مؤتمر "إصلاح التعليم" يفتتح أعماله أمس بمكتبة الإسكندرية

تاريخ النشر

الإسكندرية في 9 ديسمبر--

افتتحت مساء أمس بمكتبة الإسكندرية فعاليات مؤتمر "إصلاح التعليم في مصر" بمشاركة كل من الدكتور أحمد جمال الدين موسى وزير التعليم والدكتور عمرو سلامة وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور حسام بدراوي رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب، والدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية والدكتور محمد عبد اللاه رئيس جامعة الإسكندرية.

بدأت الجلسة بكلمة الدكتور إسماعيل سراج الدين الذي أشار إلى أن فكرة المؤتمر بدأت مع المبادرة الرائدة للسيد الرئيس حسني مبارك والتي أكد فيها على ضرورة الإصلاح وضرورة الاستمرار في إعادة هيكلة المنظومة التعليمية، وأشار الدكتور إسماعيل إلى أن المؤتمر هو خطوة في سبيل الإبداع والتجديد في المسيرة التعليمية، وأكد في آخر كلمته على أن نقطة الارتكاز في إصلاح التعليم لا يمكن أن تكون مسئولية الحكومة وحسب بل هي مسئولية مجتمعية على الأسرة وكل أفراد الشعب لأن التحديات الجديدة التي تواجه الشباب اليوم تفرض على المجتمع الجدية القصوى في استخدام الطرق الفعالة للتنمية الحقيقية للاستفادة من القدرات والإمكانات الخلاقة لهؤلاء الشباب.

بدأ بعد ذلك الدكتور حسام بدراوي في طرح ورقته حول "الرؤية الشاملة لإصلاح التعليم" التي ذكر في بدايتها أن تقارير التعليم منذ بدء القرن الجديد وصلت إلى 48 تقريراً مليئة بالأفكار الجدية والخلاقة ولكننا نصاب بالإحباط من جراء عدم تنفيذ هذه الأفكار.

كما أشار في باقي كلمته إلى أننا نريد من إصلاح التعليم أن نصل به إلى أقصى درجات الجودة والقدرة على التنافس بالإضافة إلى غرس قيم الانتماء للوطن من خلاله وهي توجهات يجب أن تكون متضمنة في جميع مراحل التعليم.

ثم عرض سيادته بعد ذلك مجموعة من الأرقام التي تبين حالة التعليم الآن من بينها أن 50 % من الشباب فقط ما بين 18-25 سنة هم فقط الذين التحقوا بالجامعات ولرفع هذه النسبة في المستقبل لابد للدولة أن تنشئ حوالي 70 جامعة جديدة، كما أشار إلى أن هناك فجوة في التعليم بين الإناث والذكور وبين الريف والحضر لابد من القضاء عليها خلال 10 سنوات من اليوم.

وأضاف الدكتور بدراوي أن من بين الآمال التي يطمح للوصول إليها خلال الفترة القادمة أن تقل كثافة الفصول الدراسية إلى 35 طالباً لفصول المرحلة الإعدادية و25 طالباً لفصول المرحلة الثانوية، بالإضافة إلى تطوير مناهج التعليم بشكل يسمح بحرية الابتكار والإبداع والحث على روح المبادرة الشخصية ومبادئ حقوق الإنسان وتقبل الآخر، وأيضاً الاستفادة من رؤى الأستاذ المدرسي والجامعي وإعادة الثقة بهم واحترامهم، وأخيرا إنشاء مراكز للتميز في كل محافظة، وأشار إلى نقطتين من نقاط التحدي التي تواجه تطوير التعليم وهي دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم ودمج التعليم الفني والصناعي في التعليم العالي. وأشار إلى أن كل هذه التحديات يمكن التغلب عليها من خلال توسيع المشاركة المجتمعية من حيث المشاركة في التخطيط والمسئولية في التنفيذ وأيضا من خلال زيادة أعداد المبعوثين للخارج للاستفادة من خبراتهم والوصول إلى تجارب تعليمية جديدة ومبتكرة بالإضافة إلى دخول عصر جديد لا يوجد فيه أي طالب أو أستاذ مدرسي أو جامعي غير قادر على استخدام التكنولوجيا الحديثة.

