الصحافة الإلكترونية - الجزء الأول

2008 05 24

ضيوف الحلقة:
الأستاذة أمينة خيرى  |  الدكتور شريف اللبان  |  الأستاذ أيمن الصياد



 

بدأ النقاش بتعريف مفهوم الصحافة الإلكترونية، وطرح الأستاذ أيمن الصياد عدة تعريفات مختلفة من بينها: أنها الصورة الأخيرة التي شهدت إطلاق العديد من المواقع والمدونات ووجود الصحف التقليدية على مواقع على الإنترنت. وكذلك أنها شكل جديد أو منظور جديد للصحافة "التقليدية" أو المطبوعة. ورأى الدكتور شريف اللبان أن كل هذه التعريفات ليست إلا مترادفات ولم تُضف جديدًا، فيما أكد أن الصحافة الإلكترونية لها نمطان أساسيان: الأول يضم كل المواقع الصحفية الموجودة على الإنترنت، والمواقع الإخبارية ومواقع القنوات الإخبارية التي تبث الأخبار والتقارير المصورة، وكذلك مواقع المجلات والمواقع الإذاعية.

أما النمط الثاني فهو غير مرتبط بشبكة الإنترنت، ويشير إلى مجلات وجرائد تُباع في صور غير مطبوعة وتوجد في أوعية إلكترونية كالأسطوانات المدمجة وغيرها.
لكن الأستاذة أمينة خيري رأت أن هذه التعريفات تتسم بنوع من الجمود، بينما يتسم مجال التكنولوجيا الرقمية بالتغير الدائم الذي يصعب معه وضع تعريفات ثابتة. فإرسال الرسائل النصية عن طريق الهواتف المحمولة يمكن اعتباره نوعًا من الصحافة الإلكترونية، وقد تظهر تقنيات جديدة تندرج تحت المفهوم نفسه، وبالتالي يصبح من الضرورة وضع تعريفات تتسم بالانفتاح الذي يستوعب أي تغيرات مستقبلية قد تغير مفهوم الصحافة الإلكترونية.

وحاول الأستاذ الصياد أن يضع تعريفًا محددًا للصحافة الإلكترونية بتعريف شقيْها "الصحافة" و"الإلكترونية"، فالصحافة وسيلة ابتدعها المجتمع لإرسال الأخبار من المُرسِل إلى المستقبِل، أما "الإلكترونية" فتشير إلى الوعاء الذي يحمل هذه الأخبار، ولا يعني هذا وضع حد فاصل بين الصحافة التقليدية والصحافة الإلكترونية أو القول باختفاء الأولى، ومع ذلك لا يجب مقارنة هذا النوع بذاك. وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين أنه يمكن فهم الصحافة الإلكترونية من خلال النظر إلى تطور مجال الاتصال من الكلمة المنطوقة والخطابة، ثم ظهرت الكلمة المكتوبة، ولاحقًا اختُرِعت الطباعة وظهرت معها الصحف، وأحدث ظهور البث الإذاعي ومن بعده التليفزيون ثورة في عالم الاتصالات إلى أن ظهرت الوسائل الإلكترونية.

وتطرح هذه الوسائل الجديدة أسئلة عن طبيعة الصحافة التقليدية، فهي تمكّن أي شخص من بث ما يريد دون رقابة. وعقّب الدكتور اللبان على ذلك بأن المشكلة الكُبرى في الصحافة الإلكترونية العربية أنها ذهبت إلى الفضاء الإلكتروني بعقلية الصحافة المطبوعة حيث لا يوجد فارق جوهري بين المطبوع والمنشور على شبكة الإنترنت، خلافًا للصحافة الإلكترونية الغربية. أما الأسئلة الجديدة التي تطرحها الصحافة الإلكترونية فتدور حول قيمة الحرية، وقد بدأ الإنترنت بمساحة كبيرة من الحرية على نقيض ما هو موجود على أرض الواقع، لكونه بدأ نخبويًّا وعلى نطاق ضيق، وقيمة الحرية متضمنة في الإنترنت والوسائل الإلكترونية، فمن ابتكر هذه الوسائل ضمّن خلالها القيم الليبرالية التي يصعب معها ممارسة الرقابة عليها.
وفي السياق نفسه، أشار الدكتور سراج الدين إلى أن هناك مفهومًا يتعلق بعملية الإشراف على النشر في الصحافة التقليدية يضيع في الفضاء الإلكتروني؛ حيث باستطاعة أي شخص أن يبث ما يريد دون رقابة مهنية. لكن الأستاذة أمينة أكدت وجود نوع من الرقابة المستمرة والمؤثرة يمارسها المستخدمون، فبعض المواقع تتيح للمستخدمين إمكانية التعليق على المواد المنشورة، وإذا وصل رفضهم لها إلى حد معين، تتم إزالة هذه المواد؛ وهو ما يمثل نوعًا من الرقابة الأخلاقية مصدرها المستخدمون.

