إيجناز سيميلفيز: ضحية الجهل

شارك

إذا نظرت إلى يديك تحت المجهر، فبالتأكيد ستفجأ! فتحتوي أيدينا على ملايين الميكروبات؛ حيث يكون معظمها غير مؤذٍ ولكن بعضها قد يتسبب في الإصابة بنزلات البرد والإسهال وغيرها من الأمراض الخطيرة الأخرى. وبالرغم من أن الأطباء يذكروننا باستمرار بأهمية غسيل أيدينا بانتظام وخاصة قبل تناول الطعام، فنحن في المقابل نتوقع أن يفعل الأطباء نفس الشيء قبل أن يفحصونا أو قبل إجراء أية عمليات، وذلك لتفادي انتشار العدوى.

شاهد هذا الفيديو لمعرفة كيف يغسل الأطباء أيديهم قبل إجراء العمليات الجراحية:

والمثير للدهشة، أنه حتى عام 1847 لم يكن الأطباء يغسلون أيديهم ولم يكونوا على علم أن هذا الفعل البسيط قد ينقذ حياة الآخرين. فبدأ الأمر عندما لاحظ الطبيب المجري إيجناز سيميلفيز (1818-1865) الذي كان يشغل منصب مدير عيادة التوليد في مستشفى فيينا العام في النمسا أن الجراحين لا يغسلون أيديهم قبل إجراء عمليات التوليد أو العمليات الجراحية، وقبل فحص المرضى حتى بعد تشريح الجثث. في ذلك الوقت، عُزيت وفيات الأمهات إلى أسباب مختلفة وغير معروفة، في حين إن السبب الحقيقي وراء هذه الوفيات هو حمى النفاس، التي تُعد أحد الأسباب الشائعة وراء وفيات السيدات بعد الولادة أو الإجهاض.

إيجناز سيميلفيز هو أول من استخدم أسلوب جمع البيانات الرسمية والإحصاءات لاختبار الفرضيات. فاكتشف أن المشكلة مسألة نظافة، مما يثبت أن غسيل اليدين من شأنه أن يقلل بشكل كبير من عدد وفيات النساء بعد الولادة. هذا ما حدث عندما أمر فريقه الطبي بغسيل أيديهم وأدواتهم باستمرار؛ ليس باستخدام الصابون فقط، بل باستخدام محلول الكلور أيضًا. ساعد هذا الأمر على تقليل نسبة الإصابة بحمى النفاس المميتة من 10٪ إلى 2٪ تقريبًا؛ حيث لُقِّب محليًّا باسم «منقذ الأمهات».

لسوء الحظ، لم يتمكن سيميلفيز من شرح أهمية تعقيم اليدين؛ لأن البكتيريا لم تكن معروفة وقتها. كما لم ينجح في مناقشة الفكرة ونشرها بين المجتمع الطبي لافتقاده اللباقة؛ فقد انتقد الناس الذين اختلفوا معه علنًا حتى أصبح له أعداء، وقد غضب منه عديد من الأطباء لاتهامهم بأنهم سبب وفاة مرضاهم. نتيجة لذلك، تم تجاهل سيميلفيز بشكل كبير حتى إنه كان موضع سخرية؛ وفي النهاية، استغنى الأطباء عن غسيل اليدين بالكلور وفقد وظيفته.

غضب سيميلفيز كثيرًا من جهل مهنة الطب وظن الناس أنه يفقد عقله. حتى إن زوجته قد أرسلته إلى المصحة النفسية في عام 1865؛ حيث توفي بعد 14 يومًا بعد أن تعرض للضرب على يد حراس المشفى بسبب تصرفاته العدوانية. ولم تنتشر فكرة سيميلفيز عن أهمية غسيل اليدين إلا بعد سنوات من وفاته، عندما وضع لويس باستور* نظرية جرثومية المرض، التي أثبتت استنتاجات سيميلفيز بشكل نظري. ومنذ ذلك الحين، يُعد سيميلفيز رائد عملية تطهير اليدين.

*لويس باستور: كيميائي وعالم أحياء دقيقة؛ اشتهر باكتشافه مبادئ التطعيم والتخمر الميكروبي والبسترة.

المراجع

semmelweis.org
sciencemuseum.org.uk

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية