الأدب العربي المعاصر - الجزء الأول

2008 04 05

ضيوف الحلقة:
الدكتور عبد السلام المسدي  |  الدكتور عبده الراجحي  |  الدكتور محيي الدين اللاذقاني



 

بدأت الحلقة بتمهيد موجز حول تاريخ الأدب العربي المعاصر، ثم برسم مشهد عام له، حيث أشار الدكتور المسدي إلى أن الموقف العام يكاد يفصح عن وجود أزمة، فبعد انحسار حركة المد القومي، وانسحاب الأيديولوجيا من الأدب العربي، وتغيّر الذائقة الجمالية، أصبح هذا الأدب في أزمة أمام المعطيات الجديدة، وأصبح عليه أن يعيد ترتيب أولوياته وأن يجد مساره الطبيعي لنهضته. وأشار الدكتور الراجحي إلى أن الحداثة حينما بدأت تدخل الفضاء العربي كانت مرتبطة على نحو ما بالأيديولوجيا، سواء كانت يسارية أو ماركسية، وبغض النظر عن طبيعة الأيديولوجية نجد أن المثقفين كانوا يعيشونها فعلاً؛ مما ساعد على وجود أدب حقيقي، ولاشك أن الأدب يعاني من ضمور الآن بسبب غياب الأيديولوجيا.

لكن الدكتور اللاذقاني اختلف مع الدكتور المسدي والدكتور الراجحي، فذهب إلى أن الأدب العربي الآن يشهد انفراجًا وليس أزمة، ورأى أن تراجع الذائقة الكلاسيكية يتزامن مع انتشار ذائقة أكثر حداثة تستوعب المنجزات الحداثية في قصيدة النثر والعمارة والرسم الموسيقى، كما أن اختفاء الأيديولوجيا في صالح الأدب لأن الأدب الذي كُتب في ظل الأيديولوجيا كان من أضعف أنواع الأدب في التاريخ. لأن الذي يبقى من الأدب هو ما يحتويه من القيم الإنسانية الخالدة بعيدًا عن أي أيديولوجيا مؤقتة. وأضاف أن الحداثة من المصطلحات الملتبسة التي تحتاج لإعادة تعريفها كمصطلح، لأنه يتم ربطها بالغرب كثيرًا، بينما نجد في الأدب العربي القديم حداثة مهمة لدى الجاحظ والتوحيدي مثلاً حققت القيمة الإنسانية في مداها العام، بغض النظر عن عصرها الخاص.

وردّ الدكتور المسدي بأننا لا نجد في الثقافات العالمية ما نجده في ثقافتنا من الاختلاف الكبير حول الأشكال الأدبية، والتنازع حول قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة، كما أن الآداب الأخرى دخلت بوابة العالمية عن طريق الرواية، والرواية العربية لا تزال في البداية لتأخر ولادتها، كما أن الثقافة النقدية تعاني من مشكلة تطور النقد بشكل يسبق تطور الإبداع سواء الشعري أو الروائي. واتفق الدكتور الراجحي مع الدكتور اللاذقاني حول أهمية أن نعيد تعريف مصطلح "الحداثة"، التي كانت متحققة في التاريخ الثقافي العربي؛ فمثلاً: كان علم النحو رغم جفافه ميدانًا كبيرًا للاختلاف بين النحاة. كما أكد على أهمية المكوّن التراثي في أدبنا المعاصر، بحيث يستحيل انتزاعه من هذه الجذور العريقة.

لكن الدكتور الراجحي اختلف أيضًا مع الدكتور اللاذقاني بصدد وجود أزمة واضحة في الأدب العربي الآن، وذلك بسبب التباس كبير في فهم الحداثة؛ مما أدّى إلى الغموض والرغبة العارمة في التجديد، وهو ما سبب نوعًا من القطيعة مع المتلقي. وقد أشار الدكتور اللاذقاني إلى وجود أشكال شعرية تجديدية تم وأدها في مراحل مبكرة مثل سجع الكهّان، أو الشعر المرسل الذي أبدعه أبو نواس. بينما فسّر الدكتور المسدّي أحد أسباب أزمة القصيدة العربية بأن الأذن العربية اعتادت تلقي الشعر بكسل ودون أن تشارك في إنتاج معناه، وهذا ما ترفضه القصيدة الحديثة التي تطالب القارئ بأن يشارك في إنتاج المعنى؛ وهذا من أسباب انصراف الذائقة العربية عن القصيدة الحديثة.