وفي آخر كلمته أكد الدكتور بدراوي على أن طلاب مصر هم ذخيرتها الحية ولذا لابد من التعامل مع تطوير مناهج التعليم بحرص وتدرج، وأن يكون لكل أفراد المجتمع الإحساس بالمسئولية تجاه عملية التعليم.

وفي كلمته تحدث الدكتور عمرو سلامة عن وجود إرادة سياسية قوية تعتبر مشروع التعليم مشروعاً قومياً وأن الأفكار التي تساهم بها الحكومة وأفراد الشعب هي أفكار هامة جداً ولكن الأهم في هذه المرحلة هو التنفيذ على أكمل وجه. وأن التعليم في مرحلته الراهنة يقوم على إعادة التأهيل والهيكلة لمنظومة التعليم العالي من خلال الوصول إلى جودة أعلى والكفاءة في الأداء الأكاديمي والمؤسسي والارتباط باحتياجات المجتمع ومتطلبات سوق العمل عن طريق إمكانية التطوير الذاتي لمؤسسات التعليم العالي وهي أبرز سمات هذه المؤسسات في الدول المتقدمة لضمان بنية أساسية سليمة من خلال استحداث آلات التقييم والجودة ورفع القدرات البشرية.

ودعا الدكتور عمرو سلامة إلى زيادة الإنفاق على التعليم العالي فمقارنة بدول العالم المتقدم نجد أن بفرنسا يصل متوسط تكلفة الطالب الجامعي 7 آلاف يورو سنوياً، كما نادى باستقلالية الجامعات وزيادة عدد المبعوثين للخارج وزيادة الإنتاج العلمي وإعادة هيكلة الأقسام الإدارية.

وفي نهاية كلمته صرح الدكتور عمرو سلامة بضرورة وضع ملامح رئيسية مستقبلية لمنظومة التعليم العالي، بالإضافة إلى وجود حرية أكاديمية أكبر على مستوى الطلاب إقليمياً ودولياً.

وعن اللامركزية في التعليم تحدث الدكتور أحمد جمال الدين موسى مشيرا إلى ضرورة الحاجة لدعم الجميع بآرائهم وخلفياتهم المتعددة وقدراتهم المتفاوتة لوضع النظريات والأفكار في إطار التطبيق الصحيح لأنه لا يمكن أن تدار كل المؤسسات التعليمية من خلال ديوان وزارة التربية والتعليم.

وأشار إلى أن الدولة تصرف على التعليم 17 مليار جنيه سنوياً ولا يمكن أن نطالب الدولة بمضاعفة أو زيادة هذه الميزانية لأن عليها التزامات أخرى مثل الصحة والنقل والإسكان ولكن لابد أن نعرف جيداً كيفية الاستفادة القصوى من الميزانية الموجودة بالفعل واستخدامها الاستخدام الأمثل. كما يجب أن تعلن الدولة حالة التعبئة العامة للمجتمع لأن المجتمع إذا أدرك أن له دوراً في تحسين التعليم والمدرسة فسيستجيب لخطة التطوير.

ومن المشاكل التي تحدث عنها الدكتور أحمد جمال الدين كثافة الفصول الدراسية من ناحية ومن ناحية أخرى عدم وجود أي مدارس ابتدائية أو إعدادية في بعض القرى الصغيرة على الرغم من وجود أعداد كبيرة من طلاب المرحلتين في هذه القرى. كما تحدث عن النظرة الدونية التي ينظر بها المجتمع للمدرس وأنه لابد من تغييرها وتقدير مكانته في المجتمع. وأعلن أن وزارة التنمية الإدارية تعد حالياً مشروعاً للنظر في أحوال الموظف الحكومي بشكل عام لرفع مستواه. كما أثار مشكلة تدريب المعلمين والتي من أبرز خطواتها الحالية إنشاء أكاديمية للمعلمين ستبدأ أول دوراتها التدريبية خلال الفترة القادمة لعدد غير قليل من القيادات التعليمية على مستوى المحافظات.

