مناهج الفكر - الجزء الثاني

2009 05 22

 

استكملت هذه الحلقة مناقشة وضع الإصلاح والتنوير والنهضة في الفكر العربي والإسلامي المعاصر. وأشار الدكتور إسماعيل سراج الدين في بداية الحلقة إلى أن البلاد العربية في عمومها وليدة تطورات حديثة نسبيًّا، حيث تشهد مجتمعاتها حالة من التداخل بين العروبة والإسلام، كما كان لها تجربة في الاحتكاك مع الآخر وتجاربه. وقد كان هناك جيل من رواد التنوير والنهضة الإصلاحية الذين رفعوا شعارات التسامح والانفتاح على الآخر مع بداية النهضة، وتعتبر كتابات الإمام محمد عبده وتناوله لقضايا المرأة والتعامل مع الآخر مثالاً على روح هذا الجيل. غير أن خطاب التجديد الإسلامي أصبح حاليًّا أكثر تشددًا وتشنجًا. وتساءل عن أسباب هذا التحول في مسار الصحوة الإسلامية.

وأرجع الدكتور عاصم حفني هذا التشدد الذي ألمّ بالتجديد الإسلامي إلى عدم التعمق الفكري وسطحية المعرفة بالآخر وعدم الانفتاح عليه، وهو ما أصاب التيارات الإسلامية بسبب تطورات سياسية خاصة حدثت في البلدان العربية، وقد أدى هذا الانغلاق إلى اعتقاد هذه التيارات بأنها تمتلك الحقيقة؛ مما أشاع فلسفة التكفير والاستبعاد. ورأى الدكتور عبد الرحمن السالمي أن حدوث فجوة فكرية بين جيل التنوير والإصلاح وبين قيام الدول القُطرية العربية قد جعل التيارات الإسلامية تعتقد أنها تحمل مسئولية تمثيل الإسلام وهو ما دفعها إلى التكفير والتجريم وإطلاق العنف المسلح و"اختطاف الإسلام" وسلبه وسط الجدال بين هذه التيارات والتيار الديني التقليدي.

ومن وجهة نظر أخرى، رأى الدكتور رضوان السيد أن الإشكالية الكُبرى لدى جيل التنوير كانت كيفية التقدم والتغلب على حالة التراجع أمام الآخر الغربي والتعامل معه بندية، وهو ما عبر عنه رفاعة الطهطاوي بـ "إدراك المنافع العمومية" من خلال التقدم على كافة المستويات، ولكن في الأجيال اللاحقة صارت هذه الإشكالية ترتكز حول كيفية الحفاظ على الهوية الإسلامية من الآخر وكيفية تجديد هذه الهوية ذاتيًّا، وهو ما أنتج عقلية منغلقة على الذات تتوسع وتنتشر حتى اليوم.

وتساءل الدكتور سراج الدين عن أسباب غلبة التيار الانغلاقي رغم وجود تيار يدعو للانفتاح والتسامح، فأجاب الدكتور السالمي بأن التعصب الديني أصاب العالم كله بدرجات متفاوتة؛ فهناك تيارات متعصبة في الولايات المتحدة وفي الهند، ولكن الديمقراطية تحد من خطورة هذه التيارات في الخارج خلافًا لعالمنا العربي، وأعرب الدكتور السيد عن حيرته في تفسير هذه الظاهرة التي رأى أنها قد لا تحمل جوانب متطرفة كثيرة ولكن جوانبها الانغلاقية أكبر، وإن كانت هناك مشكلات تفسر هذه الظاهرة مثل جمود الحالة السياسية أو وجود إسرائيل أو التفاوت الاجتماعي، لكن سيطرتها على المجتمع تشكل لغزًا محيرًا.

وقدم الدكتور السيد ثلاثة أركان للمشروع الثقافي الذي يجب تقديمه حاليًّا للأمة العربية الإسلامية، هذه الأركان هي: أولاً التركيز على الدولة والمجتمع المدني، إذ لا تقدم في ظل دولة دينية، وثانيًا ضرورة الاهتمام بقضية حقوق الإنسان باعتبارها من صميم الإسلام، وثالثًا ضرورة الانفتاح على العالم بأي ثمن؛ فنحن جزء من الوجود الإنساني. وأضاف الدكتور السالمي إلى هذه الأركان إيجاد وتفعيل المراكز البحثية والثقافية الكبرى التي تشكل الركن المؤسسي لأي مشروع نهضوي. أما الدكتور حفني فأكد على ضرورة نقد التراث دون تقديسه والتفريق بين ما هو اجتهادي فيه وما هو عقدي ديني، والتعامل معه بمنطق الحرية الفكرية.

واختتم الدكتور سراج الدين الحلقة بإشارته إلى المشروع الذي تقوم به مكتبة الإسكندرية لإحياء ونشر التراث التنويري في القرنين الماضييْن، وتقديم هذا التراث للأجيال الجديدة بشروح ومقدمات تساعدهم على فهمه واستيعابه والاهتداء به، وأكد أن المكتبة بما لديها من إمكانيات وتواصل مع العالم قادرة على وضع هذا الإرث الرائع في يد الجيل الجديد الذي يتعامل مع أدوات وأساليب معرفية جديدة.
 

فريق العمل (داخل المكتبة):

إعداد وتقديم: د/ إسماعيل سراج الدين
فريق الإعداد: د/ خالد عزب، محمد مطش، محمد السيد، أيمن الشربيني
منتج منفذ: مكتبة الإسكندرية
مساعد إنتاج: طارق بلال


فريق العمل (خارج المكتبة):

إشراف عام: سوزان حسن
منتج: أحمد طه
تنسيق عام ومتابعة فنية: يحيى ممتاز
قراءة تعليق: محمد عبد الوهاب
مدير تصوير: محمد شفيق
مشرف إضاءة: محسن جاد
تصوير: سامح صيام، هشام عزت، هاني فاروق، أحمد حسين
كرين: هشام مبارك، محمد عبد الوهاب
مخرج فني: أحمد المناويشي
مهندس ديكور: أيمن فتحي
مهندس مساعد: سيد وجيه، محمد نصر
تم التصوير باستوديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي- استوديو403
مهندس الاستوديو: عطا عابد
م.كاميرات: محمد المملوك، يسري الشحات
م.صوت: محمد سليمان، كامل أبو المجد
كمبيوتر إضاءة: محمود فريد، خالد عبد الهادي
مهندس الصوت: ماجد سامي
مونتاج إلكتروني: إيهاب الهترية
تمت أعمال المونتاج في CUBES
مونتاج: محمد فتحي
وحدة تحكم تصوير: طه طه
مدير إنتاج: عادل عبد الحميد
منتج منفذ: حماده حنفي
جرافيكس: AROMA
موسيقى التتر: هشام نزيه
مشرف استوديو: عبد الفتاح خضر
مساعد مخرج أول: أحمد فاروق، أحمد محمود
مخرج تقارير خارجية: ياسر نبيل
إخراج: هاني سمير