كتب: محمود اسماعيل
فى ظل إرتفاع درجة الحرارة لكوكب الأرض و زيادة سخونة المناخ بالتأكيد ستغير طبيعة سقوط الأمطار والتبخر والثلوج وتدفق ينابيع المياه والعناصر الأخرى التي تؤثر في وفرة المياة وجودتها على مستوى العالم.
و تعتبر موارد الماء العذب شديدة الحساسية تجاه التغيرات التي تطرأ على الطقس والمناخ. فالتغير المناخي من المتوقع أن يؤثر على توفر المياه، ويؤدي ارتفاع منسوب البحار إلى دخول المياه المالحة إلى المياه العذبة الجوفية وجداول المياه العذبة.
التأثير على موارد المياه العذبة
تقع غالبية البلدان العربية فى منطقة جافة وشبه جافة ، تتميز بموارد مائية منخفضة ومحدودة وتبخر مرتفع، كما سبق ذكره. وتعرف الموارد المائية الاجمالية بأنها حاصل مجموع المياه الجوفية المتجددة والموارد المائية السطحية الداخلية والموارد المائية السطحية. وكلما إرتفعت نسبة الموارد المائية السطحية الخارجية من مجموع الموارد المائية المتجددة إرتفعت نسبة الاعتماد وانخفض الأمن المائى.
ونسبة الإعتماد هى الجزء من مجموع الموارد المائية المتجددة الذى ينشأ خارج البلد. لدى العراق والسودان ومصر أعلى موارد مائية سنوية بين البلدان العربية، مقدارها على التوالى 75و65و58 بليون متر مكعب فى السنة، إذاً أكثر من 50 فى المئة من الموارد السطحية هى موارد خارجية، مما يولد مزيداً من الضغوط على وضعها المائى. وتبين أن الجزائر ولبنان وموريتانيا والمغرب والصومال وسوريا وتونس واليمن تأتى فى المرتبة الثانية من مجموع الموارد المائية، وهى بين 5 بلايين و30 بليون متر مكعب فى السنة ولدى بقية البلدان العربية موارد مائية تقل عن 5 بلايين متر مكعب فى السنة. على الرغم من أن مجموع الموارد المائية الجوفية السنوية فى المنطقة العربية يبلغ حوالى 35 بليون متر مكعب فإن أكثر من 50 فى المئة من المياه فى شبه الجزيرة العربية هى مياه جوفية.
معدل تساقط الامطار فى العالم العربى
ونأتى لمشكلة ندرة تساقط الامطار حيث يتفاوت المعدل السنوى للتساقطات فى المنطقة العربية، ففى لبنان وسوريا يبلغ المعدل السنوى للتساقطات 600 و300 مليمتر فى السنة على التوالى. وينخفض المعدل تدريجياً إلى 300مليمتر فى السنة كلما إتجهنا إلى الإجزاء الشمالية والشرقية من ساحل المغرب وتونس على البحر المتوسط ويصل المعدل السنوى للتساقطات إلى 130 مليمتراً فى السنة على بلدان الشمال الإفريقى وشبه الجزيرة العربية، بينما المعدل السنوى للتساقطات على بقية البلدان العربية يبلغ نحو290 مليمتراً فى السنة. وتعتبر الكويت أفقر بلدان المنطقة العربية فى مواردها المائية، إذ يبلغ معدل التساقطات 121 مليمتراً فى السنة، ومجموع الموارد المائية السنوية 0.02 بليون متر مكعب ونسبة الاعتماد 100فى المئة،
ولدى مصر ثانى أدنى تساقطات سنوية فى المنطقة. وعلى رغم معدل التساقطات يعتبر الوضع الكلى للموارد المائية المصرية والموريتالنية والسورية والسوادنية حرجاً للغاية، لأن لديها نسب إعتماد عالية فى المنطقة تبلغ 97، 96،80 ، 77 % على التوالى