وفي آخر الجلسة أشار الدكتور محمد عبد اللاه رئيس جامعة الإسكندرية أن هناك علاقة غير سوية بين الطالب والمعلم أهم أسبابها التكدس داخل الفصول الدراسية من ناحية وعدم وجود الأنشطة الطلابية من ناحية أخرى بمعنى آخر بسبب زيادة الأعداد وقلة الإمكانيات.

وأكد أن التعليم هو سلعة جديرة الإشباع ولابد للمجتمع والقطاع الخاص أن يشارك في إنتاجها وتطويرها، وأضاف إلى أنه لابد من ربط المراكز البحثية بالمجتمع مع التأكيد على كسر بعض القيود والحدود البيروقراطية.

وعقب الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، قدم الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة عرضاً لبعض التجارب العالمية عن إصلاح التعليم، تناول خلالها السياسات العامة والرؤية الإستراتيجية التي اتبعتها بعض الدول التي كانت تعاني من أزمات وأحدثت طفرة هائلة في التعليم مثل (كوريا- الصين- ماليزيا- اليابان- الهند- المكسيك- البرازيل- كوبا) في مقابل الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعد على رأس قائمة الدول المتقدمة مشيراً إلى أن الدول المتقدمة تفوق الدول النامية 40 مرة في الدخل وتفوقها في البحث العلمي 220 مرة. استعرض الدكتور سراج الدين تجربة كوريا في مجال التعليم، مشيراً إلى الأزمة الشديدة التي واجهتها بعد الحرب الكورية في الخمسنينات والتي خرجت منها تعاني من انهيار البنية الأساسية في المجتمع الأمر الذي أدى إلى تعرض أفراد الشعب للفقر والجوع حتى بدأت كوريا ابتداء من عام 1962 أن تعمل على تحسين الاقتصاد خطوة خطوة والانطلاق في مجال التصدير عام 1970 حتى استطاعت عام 1996 أن تضاعف معدل نموها الاقتصادي إلى عشرة أضعاف ووصل متوسط الدخل للفرد إلى 15 ألف دولار سنوياً.

وبالنسبة للتعليم بدأت كوريا بمحو الأمية ولم يصلوا إلى تطوير مراحل التعليم الأولى إلا مع بداية عام 1960 ثم وصلوا إلى تغطية مرحلتي التعليم الإعدادي والثانوي في عام 1980 وانطلقوا منذ عام 1990 في إحداث طفرة التعليم العالي، من خلال اختيار المعلمين ذوي الكفاءة وإتاحة فرص التعليم للجميع والاستخدام الأمثل للموارد المالية وعمل أبحاث تربوية لتقيس النجاح في خطط التعليم، معتمدين في ذلك على الثقة بالذات والرغبة في التغيير والتحسين وعدم النظر إلى الماضي واتباع سياسة "السياسات التي نجحت في الماضي ليست بالضرورة تصلح لمواجهة تحديات المستقبل".

وبالنسبة للتعليم في الهند ذكر الدكتور سراج الدين أنه بالرغم من الفقر الذي يعانوه إلا أنهم اهتموا بمراكز التميز إلى أن أصبحوا اليوم من أكبر مصدري البرمجيات في العالم، كما أنها أصبحت من الدول الرائدة في صناعة الأدوية من خلال الاهتمام بربط البحث العلمي بالتطبيق التكنولوجي من ناحية وتشجيع وتمويل الشركات الصغيرة من ناحية أخرى. أما الصين فقد استطاعت أن تقوم من أزمتها الثقافية والجهل الذي غرقت فيه من خلال إعادة صياغة التعليم وإدخال اللغة الإنجليزية وتطوير الجامعات وإنشاء مراكز التميز إلى أن وصلت خلال عشرين سنة فقط إلى إرسال 450 ألف طالب في بعثات تعليمية للخارج وفي المقابل استقبلت الصين 460 ألف طالب أجنبي ليدرسوا لديها.


شارك