، كان الاعتماد على الرؤية بالعين المجردة في أبراج المراقبة جعل من العسير على المراقبين اكتشاف ما يحدث. وقد أدى سوء التواصل إلى تصادم مميت على المدرج، أسفر عن مقتل 583 شخصًا.
كانت تلك الحادثة سببًا رئيسيًّا في تعديل معايير السلامة في الطائرات، ومن أهمها اعتماد اللغة الإنجليزية لغة تواصل بين أبراج المراقبة والطيارين، واستخدام العبارات القياسية، والابتعاد عن الكلمات ذات المعاني المتعددة، واستخدام وسائل متطورة للمراقبة.
الخلاصة
الطيران وسيلة ممتازة سواء للسفر أو لنقل البضائع؛ فهي أسرع الوسائل وأسهلها وأكثرها راحة، وبالرغم من أمانها إلى حد هائل، إلا أن تعديل إجراءات السلامة باستمرار يمكن أن يضمن رحلات أكثر أمانًا واستقرارًا.
المراجع
aeroxplorer.com
cbsnews.com
nationalseniors.com.au
simpleflying.com
Cover image by Freepik