فيلم "الإشارات الحمراء" يحتفي بالعلوم ... أم لا!

شارك

لا تحمل كلمات مثل "خارقة" أو "خارقة للطبيعة" أي معنى بالنسبة لمحرري العلوم. وبالنسبة لي، وبالنسبة لعدد من المشككين أيضًا، كل ما يجري من حولنا لابد من أن يكون له تفسير علمي ومنطقي يتوافق مع الحقائق المثبتة. ومؤخرًا، قد أتيحت لي الفرصة لمشاهدة فيلم "الإشارات الحمراء"، وهو فيلم إسباني/أمريكي مليء بالإثارة والتشويق من إنتاج عام 2012، ومن بطولة سيليان مورفي، وروبرت دينيرو، وسيجورني ويفر.

في البداية، يصور الفيلم مساعي عالمة الفيزياء مارجريت ماثيسون (سيجنوري ويفر) ومساعدها توم باكلي (سيليان مورفي) وكيف أنهما يعملان بجهد على كشف العديد من عمليات الاحتيال ممن كانوا يدَّعون أنهم أنبياء لهم قدرة على شفاء أو حتى علماء النفس الهواة الطموحين. ومن ناحية أخرى، تعرفنا على سيمون سيلفر (روبرت دينيرو)، عالم نفس مشهور قرر العودة بعد فترة تقاعد مثيرة للجدل امتدت إلى ثلاثة عقود؛ نظرًا للوفاة المفاجئة والغامضة لأحد أكبر ناقديه والمشككين فيه. يعود سيلفر من الرماد مرة أخرى في هيئة هوديني الذي طال انتظاره بضجة إعلامية عظيمة وعروض مسرحية كبيرة بحضور جموع من الناس الذين يؤمنون بقدراته وقواه على نحو أعمى.

من الواضح أن الفيلم يقوم بعرض تجاور مباشر بين العلوم والتي تمثلها الدكتورة ماثيسون ومساعدتها من ناحية، والقوى الخارقة للطبيعة والذي يمثلها سيمون سيلفر من ناحية أخرى. وعلى طول الطريق، نتعرف على بعض الأفكار المتعلقة باهتمامات ماثيسون ومورفي الشخصية لمواصلة هذه المساعي التي لا تكتسب كثيرًا من الدعم سواء من الجمهور أو على الأقل من المؤسسة التعليمية الخاصة بهم. ومن ناحية، يتحدث سيليان مورفي في بداية الفيلم بشكل غامض عن أم لديها آلام بالمعدة ولكن على أساس مشورة العالم الروحاني، فهي لا تستشير الأطباء إلا في مراحل متأخرة عندما اكتشفت أنها مصابة بالسرطان. وبناءً على هذا نعتقد نحن، الجمهور، أن هذه المرأة المذكورة في قصة مورفي هي والدته، وبالتالي نعتقد أن هذا هو الدافع الرئيسي وراء شغله هذه المهنة.

وطوال الفيلم، نشهد سقوط بعض الدجالين؛ مثل ليوناردو بالدينو الذي يستخدم معلومات مفيدة أعطاها له مساعدوه عن طريق سماعات الأذن مما يساعده على التصرف، وكأنه يعرف الأفكار والتفاصيل الشخصية للحاضرين من الجمهور. وبالتالي، ينخدع الناس بما يقوم به ظنًّا منهم أنه لديه بالفعل قوى خارقة للطبيعة. يعتقد أن شخصية بالادينو مستوحاه من شخصية حقيقية؛ وهو القس بيتر بوبوف، العالم الروحاني الذي تم ضبطه مرة في الثمانينيات. ومع ذلك، في فيلم "الإشارات الحمراء"، نتمكن من رؤية نهاية مثالية للدجال المحتال بالادينو، في حين أنه في الحقيقة، ما زال الملايين من الناس يبجلون ويحتفلون ببوبوف.

يبدو أن هذا التجاور بين المعتقدات الخالدة المتعارضة يوضح لنا إصرار مورفي على كشف سيلفر. على الرغم من اعتراض ماثيسون الشديد على رغبات مساعدها؛ نظرًا للقائها السابق مع سيلفر، فإن مورفي يصبح أكثر تصميمًا حتى بعد وفاة ماثيسون المفاجئة. ونشهد على كثير من المصائب التي يتعرض لها الفيزيائي الشاب، ومع ذلك لسنا متأكدين من أن سيلفر وعصابته مسئولين عن هذه الأحداث، ولكن في نهاية الفيلم سيتمكن مساعدو مورفي من إبراز الثغرات الموجودة في الخدع التي يقوم بها سيلفر.

وعندما كنا على وشك أن نفرح بالانتصار من خلال كشف حقيقة سيلفر "الأسطوري"، يذهلنا اعتراف مورفي بأنه لديه قوى خارقة للطبيعة، ولذلك أخذ على عاتقه مسئولية إظهار المخادعين على حقيقتهم. ومع هذه النهاية الصادمة، أصبت بخيبة أمل؛ بسبب الرسالة الغامضة، التي للأسف، حاول الفيلم نقلها. بعد ساعتين تقريبًا من الأحداث المثيرة والعصبية نوعًا ما التي تقودنا إلى زيادة إيماننا بالعلوم، نحصل في النهاية على هذا التطور في الأحداث التي من شأنها أن تهز كل تصوراتنا وتوقعاتنا.

 

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية