كيف نستعد للسنوات العجاف بعد سد النهضة ؟
د. مغاورى شحاته: الاستفادة من المخزون الجوفي يحتاج دراسات مستمرة
د.نادر نورالدين : 15 مليار مترمكعب فاقد شبكات الري المتهالكة سنويا
د. نصر علام: الإعتراف بالمشكلة أول طريق العلاج
أعد الملف:
حازم بدر
حسام عبد العليم
بينما يواصل المفاوض المصري "خارجيا" جهوده في الحفاظ على حقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل بعد بناء سد النهضة الإثيوبي، دارت عجلة الإبتكار "داخليا" للتعامل مع التداعيات المتوقعة لبدء تشغيل السد، بالعمل على توفير البديل.
ويؤكد الخبراء على ضرورة السير في الإتجاهين جنبا إلى جنب، مشيرين إلى أن الإنشغال في الدفاع عن الحقوق، لا يجب أن ينسينا العمل على توفير مجموعة من البدائل، ومنها تطوير أساليب الري والاستفادة من مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي.
وتحتاج هذه البدائل إلى تكنولوجيات عالية جدا ومكلفة، قد لا تتلائم مع ظروف مصر الاقتصادية، وهو ما دفع عدد من الباحثين المصريين إلى التفكير خارج الصندوق، بالعمل على توفيرها من خلال ابتكار تكنولوجيات محلية .
وفي هذا الملف، نستعرض أبرز الابتكارات التي قدمها الباحث المصري انطلاقا من المثل القائل " الحاجة أم الإختراع"، كما نستعرض التداعيات المتوقعة لسد النهضة، و الجهود المبذولة للحد من تأثيرها.
د. مغاورى شحاته الخبير المياه الدولى ومستشار الرئيس لشئون المياة الجوفية، أخذنا في البداية إلى شرح الأساس الذي تقوم عليه عملية التفاوض.
وقال شحاتة ان عملية التفاوض على سنوات الملئ الأول لخزان سد النهضة وسنوات التشغيل ستكون طبقا لتقارير المكاتب الاستشارية الفرنسية التى سيتم التعاقد معها، والتى ستقوم بدورها بدراسة الأثار المتوقعة على مصر والسودان .
ويؤكد د. شحاتة ان هناك خطورة من تشغيل سد النهضة في سنواته الأولى خاصة على مصر، فى حين ان الخطورة أقل بالنسبة للسودان.
وتتفاوض مصر على أن تكون فترة الملئ الأولى لخزان السد طويلة، بينما تسعى اثيوبيا لتكون أقل فترة ،بدعوى سرعة انتاج الطاقة وبدء مشوار التنمية، بحسب الخبير المائي.
ويوضح بأن هناك اجتهادات تشير الى أن حصة مصر من مياة النيل خلال عمليات الملئ تقدر ب12 مليار مترمكعب وفى الوقت نفسه تنفى اثيوبيا ذلك وتؤكد عدم تأثر حصة مصر من المياة وبالتالى يزداد العجز.
وأشار أن نقص المياه سيؤثر الى مستوى المياة فى مجرى النيل ويترتب عليها ظواهر بيئية ، منها تأثر محطات مياة الشرب الممتدة على امتداد النهر فى كل المحافظات ،كذلك معدلات الرى .
وأوضح د. مغاورى ان كل هذه العوامل والتأثيرات متوقعة ومدروسة ، وانتظار تقرير المكاتب الاستشارية يؤكد الأرقام الفعلية لحجم الخطر وما إن كان هناك ضررا يقع أم لا وطرح الحلول .
وقال ان هناك دول كثيرة جدا فيها عجز فى موارد المياه العذبة ، لذلك لا بد من تعظيم طرق الرى واخضاع كل ما يتعلق بها من رياحات وترع ومصارف الى صيانة مستمرة ، حتى لا يكون هناك هدر للمياه ، وهذه مسئولة متضامنة تحتاج الى سياسة زراعية جديدة وسياسة مائية جديدة ، فوزارة الرى لابد ان يكون لديها منشأت وصرف على درجة عالية من الكفاءة لانها مهملة منذ سنوات طويلة.
وأضاف ان وزارة الزراعة تستهلك حوالى 85% من موارد المياه إلا ان العائد منها لا يتعدى 12 % بالنسبة للدخل القومى ،وكذلك مسألة مياه الشرب فسياساتها تحتاج الى مراجعة حيث ان هناك حوالى 35% فاقد فى شبكات المياه، مع التوسع الضخم فى المدن الجديدة والتجمعات السكنية .
وفيما يتعلق بالمياه الجوفية ، قال د. مغاورى ان المخزون الجوفى أسفل الدلتا يتراوح مابين 2 الى 3 مليار مترمكعب سنويا ، ويمكن استخدامها فى المناطق التى لا تصل اليها مياه النيل وبها مشاكل رى ونهايات الترع والمصارف.
وأوضح أن خزان المياه أسفل الدلتا مختلف عن الخزان الجوفى بالصحراء الغربية ، حيث ان المياة الجوفية بالصحراء الغربية غير متجددة ، واكد ان التعامل مع المياة الجوفية لابد ان تكون هناك تقييم ودراسات مستمرة حولها وقياس معدلات السحب حتى لا نفاجئ بتجاوز المعدل المطلوب أو حدوث جور على الخزان الجوفى كما حدث بمدينة الخارجة أو منطقة الوادى الفارغ أو البستان حيث اصبحت المياه مالحة.
السنوات العجاف
وفى السياق ذاته قال د. نادر نور الدين أن بداية الشهر القادم ستبدأ اثيوبيا فى تخزين أول14 مليار مترمكعب، لكى يبدأوا المرحلة الأولى فى تشغيل أول توربينين مع الفيضان القادم ، لكن من الخطر أن يتم فى موسم الجفاف، حيث أنه من المفترض ان ينتظروا الفيضان الغزير لبدء الملئ ، فالعام الحالي هو التاسع من السنوات العجاف.
ويشير نور الدين إلى طريقان للمواجهة، أحدهما خارجيا، وفي هذا الإطار يقول: " ينبغى خلال التفاوض مع اثيوبيا الحصول على اعتراف منها بأن حصة مصر بعد بناء السد ستبقى عند معدلاتها الحالية وهى 50 مليار مترمكعب لمصر والسودان سنويا ، عن طريق توقيع اتفاقية جديدة بين الطرفين.
موارد بديلة
أما الطريق الآخر، فيتعلق بالشأن الداخلي، ويشير د. نور الدين إلى ان مصر لديها عدد من الاستراتيجيات فى ايجاد موارد مياه بديلة وتحسين نوعية المياة ، وتأتى على رأسها معالجة مياة الصرف الزراعى والصحى والصناعى وتقدر باجمالى 17 مليار متر مكعب سنويا، حيث يعاد استخدام نحو 10 مليار مترمكعب من مياه الصرف الزراعى، ولكن بما تحملة من مبيدات ومتبقيات الأسمدة، كذلك الصرف الصحى ويترواح ما بين 5 الى 7مليار، وللأسف يصرف فى نهر النيل نفسه ، فيما تقدر نسبة مياه الصرف الصناعى بمليار مترمكعب ويمكن معالجتها داخل المصانع واسخدامها كما تفعل المانيا حيث تستخدم مياة الصرف الصناعى لتسع مرات تقريبا .
ويضيف الخبير المائى ان لدينا مخطط للتوسع فى وحدات تحلية مياة البحر ، ويمكن ان نحصل منها فى حدود 5مليار مترمكعب من المياة بحيث يتم استخدامها فى القرى والمناطق السياحية والفنادق والمصانع ، حيث يكلف سعر مترمكعب المياه الواحد من4 الى 5 جنيهات،ويوضح أن من أهم اسباب زيارة الرئيس السيسى لسنغافورة واليابان هو تقدمهما فى تطوير وحدات معاجلة وتحلية مياة الصرف والبحر .
خطة تطوير
القطاع المستهلك الاكبر للمياة هو قطاع الزراعة ، ويستهلك مايقرب من 85% من الموارد المائية فى مصر ، لذلك يشير د.نور الدين، إلى ضرورة وجود خطط ترشيد وتطوير ورفع كفاءة الرى ، فعلى سبيل المثال لدينا فاقد فى شبكات الرى من ترع ومصارف وقنوات بامتداد 50 ألف كيلو متر تقريبا على مستوى الجمهورية ، فهى ترع مفتوحة ويحدث بها بخر وتسرب عميق وتفقد حوالى 25% من المياه ، ثم نفقد مرة اخرى نبسة تتراوح بين 10 الى 15 % من المياه داخل الحقول .
وقال د. نور الدين ان خطة تطوير شبكات الرى لمنع حدوث أى فاقد وتتضمن تحويل القنوات الصغيرة الى مواسير، وتبطين جوانب الترع الكبيرة وقيعانها ورفع كفاءة الرى داخل الحقول ، مشيرا إلى أن نسبة الفاقد من قطاع الزراعة يتراوح بين 12 الى 15 مليار مترمكعب سنويا ، وهذه النسبة تكفى لزراعة 3 مليون فدان فى العام الواحد .
وأضاف ان هناك مناطق فى مصر لا غنى عن الرى بالغمر ، كمنطقة الدلتا ، حيث ان البحر المتوسط يهدد هذه المنطقة بتمليح التربة بها ، فزراعة الأزر والرى بالغمر هى المصدر الوحيد لغسيل الأملاح بهذه المنطقة، وقال ان منطقة الدلتا تحتوى على حوالى 4,5 مليون فدان وبها 55% من سكن مصر ، وتنتج حوالى 65 % من انتاجنا الغذائى ، وبالتالى لابد من الحفاظ عليها.
وأوضح ان رحلة المياة من السد العالى الى منطقة الدلتا حوالى 17 يوما وتتراح نسبة المياه المهدرة خلال هذه الرحلة من 15 الى 17 مليار مترمكعب سنويا عن طريق التبخر .
وحذر د. نورالدين من تأثر مصر فى نقص حصتها من المياه ، بدءً من شهر أكتوبر القادم والسنوات القادمة ، بعد ان تنتهى إثيوبيا من بناء السد وتخزين أول 14 مليار مترمكعب خلال فترة الفيضان القادم، وبالتالى اصبحت حصة مصر مجهولة حتى الأن بعد اكتمال السد وبدء اثيوبيا عمليات التخزين .ولذلك يجب ان يكون هناك حملة توعية وايقاظ للرأى العام المصرى باهمية ترشيد استخدامات المياه .
الصورة الكاملة
البحوث العلمية تشير إلى امكانية استغلال مايقرب من 5 مليار متر مكعب من مخزون المياه الجوفية سنويا ولمدة مائة عام ، هكذا بدأ د. محمد نصر علام وزير الرى الأسبق حديثة .
وقال أن الصورة الكاملة لمصر فيما يتعلق بالوضع المائى ، هي أن لدينا أمطار ومياه جوفية محدودة للغاية فضلا عن نهر النيل الذي يساهم بـ55,5 مليار مترمكعب سنويا من احتيجاتنا المائية.
وفي وقت كان فيه عدد السكان لم يتجاوز الـ90 مليون ، كان نصيب الفرد الواحد 620 متر مكعب من المياة فى السنة، وهذا أقل بكثير من حد الفقر المائى، حيث يطلق مصطلح الفقر المائى فى حالة كان نصيب الفرد ألف مترمكعب.
وأشار إلى أن التعداد السكانى فى مصر يزيد بمعدل مليونين فى العام وهذا يتطلب توفير مياه شرب وزراعة وصناعة ، فى الوقت الذى تعانى فيه مصر من فجوة غذائية ( وهى الفجوة مابين نشتريه وننتجة) بما يعادل 8 مليار دولار ( أى 90 مليار جنية سنويا) وهى فاتورة استيراد ثابتة سنويا .
وقال د.علام أن حصة مصر سوف تتأثر من المياه خلال سنوات ملئ التخزين خلف سد النهضة ،ولذلك علينا أن نتعامل مع هذا الوضع بعدة أسس ، الأول هو اعتراف مصر بأنها تعانى من أزمة مائية ومواجهة الحقيقة حتى يستجيب الشعب لقرارات الحكومة.
وتسائل هل يجب الحفاظ على المياه الجوفية لتكون مخزون استراييجى لمصر والاعتماد على انشاء محطات تحلية مياه البحر والمعروف عنها ارتفاع تكاليفها ؟
وأكد انه يجب على مصر إعادة التفكير بالنسبة للمخزون المائى والاستراتيجى لتوفير المليارات فى انشاء محطات التحلية ، وقال ان الامر فى حاجة الى اعادة تفكير في منظومة استخدامات المياه على مستوى مصر بالكامل فى ظل التحديات الخارجية.
وتابع: " الامر لن يقف على سد النهضة فقط ، بينما يتوقف على حجم الزيادة السكانية، وكذلك طرق معالجة تلوث المياة ، فمصر من الدول المغلقة والمياه التى نستخدمها نلقيها فى مصدرها وهى مياه النيل ثم نعيد استخدامها مرة اخرى وهكذا وهذه المياه هى بالتأكيد ملوثة وتسبب كثير من الأمراض وهى مشكلة تكلف المليارات".
المستشار الإعلامى للشركة القابضة للمياه
تحلية مياه البحر تساهم بـ 1 % فقط و35 % نسبة الإهدار في مياه الشرب
ووفق ما ذهب إليه الخبراء، نحن أمام مورد مائي يتم إهداره، وموارد غير موجودة ينبغي الإتجاه لها أو قليلة الاستخدام، ينبغي تعظيمها.
وقال العميد محيى الصيرفى المستشار الإعلامى للشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى أن الشركة تنتج مايقرب من 24,5% مليون مترمكعب فى اليوم على مستوى الجمهورية، وهى من موارد مائية مختلفة حيث أن 85% منها مصدرها مياة النيل و14% من مياه الاَبار و1% مياه تحلية مياه بحر وتتراوح نسبة الإهدار مابين 30 إلى 35%.
وحول وجود اَلية لضبط عملية استهلاك المياه، قال المستشار الإعلامى أن هناك قانون مياه جديد، ومن المنتظر عرضه على مجلس النواب فى الفترة القادمة لإقراره، فللأسف لدينا ممارسات خاطئة تؤدى الى اهدار كميات هائلة من المياة الصالحة للشرب، لذلك هناك ضرورة ملحة لتوعية المواطنين بضرورة ترشيد المياه.
وقال ان نصيب الفرد الواحد فى اليوم 200 لتر فى اليوم الواحد، بينما نصيب الفرد فى أوروبا 140 لتر فى اليوم ، مؤكدا أن سعر متر المياه الذى يدفعة المواطن من خلال عدادات المياه ليس السعر الحقيقى له ، حيث تبلغ متوسط تكلفة تنقيته مترمكعب واحد فقط على شركة المياة 2 جنية ، وهذا السعر زاد منذ فترة قليلة نتيجة ارتفاع اسعار الطاقة والكهرباء ، فى حين لو الانسان اشترى مياه معبأة معدنية فنجد ان سعر زجاجة المياه ذات سعة 7 ليترات ثمنها عشرة جنيهات، أى أن سعر ألف لتر من المياه المعبأة 1500جنية.
أفكار في طريق المواجهة
الاستعداد لمواجهة تداعيات سد النهضة، أحيا أفكار قديمة، بات الإهتمام بها – حاليا – فرض عين على مسئولي الدولة، كما أنه من ناحية أخرى، أنتج أفكار جديدة، تهدف إلى توفير تكنولوجيات محلية لمعالجة مياه البحر والصرف الصحي والاستاذة من مياه الآبار.
ماكينة بـ3 آلاف جنيها توفر 24 مليار متر مكعب من المياه
حصل المهندس هديب خليفة، على براءة الإختراع في فبراير 1995، عن ابتكارة لماكينة ري جديدة توفر ما قيمته 24 مليار متر مكعب من المياه.
ولم تحظى ماكينة المهندس هديب بفرصة في التطبيق، رغم أن تجارب عملية أجريت عليها تحت إشراف وزارة الزراعة أثبتت جدواها.
والماكينة كما تظهر الفيديوهات التي شاهدتها "الأخبار"، هي عبارة عن مقطورة صغيرة مثبت عليها مضخة مياه ارتوازية، يتم إدارتها بمحرك ديزل أو بنزين مثبت عليها، وتصل فتحة السحب للمضخة بأنوب مرن لسحب المياه، وتتصل فتحة الطرد من خلال مواسير ومحبس بمدفع الري بالرش.
