اختراعات غيرت من مجرى التاريخ: التخدير

شارك

التخدير هو الفقدان المؤقت للإحساس بفعل عقاقير تؤثر على تواصل الأعصاب مع بعضها. وقبل استحداث التخدير الحديث، كان غالبًا ما يتم تجنُّب عمل الجراحات قدر المستطاع. فكان على الأطباء تحمُّل صرخات ألم المرضى وقت إجراء العمليات الجراحية. ولإضعاف إحساس المرضى بآلام الجراحات، كان يتم استخدام الكحول، والأفيون، وغيرهما من العلاجات العشبية. وفي بعض الأحيان، كان يتم إفقاد المريض وعيه بضربة عنيفة قبل إجراء الجراحة.

كان من الصعب السيطرة على قدر المخدِّر الذي يُعطى للمريض، مما أثار مشكلة تتعلق بالسلامة. فكثير من المخدِّر قد يؤدي إلى تلف الأعصاب، وقليل منه لا يفي بالغرض. حاليًّا، وبفضل التقدم التكنولوجي، أصبح من الممكن التحكم في قدر المخدِّر المطلوب ليغيب المريض عن الوعي ويبقى كذلك. من شأن ذلك أن يجعل العمليات الجراحية أكثر أمانًا ويضمن ألا يشعر المريض بأية آلام.  

الغرض من التخدير هو تسكين الألم، وضمان عدم تحرُّك المريض، وجعله يفقد وعيه، ولا يشعر بالألم. ويعمل التخدير عندما يُمتص العقار في كلِّ عصب ويتداخل مع حركة أيونات الصوديوم. فالعقاقير المخدرة تغير من طبيعة أغشية خلايا المخ والنخاع الشوكي، وتتداخل مع قدرة الخلايا العصبية على إرسال النواقل العصبية واستقبالها.

قديمًا، كان التحكم في الآلام صراعًا اضطر الإنسان إلى خوضه لعصور طويلة. ويعود ظهور عقاقير التخدير الجراحية إلى قيام قدماء اليونانيين والرومانيين باستخدام بعض النباتات ذات الخواص المخدرة.

قد بدأ البحث عن عقاقير مخدرة حديثة في القرن الرابع عشر عندما ابتكر رايموند لولي الإيثير من حمض الكبريت والكحول، وأسماه "الحامض الحلو". وقد جعل الإيثير التخدير العام ممكنًا، غير أنه كان قابلاً للاشتعال وسامًّا. وقد تم تجاهل هذا الاكتشاف حتى منتصف القرن السادس عشر عندما قام الطبيب وعالم النباتات الألماني فاليريوس كورداس بإعادة اختراع الإيثير؛ وقام العالم اللاهوتي الإنجليزي جوزيف بريستلي باختراع أكسيد النترات، وهو مركب شبيه بالإيثير في خواصه.  

ولم يصبح الأمر واقعًا حتى قام الطبيب الإنجليزي هنري هيكمان باكتشاف إمكانية استخدام هذين المركبين كعقارين مخدرَين. والمخدر الموضعي الكفء الأول كان الكوكايين. فبعدما تم استخلاصه في 1859، استُخدم لأول مرة في جراحة للعيون عام 1884. وفي القرن العشرين، قد تم تركيب عدد من العوامل المخدرة الجديدة المشتق كثير منها من الكافيين؛ مثل: اليوكاين، والأميلوكايين، والبروكايين، والليدوكائين.

عملية التخدير شائكة جدًّا؛ بحيث تكون أخطر من الجراحة ذاتها أحيانًا. فتقريبًا، يموت مريض بين كل ثلاثة عشر ألف من إثر المشكلات المتعلقة بالتخدير.

أصبح التخدير إضافة هامة للمجال الطبي بمجرد اكتشافه. وفي يومنا هذا، يخضع ملايين المرضى للتخدير العام سنويًّا. ونتيجة له، أصبح ممكنًا أن يقوم الجراحون بعمليات أكثر تعقيدًا وأطول وقتًا لإنقاذ مزيد من الأرواح. 

المراجع

www.erowid.org
chua2.fiu.edu
www.ucdenver.edu
www.allaboutanesthesia.com

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية