الأخبار فى رحلة البحث عن الحقيقة :
مبيدات محرمة دولياً.. بالأسواق !
أعد الملف:
حسام عبد العليم
لم يتوقف الحديث عن تهريب المبيدات المسرطنة المحرمة دوليًا إلى مصر ، البعض ينفى والبعض الآخر لا يستبعد وجودها.. لكن لا أحداً لم يجزم بوجود ذلك ، الأخبار فى هذا الملف تبحث عن الحقيقة ،تحدثنا مع الفلاحين والخبراء والمسئولين ، والـتقطت كاميراتنا صوراً لبعض عبوات المبيدات المحظورة ، توصلنا إلى حقائق صادمة واكتشفنا أن الحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة تركت الحبل على الغارب،وعندما اكتشفت الحقائق المرة تسعى فى الوقت الحالى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .
بداية يعترف العلماء والباحثين أن مصر كانت من أولى الدول التى حظرت استخدام المبيدات المحرمة دوليا(أى المبيدات التى لا تسمح دول الإتحاد الأوروبى وهيئة حماية البيئة الأمريكية أو علي الأقل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تشمل أكبر الدول الزراعية في العالم باستخدامها لخطورتها الشديدة على الانسان)، وذلك قبل تحريمها عالمياً بعشرات السنين، ومن هذه المواد الـ (دى دى تى) والهبتاكلور والألدرين وغيرها من مجمل المبيدات التسع التى تم تحريمها باتفاقية دولية عام 2004.ولكن في سبتمبر 2006 أعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) دعمها لاستخدام مادة (دى دى تى) والتى تصنف انها مسرطن بشري،وذلك في الأماكن المغلقة خاصة فى البلدان الأفريقية بسبب تفشى أمراض الملاريا.
والمبيدات الزراعية كغيرها من المواد الكيميائية والأدوية هى مواد خطرة ، أى عند التعرض المباشر لأى جرعة زائدة بشكل متواصل سيؤثر حتما على صحة الانسان ،لذلك فيركز العلماء والباحثين على أن يكون استخدام تلك المواد عند أقل قدر ممكن ويحقق تقليل المخاطر الصحية والبيئية إلى أدنى حد يمكن قبوله عندما يتحتم استخدامها لعلاج مرض أو لإنقاذ أو لزيادة الانتاج الزراعي .ويسيرون على مبدأ كلما صغرت الكميات التي يسمح بتداولها من المبيدات زادت درجة الأمان وانخفضت الخطورة في تناول الغذاء أو الماء فيها.
وعلى الرغم من وجود عمليات تهريب للمبيدات المحظور تدوالها الى داخل البلاد واستخدامها من قبل قلة قليلة من المزارعين بهدف زيادة الإنتاج المحاصيل ،إلا أنه لا يوجد دراسة بحثية عملية واحدة فى كل الدوريات العلمية كما اشار خبراء السُميات تؤكد عن وجود علاقة بين استخدام المبيدات أو حتى التعرض المهني لها وتناول المتبقيات المتوقعة عملياً منها في الغذاء وبين الإصابة بأمراض السرطان في الإنسان.
الغريب فى الأمر انه حين قيامنا بالبحث والمقارنة عن المبيدات المتداولة فى الأسواق المصرية والاخرى الموضوعة على قائمة المبيدات المحظورة ، اكتشفنا ان هناك بالفعل مبيدات محرمة دوليا وفى نفس الوقت يسمح بدخولها البلاد واستخدامها ومنها مبيد( الكابتان) ومكون من المادة الفعالة التى تحمل نفس الإسم ، كما اكتشفت خلال التحقيق وجود مبيدات تحرمها مصر ولكنها مازالت متواجدة فى الاسواق وتدخل البلاد بطريقة رسمية منها مبيد(التيمك) المحظور عالميا.