ثم تساءل الدكتور سراج الدين عن ارتباط الأغاني المعاصرة بالشعر الحديث، فهذه الأغاني هي التي يحفظها الجمهور ويرددها، وتُكتب أحيانًا بالفصحى وغالبًا باللغة المحكية (العامية)، لكنها تخاطب ذائقة مختلفة عن الذائقة التي يستهدفها الشعراء والنقاد. فأجاب الدكتور المسدي بأن الشعر فن لفظي لا يمكن عزله عن سائر الفنون، ومن المعروف أن الشعر ارتبط ارتباطًا وثيقًا في تاريخ الأدب العربي بالغناء، وفي القرن العشرين ساهم الغناء في انتشار وترويج الشعر العربي الفصيح على مدى واسع، بل أحيانًا (في حالة شوقي) كان تلحين الشعر من أكبر عوامل تأسيس الذائقة العربية الجديدة، ومع انطلاقة الرواية استفادت من الموسيقى والغناء والدراما من خلال تحولها لأفلام أو مسلسلات؛ وهذا يحقق تكاملاً مهمًّا بين الفنون. وضرب الدكتور اللاذقاني مثلاً آخر بانتشار أغاني نزار قباني عبر غناء كاظم الساهر، وانتشار شعر شوقي من خلال أغاني محمد عبد الوهاب، بالإضافة إلى إمكانيات الفيديو كليب الحديث.

وهنا تحدث الدكتور الراجحي عن تجربة مهمة له بصدد متابعته لتوجهات الشباب وأفكارهم، فذكر أن كثيرًا منهم كانوا يندهشون من قدرته على الاستماع إلى أم كلثوم لفترات طويلة. ولكن بعد عرض مسلسل أم كلثوم تلفزيونيًّا لاحظ أن كثيرين من الشباب أصبحوا يحرصون على سماع أغانيها، بل إن بعضهم بدأ يندهش كيف كان يستمع من قبل للأغاني الشبابية. وحكى الدكتور الراجحي أيضًا عن تجربته مع حفلات الموسيقى العربية بمكتبة الإسكندرية؛ فقد قام بعمل إحصاءات للجمهور واكتشف أن معظمه من الشباب الذي جاء يستمع للموسيقى العربية التي يُفترض أنها تمثّل زمنًا قديمًا. وذلك لأنها تحقق قيمة الصدق الفني، أي قدرة العمل الفني على مطابقة أي زمان بغض النظر عن زمان إبداعه.

وحول قضية أخرى، أفاد الدكتور المسدي بأن الأدب العربي المعاصر دائم البحث عن رسالة يؤديها، لكنه لم يجب على سؤال مهم هو: هل رسالته جمالية فقط أم أنها تاريخية أم حضارية أم ثقافية؟ وهنا مكمن أزمة الأدب العربي المعاصر بعد انسحاب الأيديولوجيا منه. وبسبب هذا اليتم الأيديولوجي هناك عدة أمور مفقودة، منها الرسالة المفقودة التي يبحث الأدب عنها على المستوى الحضاري والثقافي، بالإضافة إلى رسالته الجمالية الغنائية المعروفة.

فريق العمل (داخل المكتبة):

إعداد وتقديم: د/ إسماعيل سراج الدين
فريق الإعداد: د/ خالد عزب، محمد مطش، محمد السيد، أيمن الشربيني


فريق العمل (خارج المكتبة):

إشراف عام: سوزان حسن
منتج: أحمد طه
قراءة تعليق: محمد عبد الوهاب
مدير تصوير: جلال الزكي
مشرف إضاءة: عماد عبد القادر
تصوير: سامح صيام، هشام عزت، هاني فاروق، أحمد حسين
كرين: هشام مبارك، محمد عبد الوهاب
مخرج فني: أحمد المناويشي
مهندس ديكور: أيمن فتحي
مهندس مساعد: سيد وجيه، محمد نصر
تم التصوير باستوديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي- استوديو 403
مهندسو الاستوديو: عطا عابد
م.كاميرات :محمد المملوك، يسري الشحات
م.صوت: محمد سليمان، كامل أبو المجد
كمبيوتر إضاءة: محمود فريد، خالد عبد الهادي
مهندس الصوت: ماجد سامي
مونتاج إلكتروني: إيهاب الهترية
Post Production: GOOD NEWS، محمد فتحي
مساعد مونتاج: صلاح أبو سنه، سيد عبد الله
وحدة تحكم تصوير: طه طه
مدير إنتاج :عادل عبد الحميد
منفذ إنتاج: حماده حنفي
جرافيكس: AROMA
موسيقى التتر: هشام نزيه
مشرف استوديو: عبد الفتاح خضر
مخرج تقارير خارجية : ياسر نبيل
مساعد مخرج :عمرو ربيع
مساعد مخرج أول: أحمد فاروق، أحمد محمود
مخرج منفذ: هاني سمير
إخراج: يحيى ممتاز