بدأ الدكتور إسماعيل سراج الدين بالحديث عن مبادرة فريدة من نوعها تقدّم بها رجل الأعمال السوداني محمد إبراهيم الذي درس بجامعة الإسكندرية، حيث تقدِّم مؤسسة "مو إبراهيم" أكبر جائزة في العالم للحكم الرشيد بإفريقيا جنوب الصحراء. وأشار الدكتور سراج الدين إلى أن جنوب إفريقيا دولة غنية ومتقدمة اقتصاديًّا وعسكريًّا في المنطقة، وترغب في لعب دور إقليمي أكبر؛ وبالتالي قد تشعر بالمنافسة تجاه دول شمال إفريقيا، وعقّبت السفيرة هاجر بأن التنافس بين الدول أمر وارد، لكن جنوب إفريقيا تعلم جيدًا أن إفريقيا لا تستغني عن مصر، لكن من المهم دعم العلاقات بين مصر وجنوب إفريقيا على كافة المستويات، ومد شبكة علاقات تشمل إفريقيا كلها. وأشار الدكتور أحمد القرعي إلى أن الدكتور بطرس بطرس غالي انتبه لهذه الخطوة مبكرًا، فبدأ يرسل المثقفين والكُتاب المصريين إلى هناك، لكن هذا الاتجاه توقف بعد ذلك.

ثم أوضح الدكتور سراج الدين أن القارة الإفريقية جنوب الصحراء باستثناء جنوب إفريقيا تعاني من مشكلات اقتصادية واضحة، بعد أن كان يُتوقع لها نمو اقتصادي، فعلى مستوى العالم هذه الدول هي الوحيدة التي يزيد نمو السكان فيها عن معدل نمو الزراعة، لذلك يتناقص نصيب الفرد من الأمن الغذائي على نحو يثير القلق. ومن جهة أخرى، لم يتم استغلال الموارد الأولية الموجودة فيها بوفرة باستثناء بوتسوانا، ولا ننسى مشكلة انتشار مرض الإيدز في دول كثيرة، وكثرة الحروب منذ الحرب الأهلية في نيجيريا ثم رواندا ثم سيراليون وليبيريا وكوت ديفوار ثم الصومال، كما نشبت حرب طويلة بين إريتريا وإثيوبيا؛ ومن الملفت للنظر أن كل هذه الحروب كانت بعد الاستقلال عن الاستعمار.

وعن سبب هذه الحروب رأت السفيرة هاجر أن هذه الدول الحديثة لم تنجح في إرساء هياكل قوية للدولة، لتنجح في إدارة الدولة، بالإضافة إلى تأثير العوامل الخارجية وهي قوية جدًّا، مثل مشكلات البيئة الناتجة عن تغير المناخ العالمي في العالم كله، وهو ما أدى إلى التصحر وتدهور الزراعة، والتجارة الدولية وقيودها على الدول الإفريقية التي تعد اقتصادياتها زراعية بدرجة كبيرة؛ ولذلك تواجه صعوبات في التعامل مع شروط النظام التجاري الدولي.

ومن هنا انتقل الدكتور سراج الدين إلى أهمية مبادرة محمد إبراهيم، وأهمية فوز شيسانو كأول فائز بجائزة الحكم الرشيد لدول جنوب الصحراء الإفريقية، لأنه لم يكتف بإنهاء الحرب الأهلية، بل مد يده إلى أعدائه وأشركهم في العمل السياسي معه، وأقنعهم بعمل دستور جديد للبلاد، وتحقيق التعددية ووضع قواعد ديمقراطية للعمل السياسي، وتخلى عن السلطة بعد نجاحه في فترتين رئاسيتين.

وتساءل الدكتور سراج الدين عن السبب في انتشار صورة سيئة لإفريقيا لدينا في مصر والعالم، دون التركيز على النماذج الإفريقية المشرّفة، فعلّقتْ الدكتورة إجلال رأفت بأن الإعلام المصري مقصِّر جدًّا في الاهتمام بقضايا إفريقيا، كما أن التعليم أيضًا لا يهتم بتثقيف الطلاب بشئون إفريقيا، فهناك طلاب في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية لا يعرفون أين تقع خريطة إفريقيا.

وفي ختام الحلقة قام الدكتور سراج الدين بتوجيه سؤال للدكتورة إجلال رأفت عن توقعاتها لمستقبل القارة خلال السنوات القادمة، فأجابت بأن هناك نجاحات في إفريقيا لكنها في الإطار الشخصي لا المؤسسي، وهو ما لا يضمن استمرارها، مثلاً: ما قام به الرئيس شيسانو عمل عظيم لكن ليس هناك ما يضمن استمراره في حكم من يأتي بعده، مادام الأمر خارج إطار دولة المؤسسات، لكن الدكتور سراج الدين شرح أن هذا الأمر عام ومتكرر على مستوى دول العالم كله حتى خارج إفريقيا؛ بحيث نجد مأسسة الدولة مرتبطة بأشخاص مثل نهرو في الهند.