متى تستفيد مصر من تراثها الطبيعى؟

hossam.abdelaleem

 

 كتب حسام عبد العليم

 

منذ بدء الخليقة استخدم الانسان النباتات والأعشاب للتغذية والشفاء والعلاج والوقاية ، فى الوقت الذى لاتخلوا  فيها منطقة بأرض الكنانة -التى حباها الله  بموقع وبيئة ما يميزها عن اى دولة اخرى - من هذه النباتات..ورغم التطور التكنولوجى  والعلمى فى مجال الطب والمجالات اخرى ، نجد ان هناك عودة الى ما نطلق عليه حاليا "بالطب الوقائى " لمواجهة أمراض مستعصية ظهرت حديثا لم يتوصل العلم فيها لعلاج جديد ،حيث ما نراه او نسمع عنه ماهى إلا اجتهادات من علماء  وبحوث مازالت نتائجها تحت الاختبار، فى حين لو ذهب مريض لشخص قضى عمره فى الصحراء فسوف يقدم له "وصفة " ليتناولها كعلاج ، ولكن هل هذه الوصفات والنباتات الطبيعة المستخدمة معروفة لدينا وموثقة؟ هذا الحديث جزء من كل فيما يتعلق بالقضية التى نطرحها بهذا المقال وهى قضية توثيق المعارف البيئية ، والسؤال الذى نبحث عن اجابتة: هل  يهتم ويقوم علماءنا كلا فى تخصصه بتوثيق المعلومات والمعارف؟

  يجيب د.محمد ابراهيم  مدير المحميات الطبيعية بوزارة البيئة سابقا ومستشار وزير البيئة  لنا قائلاً:أى معلومات يجب على الانسان أن يستقيها من منابعها الأصلية  لتكون موثقة للأجيال الحالية والمستقبلية ، سواء كان  هذا التوثيق  موضوعىاً أو تاريخيا أو بيئاً  حتى يمكن الرجوع إليها فى أى وقت ، وأخذ  د. ابراهيم مثالا على نفسه بأنه من اجتهد وقام بجمع كل ما يتعلق بمجال المحميات الطبيعية والتشريعات والقوانين المتعلقة بها والاتفاقات الدولية وتوثيقها فى مرجع واحد لا يوجد له "مثيل" فى الشرق الاوسط  على حد قولة،  لأنه  فى حالة التعدى علي هذه المحميات وانتهاك حرامتها –وهو ما تتعرض له بعض المحميات فى وقتنا الحالى - تكون موثقة ومعترف بها دوليا.

    الدليل الذى يثبت لنا على أن التوثيق المعرفى سواء كان توثيقا ثقافياَ أو اجتماعياً أوحضاريا أو بيئياً قد يكون حلا لمشاكلات قد نواجهها  سواء الى المستوى الداخلى أو الخارجى ، هى الخلافات التى وقعت بين مصر واسرائيل خلال انسحاب الاخيرة من جميع أراض سيناء عدا مدينة طابا مدعية انها تابعة لهم جغرافيا وجزء من أرضهم، لكن حين عاد المتخصصون والباحثون المصريين إلى الخرائط والوثائق التاريخية القديمة لحدود مصر منها " الكتاب الابيض " الذى صدر عن فترة الهدنة عام 1949 يتضمن حقائق تاريخية تثبت الحق المصرى ،تم الاستفادة منها فى عملية التحكيم الدولى الذى أقر أن طابا مصرية .

    ورغم اجتهاد بعض العلماء فى توثيق بعض المعارف البيئية كالكتاب الذى أعده الدكتور لطفى بوليس (توفاه الله) والذى وثق فيه جميع النباتات الطبية فى المنطقة العربية والشرق الأوسط  ويعد فى الوقت الحالى مرجعاً أساسيا لكثير من الباحثين فى المجال ؛ولكن  هذا الجهد قد اقتصر على عالم واحد ، إذن فأين بقية علمائنا الأجلاء ؟! فهل تعلم ان 96% من الحيوانات المصرية الأصل والتى كانت تعيش فى مناطق سيناء والصحراء الغربية  منها النمر السيناوى والفهد الصياد والبقر الوحشى  استطاعت اسرائيل خلالها احتلال سيناء من  اصطياد هذه الحيوانات ووثقتها بإسمها لديها!

    ما أريد قوله هو ضرورة الحفاظ على تراثنا البيئى الهائل الذى ميزنا به الخالق عز وجل سواء من كائنات الحية وطيور مهاجرة وعابرة وأسماك نادرة وشعاب مرجانية ومحميات طبيعية وحيوانات مختلفة وغير ذلك ،كذلك الإستفاده منه بالشكل الأمثل لما له من أبعاداً اجتماعية وحضارية وثقافية وعلمية كبيرة من ناحية ، ومقصداً للسياحة البيئية ومصدر أساسىاً للدخل القومى المصرى من ناحية أخرى، فمتى سنستغل هذه الكنوز؟

 

Bibliotheca Alexandrina