مَن يسرق ألوان الشعاب المرجانية فى البحر الأحمر؟

ahmed.alromi

"الأبيضاض" يكسو المرجان.. والدولة تحاصر الظاهرة

 

كتب | أحمد الرومي

"انه الإنسان" هكذا تجيب التقارير العلمية الدولية على هذا السؤال ببساطة، بل وتوسع من النطاق الجغرافى للشعاب المرجانية المتضررة فى البحر الاحمر،  لتشمل بحار العالم كلها.

فالعديد من التقارير والابحاث العلمية فى هذا المجال رصدت فقدان الشعاب المرجانية فى البحار ألوانها الزاهية الجذابة، لتصبح باهتة اللون، وقد رصدت مصرهذه الظاهرة فى البحر الاحمر، ونوهت عنها، منذ عامى  2006 و2007.

ويرجع تقرير منشور على موقع الأمم المتحدة (عنون بـ "آثار تغير المناخ على الشعاب المرجانية والبيئة البحرية")، سبب هذه الظاهرة البيئية إلى "...صنع الإنسان والمرتبطة بالصيد المفرط وممارسات الصيد غير السليمة، واستغلال السواحل، والترسيب، والمصادر البرية للتلوث، والتلوث البحري" إضافة إلى "ارتفاع درجة حرارة البحر".

وقالت جمعية "هيبيكا" المعنية بالمحافظة علي البيئة في البحر الأحمر، أنها رصدت فى الآونة الاخيرة: "إنتشار مفاجئ لاستخدام شباك السبيب، الصيد بالسم، البنادق، الديناميت والصعق الكهربائى، ما أدى إلى تدهور غير مسبوق للمخزون السمكى وكذلك الانواع الاستراتيجية، كالاسماك الملونة والسلاحف البحرية التى هى عصب الانشطة السياحية بالمنطقة، وكذلك يؤثر على التنوع البيولوجى بالبحر الاحمر، كما أن اساطيل الصيد القادمة من السويس، والوافدين من خارج محافظة البحر الأحمر، يمارسون جميع وسائل الصيد الجائر فتجرف الشباك في عمق البحر وتدمر كل ما في طريقها من شعاب مرجانية مع صيد"

وتعد الشعاب المرجانية أحد أهم الموارد الطبيعية في البحر الأحمر لما تمثله من أهمية اقتصادية كمصدر جذب رئيسي لصناعة السياحة، والتي يعتمد عليها حوالي 70% من أبناء المحافظة.

وتشكل الشعاب المرجانية، عالميا، قرابة 0,5% من مساحة قاع المحيطات البالغة 70% من مساحة الكرة الارضية، وهي عبارة عن هياكل معقدة، ثلاثية الأبعاد، بنيت على مدى آلاف السنين نتيجة لترسيب هياكل كربونات الكالسيوم التي كونتها أنواع المرجان المكونة للشعاب.  وتقوم الشعاب المرجانية بتدوير المغذيات وتوفير الأغذية على جميع مستويات السلسلة الغذائية فى البحار.

والمعضلة التى يقع فيها العالم أن البحار غدت شبكة نقل رئيسية، لرخص تكلفتها، إضافة إلى كونها مصدراً للأغذية، ومنطقة ترويح مفضلة للانسان، وقد نشأت معظم المدن الرئيسية على طول السواحل كمناطق للتجارة. فقُدّر عدد الأشخاص الذين يعتمدون على البحار في الحصول على رزقهم نحو 3,5 مليارات شخص. وإن أفقر سكان العالم يعتمدون في بقائهم على علاقاتهم الوثيقة بالبحار التى تتعرض حاليا للمخاطر جراء الأوضاع البيئية التي أحدثها تغير المناخ العالمي.

ويعرّف "اليونيب" (برنامج الأمم المتحدة للبيئة) التغير المناخى بأنه: "اختلال فى الظروف المناخية المعتادة، كالحرارة وأنماط الرياح والأمطار التى تميز كل منطقة على الأرض"

فعلى مدار المائة عام الأخيرة رصد أرتفاع ملحوظ فى درجات الحرارة يرجع بالدرجة الأولى إلى الأنشطة البشرية، مثل حرق الوقود، وإزالة الغابات، واستخدام الأراضي الزراعية فى غير أغراضها. ما أدى إلى ارتفاع غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان فى الجو، مسببان ما يسمى بـ "الاحترار  العالمى" وسط توقعات بارتفاع درجة حرارة الجو بمقدار 2,5 – 4,7 درجة مئوية في عام 2100 بالمقارنة بمستويات عصر ما قبل الصناعة.

تشير الأمم المتحدة فى تقاريرها إلى أن أكبر المخاطر التي تواجه المرجانيات هو "خطر تعرضها للابيضاض" نتيجة لارتفاع درجة حرارة سطح البحر والذى يؤدى إلى تعطيل العلاقة التكافلية بين المرجانيات والطحالب المصاحبة لها. فتلفظها وتكون النتيجة فقدان لونه (يحدث الابيضاض) ويصبح ضعيفا هشا.

وتتميز بعض المرجانيات بقدرتها على التعافي، ولكنها تموت في كثير من الحالات، ومعالجة مشكلة الشعاب المرجانية يمكن تحقيقه من خلال أمرين "التكيف والتخفيف"

و"التكيف" يعنى النهوض بالجهود البحثية لتحسين علاقة الكائنات الحية ببعضها البعض لرفع قدرة المرجان على مواجهة تغير المناخ وإنشاء مناطق بحرية محمية  التى تعد أفضل وسيلة للمحافطة على الشعاب المرجانية.

و"التخفيف" والمتمثل فى استجابة عالمية جادة للحد من أثر تغير المناخ بالعمل بصورة مباشرة على الحد من الانبعاثات، وتحسين كفاءة الطاقة، والحد من إزالة الغابات.

وفى هذا الاطار، أصدر اللواء أحمد عبد الله، محافظ البحر الأحمر، فى وقت سابق، قرار بحظر  بيع وإستخدام شباك السبيب وبنادق الصيد في البحر الأحمر لإضرارها بالبيئة البحرية، وذلك إعتبارا من 1 يناير الماضى، بناء علي القرار رقم 936 لسنة 2015.

Bibliotheca Alexandrina