، إضافة إلى محدودية مواردها المائية المتجددة الإجمالية. وتعتبر "الموارد المائية السنوية للفرد" مقياساً هاماً للوضع المائى فى البلد .وتواجه جميع البلدان العربية وضعاً مائياً هشاً، ماعدا العراق الذى لديه حصة مائية تزيد على 2900 متر مكعب للفرد فى السنة. ولبنان وسورية يواجهان حالياً إجهاداً مائياً (1000الى 1700متر مكعب للفرد فى السنة )، فيما تواجه بقية البلدان العربية شحاً مائياً(أقل من 1000متر مكعب للفرد فى السنة). وتهدد الوضع المائى فى المنطقة العربية ضغوط بيئية وإجتماعية وإقتصادية وتلاحظ حدوث تأثيرات سلبية
التوقعات المتعلقة بتغير المناخ، وفق الاتجاهات السريعة الحالية للزيادة السكانية، أظهرت أن الجزائر وتونس ومصر والمغرب وسورية ستشهد نقصاً حاداً بحلول سنة 2050، والعراق وحدة يتوقع أن يكون فى وضع أفضل نسبياً وتقليدياً، إعتماد كبير على المياه السطحية والجوفية فى جميع بلدان المنطقة، حيث تستهلك60الى 90% من المياه فى الزراعة، ويزداد الطلب على المياه بإطراد فى أنحاء المنطقة، فيما تنخفض الإمدادات المائية بإطراد. ويتفاقم نقص الموارد المائية نتيجة عوامل تتعلق بإمكانية الوصول إلى المياه وتأتى نوعية وأوضاع مجمعات المياه والبنية التحتية والسياسة والنزاعات فى رأس قائمة أولويات إستراتيجيات تأمين الوصول إلى المياه فى المنطقة. وحالياً تتأثر نوعية الموارد المائية فى المنطقة العربية بالتلوث والتوسع المدنى والفيضانات والإستخدام المفرط للموارد المائية
. ويتوقع أن يزيد تغير المناخ من مستويات ملوحة البحيرات والمياه الجوفية نتيجة إزدياد درجة الحرارة. وعلاوة على ذلك، أدى إرتفاع تركيزات الملوثات فى الأنهار إلى إزدياد تلوث المياه الجوفية، ويتوقع أن يزداد إرتشاح الكيماويات الزراعية إلى المياه الجوفية نتيجة تغيرات فى جريان مياه الأمطار التى تغذى وأشارت الدراسة إلى أن التغيرات المناخية فى المستقبل ستزيد الطلبات المحتملة على الرى فى مصر بنسبة 6إلى 16 فى المئة نتيجة الزيادة فى النتح مع نهاية القرن الحادى والعشرين
خطورة إرتفاع منسوب مياه البحر
واخيرا تظهر مشكلة إرتفاع منسوب مياه البحر(SLR) الذى هو نتيجة هامة لتغير المناخ وتهديد عالمى خطير.ويرجع أن الإحترار فى القرن العشرين ساهم إلى حد بعيد فى إرتفاع مستوى البحر الملاحظ، من خلال التمدد الحرارى لمياه البحر وخسارة الجليد الأرضى على نطاق واسع. ويلاحظ أن مصبات الأنهار والمناطق المدنية الساحلية المنخفضة والجزر الصغيرة هى الأكثر تعرضاً لتأثيرات تغير المناخ وإرتفاع مستوى البحر نتيجة النشاطات البشرية. وتعتبر مصر من البلدان الشديدة التعرض لتأثيرات إرتفاع مستوى البحر. فإرتفاع مستوى البحر متراً واحداً يؤثر فى 6 ملايين شخص فى مصر، ويؤدى إلى خسارة 12 الى 15 فى المئة من الأراضى الزراعية فى منطقة دلتا النيل. ومن المناطق المعرضة لخطر شديد فى مصر أجزاء من محافظات الإسكندرية والبحيرة وبورسعيد ودمياط والسويس. وإذا لم تتخذ إجراءات وقائية، أو ساد سيناريو الأعمال المستمر كالمعتاد، فإن القطاع الزراعى سوف يتأثر سلباً بشدة، يليه القطاع الصناعى، والقطاع السياحى نتيجة إرتفاع مستوى البحرالمجمعات المائية.