ونوه الأستاذ الصياد بمفهوم "الإعلام الجديد" كتعبير أكثر تحديدًا من الصحافة الإلكترونية، وجوهره أن الأخبار لم تعد محاضرةً أحادية الاتجاه بل حوارًا بين المرسل والمتلقي. وهناك ثلاثة محددات لهذا المفهوم هي: تداخل وسائل الإعلام المختلفة وإتاحة الفرصة للتفاعل بين المتلقي والمُرسل وبروز صحافة المواطن التي قد يكون لها سلبيات واضحة لكنها ذات تأثير عميق، ولفتت النظر إلى فكرة الاعتماد على المواطنين كصحفيين كما حدث بعد تفجيرات لندن 2005. ولا يوجد رقيب في الإعلام الجديد سوى المتلقي، فهو الذي يعطي المصداقية لمواقع أو مدونات معينة. واختلف الدكتور سراج الدين مع هذه المصداقية، فعلميًّا لا تُقاس المصداقية بمدى الإقبال الشعبي على المواد العلمية، وهناك فارق كبير بين الشعبية ومعايير الجودة العلمية.
وأضاف أن في الإعلام الجديد تضيع الخطوط الفاصلة بين الرأي والخبر، وهو ما تحافظ عليه الصحافة التقليدية التي يوجد بها صحافة رأي وصحافة إخبارية. غير أن الأستاذة أمينة خيري رأت أن الخط الفاصل بين الرأي والخبر غير موجود في كثير من الصحف العربية، وقد يتحكم الرأي والاتجاه في انتقاء أخبار بعينها وإهمال غيرها، فيما رأى الأستاذ الصياد أن هذا الفصل قد يكون صحيحًا ولكن ليس له علاقة بطبيعة الوسيط، فالوسيط ليس هو المحدد للمادة المنشورة، وهناك العديد من الصحف المطبوعة تحمل كلامًا غير قيّم.

واستمرارًا للحديث عن الرقابة، ذكر الدكتور شريف اللبان أن الفارق الجوهري بين وسائل الإعلام الجديد والوسائل التقليدية، أنه في الأخيرة تتضح سلطة المُرسل أو القائم بالاتصال سواء كان صحفيًّا أو كاتبًا أو مذيعًا، والمستقبل فيها ذو سلطة محدودة لانعدام رد فعله على المواد المنشورة. أما الإعلام الجديد وعلى رأسه الإنترنت فلم يكن الهدف منه هو الإقناع الأحادي بل التفاعل وعدم فرض رأي معين على المتلقي، وإمكانية تبادل الأدوار بين المتلقي والمُرسل من خلال التعليق على الأخبار ونشر التعليقات والرد عليها.

لكن الدكتور سراج الدين أشار إلى أن هذه التقاليد عريقة في العديد من الصحف مثل لندن تايمز من خلال باب بريد القُراء الذي كان يسمح لكبار الشخصيات بالتعليق على المواد المنشورة، وقد رد الدكتور اللبان بأن هذا التفاعل مقتصر على نخب ثقافية وسياسية، أما الإنترنت فهو يتيح إمكانية التعليق لأي شخص، وهو ما وصفته الأستاذة أمينة بدمقرطة الإعلام كهدف لوسائل الإعلام الرقمية، وأضافت أن إمكانية التفاعل موجودة مع أي وسيلة إعلامية ولكنها محكومة بفكرة الانتقاء، فمحرر بريد القراء باستطاعته اختيار بعض التعليفات ونشرها وإغفال بعضها لعوامل عديدة، لكن التفاعل أسهل بكثير مع المواقع الإلكترونية. وقد علّق الدكتور سراج الدين بأن هذا القول يفترض تماثل المواقع الإلكترونية لكن ذلك غير صحيح؛ فبعض هذه المواقع لا يتيح إمكانية نشر التعليقات، وبعضها يشرف على التعليقات، وبعض المؤسسات تقيد المشاركة كي لا تتعرض مصداقيتها للتآكل كما حدث مع موقع ويكيبيديا، ومع ذلك يبقى أن المدوّنين باستطاعتهم التعبير عن آرائهم دون رقيب.

وفي ختام الحلقة أشار الدكتور سراج الدين إلى ظاهرة هامة هي أن عالم الإعلام حتى وقت قريب كانت تسيطر عليه مؤسسات صحفية كبرى مثل رويترز وغيرها من المؤسسات الكبرى التي تتبعها مكاتب منتشرة حول العالم وتعتمد عليها العديد من الصحف، لكن المدونات أصبحت تشكل الآن تيارًا مؤثرًا مكوّنًا من أفراد لا مؤسسات.

فريق العمل (داخل المكتبة):

إعداد وتقديم :د/ إسماعيل سراج الدين
فريق الإعداد :د/ خالد عزب، محمد مطش، دينا أبو العلا، محمد السيد، أيمن الشربيني
مساعد إنتاج : طارق بلال


فريق العمل (خارج المكتبة):

إشراف عام: سوزان حسن
منتج: أحمد طه
قراءة تعليق: محمد عبد الوهاب
مدير تصوير: محمد شفيق
مشرف إضاءة: عماد عبد القادر
تصوير: سامح صيام، هشام عزت، هاني فاروق، أحمد حسين
كرين: هشام مبارك، محمد عبد الوهاب
مخرج فني: أحمد المناويشي
مهندس ديكور: أيمن فتحي
مهندس مساعد: سيد وجيه، محمد نصر
منفذ ديكور : محمد نصر
تم التصوير باستوديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي- استوديو 403
مهندسو الاستوديو: عطا عابد
م.كاميرات :محمد المملوك، يسري الشحات
م.صوت: محمد سليمان، كامل أبو المجد
كمبيوتر إضاءة: محمود فريد، خالد عبد الهادي
مهندس الصوت: ماجد سامي
مونتاج إلكتروني: إيهاب الهترية
تمت أعمال المونتاج في CUBES
مونتاج: محمد فتحي
وحدة تحكم تصوير: طه طه
مدير إنتاج :عادل عبد الحميد
منفذ إنتاج: حماده حنفي
جرافيكس: AROMA
موسيقى التتر: هشام نزيه
مشرف استوديو: عبد الفتاح خضر
مخرج تقارير خارجية : ياسر نبيل
مساعد مخرج :عمرو ربيع
مساعد مخرج أول: أحمد فاروق، أحمد محمود
مخرج منفذ: هاني سمير
إخراج: يحيى ممتاز