ويقول المهندس هديب: " يمكن لهذه الماكينة سحب المياه من قنوات الري العادية الموجودة في الأراضي، ومن الآبار الجوفيه السطحية بالأراضي الطينية، بما يساهم في توفير نحو 24 مليار متر مكعب من المياه سنويا في حالة استخدام قنوات الري الحالية أو توفير كل مياه النيل المستخدمه في الري، أي نحو حوالي 48 مليار متر مكعب سنويا، في حال استخدام الآبار السطحية كمصدر للمياه، بدلا من مياه النيل والترع".
وتؤدي هذه الماكينة وظيفتها في الري، وفق آليه بسيطة يشرحها المهندس هديب، حيث يتم وضعها بموازة قناة الري، ويتم إنزال الأنبوب المرن في قناة الري وإدارة المحرك الذي يدير المضخة، فتقوم بسحب المياه من القناة وتدفعها تحت ضغط عالي في مدفع الري بالرش، الذي يدفع رزاز المياه عاليا وبعيدا ليروي مساحة من 30 إلى 50 متر في كافه الإتجاهات خلال دورانه الذاتي المستمر.
وبعد الإنتهاء من ري هذه المنطقة يتم تحريك المقطوره إلى موقع آخر بموازه قناة الري " تبعد عن المنطقة السابقة حوالي من 50 إلى 70 متر"، ويتم الري المنطقة التالية وهكذا، حتى يتم ري المزرعة بأكملها.
وتبلغ تكلفة تصنيع الماكينة 3 آلاف جنيه، بينما الفدان الواحد يتكلف انشاء نظام لريه بالتنقيط حوالي 10 آلاف جنيه، أي أننا نحتاج إلى ما يقرب من 60 مليار جنيه لتعميم هذا النظام.
وبالإضافة لعنصر التكلفة، يؤكد المهندس هديب، على أن الماكينة يمكن استخدامها بسهولة ولا تحتاج إلى مجهود كبير لتدريب الفلاح على استخدامها، بينما نظام الري بالتنقيط معقد وبه محركات وفلاتر ومحابس وخطوط فرعية ورئيسية، وهي أشياء لن يستطيع الفلاح المصري التعامل معها بسهولة.
ويحمل المهندس هديب ملفا ضخما يحوى نتائج التجربة التي تمت في مركز البحوث الزراعية على الماكينة، والتي تم قام على إثرها رئيس مركز البحوث الزراعية بارسال خطاب إلى قطاع الخدمات الزراعية بوزارة الزراعة بتاريخ 3 أكتوبر 2013، يطلب منه المساعدة المادية في انتاج ماكينات للتجربة في أكثر من حقل وعلى نطاق أوسع، فكان الرد من قطاع الخدمات أنه لا يملك ميزانية، ورجح القطاع أن يقوم معهد بحوث الهندسة الزراعية بذلك، بإعتباره جهة اختصاص.
ولم تكن هذه هي المحاولة الوحيدة للمهندس هديب للفت انتباه المسئولين لاختراعه، فوفق خطاب آخر موجه من مدير معهد بحوث المياه بوزارة الري إلى وزير الري بتاريخ 9 سبتمبر 2013، فإن لجنة مشكلة من مدير المعهد واساتذه بقسم الري الحقلي، خلصت إلى أهمية تطبيق الماكينة من خلال مشروع قومي يتم تدعيمه من الدولة، وتشارك فيه ، وفي مارس الماضي حظي المهندس هديب بفرصة اختبار الماكينة في حديقة وزارة الزراعة المصرية، ولم يحدث أي جديد.
تنقية مياه البحر بأغشية مصنعة من قش الأرز
فكرة المهندس هديب خليفة تتعامل مع الموجود، وتحاول ترشيد استهلاكه، ولكن الفكرة التي يقدمها فريق بحثي بالمركز القومي للبحوث، تهدف إلى توفير المزيد، عبر انتاج أغشية من السيللوز المستخرج من قش الأرز، لاستخدامها في تحلية مياه البحر.
ويقول د.تامر رجب الباحث بشعبة الصيدلة بالمركز القومي للبحوث، أن الفكرة الأساسية في ابتكار هذه الأغشية يعتمد على تحضير حمض الخليك منزوع المياه محليا.
وحمض الخليك منزوع الماء، هو العنصر الأغلى سعرا في تكلفة عملية تحويل سيللوز المخلفات إلى أغشية أسيتات سيللوز التي تدخل في تصنيع أغشية تحلية مياه البحر، وهي المشكلة التي يقول الباحث أنه تم علاجها بإنتاج هذا الحمض محليا.
ونجح الباحث في تحضير الحمض معمليا، بتعريض حمض الخليك إلى درجات حرارة، للوصول إلى درجة غليان تسمح بفصل جزيئات الماء.
ويصل سعر المتر من هذا الحمض إلى 2000 جنيه، هذا فضلا عن وجود صعوبات في استيراده، لأنه يدخل في تصنيع الأسلحة الكيماوية والمخدرات، ولا تتمكن أي جهة بخلاف المؤسسات البحثية من استيراده، ولكن الباحث تمكن من انتاجه، لتسيهيل عملية انتاج أغشية تنقية مياه البحر.
ويتم انتاج هذه الأغشية عبر عده خطوات، تبدأ بإنتاج مادة تعرف بـ "أسيتات سيللوز" ، من السيللوز المستخرج من قش الأرز، وذلك بعد إضافة حمض الخليك منزوع المياه، وبعد الوصول إلى تصنيع أسيتات السيللوز، يتم إضافة مركبات كيميائية تعمل على دعم هذه المادة، ليتم بعدها إذابة اسيتات السيللوز في مركب كيميائي، يحوله من الحالة السائلة إلى الحالة اللزجة".
وتسمح تلك الحالة اللزجة في صب تلك المادة على ألواح زجاجية، ليتم تركها لفترة ثم يتم نزعها من الألواح الزجاجية، لتستخدم بعد ذلك في التنقية، بحسب الباحث.
ويقول الباحث أن النتائج التي تم رصدها بحثيا عند تجربة هذه الأغشية، أعطى نسبة تنقية لا تقل عن الأغشية المستوردة، بما يسمح باستخدامها في أغراض الزراعة ومياه الشرب، ولكن التطبيق العملي لهذه الأغشية يحتاج إلى تأسيس خط انتاج.
ورد النيل يمنح قبلة الحياة لمياه الصرف الصناعي
يتميز ورد النيل بأنه شره في امتصاصه للمياه، إذ تستهلك الوردة الواحدة ثلاثة لترات يوميا من المياه، كما أنه يحجب ضوء الشمس عن الأحياء المائية، مؤثرًا بذلك على تكاثرها.
وبينما تنفق مصر سنويًّا ما قيمته 400 مليون جنيه، لرفعه من المجاري المائية، تمكن فريق بحثي من المركز القومي للبحوث في استخدامه لتنقيه مياه الصرف الصناعي.
وتوقعت دراسة لمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة في مصر عام 2011، ارتفاع كمية مياه الصرف الصناعي في مصر إلى 7,5 مليارات متر مكعب سنويًّا بحلول عام 2017، أما مياه الصرف الصحي فتبلغ 2,8 مليار متر مكعب سنويًّا، وقد تصل إلى 6,2 مليارات عام 2017.
ويسعى الفريق البحثي بهذا الابتكار، الذي نالوا عنه براءة اختراع في ديسمبر 2015 ، إلى الاستفادة من هذا المصدر الهام.
وتقوم فكرة الابتكار، كما يشرحها مدحت إبراهيم، الباحث في قسم الطيف بشعبة البحوث الفيزيقية في المركز القومي للبحوث، على تجفيف نبات ورد النيل وتحويله إلى مسحوق، ثم خلطه بمادة كيتوزان، وهي مادة بوليمرية لها خاصية امتصاص المخلفات غير العضوية، ويتم جمع المادتين معًا في منتج جديد على هيئة كريات متناهية الصغر، حجمها يتراوح بين 700 إلى 900 ميكرومتر.
ويقول الباحث أن هذا المنتج يمكن استخدامه بنفس الكفاءة أربع مرات، من خلال وضعه في محلول قلوي يزيل العناصر الكيميائية، كما يمكن إعادة استخدام تلك العناصر مرة أخرى كمنتج ثانوي.
ويجري الفريق البحثي جهودا لتطوير المنتج، باستخدام مادة ألجينات الصوديوم، المستخلصة من الطحالب البنية، كبديل لمادة الكيتوزان.