"الأخبار" فى رحلة مع الفلاح المصرى
المبيدات الزراعية أصبحت مغشوشة فى الأسواق .." ومفيش حد بيحاسب حد "
نريد وزارة الزراعة بتوزيع المبيدات فى جمعيات الزراعىة..وترحمنا من القطاع الخاص
شريف:المبيدات الأصلية أسعارها مرتفعة .. والفلاح يبحث عن بدائل ليس لها فائدة
عاطف :هناك مزارعين يلجأون لإستخدام مبيدات محظورة بسبب عدم وجود بديل لها ..واذا توافر يكون مكلف جدا
لرصد واقع الفلاح المصرى وتعامله مع المبيدات الزراعية ، قامت "الاخبار" بجولة على بعض القرى الريفية بمحافظة المنوفية وألتقت بعدد من المزارعين والفلاحين اصحاب أراض زراعية لنتعرف منهم على انواع الاَفات والحشرات التى تضر المحاصيل الزراعية بانواعها المختلفة وكيفية مقاومتها من بواسطة المبيدات والأسمدة فضلا عن التعرف على انواعها ومركباتها والمادة الفعالة بها ، وماهى المشكلات التى يواجهونها فيما يتعلق بتلك المبيدات ،توجهنا بالسيارة الى قرية كفر منصور التابعة لمركز اشمون منوفية ، وتوقفنا بها وسط الار اض الزراعية بقرية ابويوسف ، شاهدنا عدد من الفلاحين يتحدثون مع احد ملاك الارض جالسون بجوار حجرة صغيرة بداخلها ماكينة رى ، اقتربنا منهم وتحدثوا معنا ، فى البداية قال شريف عبد الروءف والذى يمتلك عدد من الاراضى الزراعية ان الفلاحين الذين يشاركونه فى الارض يعانون اشد المعاناة عند شراء المبيدات والاسمدة ،لكونها اغلبها مغشوشة ، نتيجة تحايل اصحاب محلات بيع المبيدات عليها ، فعلى سبيل المثال سعر مبيد( كوراجين) والذى يكافح الحشرات القارضة والندوة المبكرة بثمار البطاطس يبلغ 80 جنيها للكيس الواحد ، بينما يبلغ سعر الكيس المقلد عشرين جنيها وبالطبع ليس له نفس مفعول المبيد الاصلى ، فحين يذهب الفلاح لصاحب محل مبيدات ويطلب منه هذا المبيد يخدع الفلاح ويعطيه المبيد المقلد بسعر الأصلى ،ولا يعرف الفلاح ذلك إلا بعد رش المحصول ويعلم ان هذا المبيد لم يؤثر بشئ على الاَفة او الحشرات ، واضاف شريف صحيح انه من المفترض ان الفلاح حين يعلم ان بائع المبيدات خدعة فلن يذهب اليه مرة اخرى ، ولكن هناك اساليب كثيرة يمارسها اصحاب محلات المبيدات على الفلاح تجبره بان يشترى من عنده مرة اخرى ،منها على سبيل المثال ان الفلاح يشترى المبيد " شكك" على ان يدفع ثمنه بعد جمع المحصول ، لأن الفلاح لا يتملك المال لشراء المبيد قبل ذلك الوقت وهكذا ، لذلك رغم عدد المحلات الكبير فى مركز اشمون إلا اننا لا نجد سوى محل او اثنين يثق فيهما الفلاح عند تعامله معهما ، اما الباقى فيستغلون جهل الفلاح بالمبيدات ويعطونه أى شئ بهدف التجارة وكسب المال .
معاناة لا تنتهى
ويحكى عوض السيد عبدالله مزارع معاناته مع المبيدات قائلا: عانيت وخدعت كثيرا من محلات المبيدات ، حيث قمت بشراء شيكارة سماد البوتاسيوم وسعرها 200 جنيها ، وفوجئت بانها لم تكن المستوردة رغم ان شكلها الخارجى نفس شكل الشيكارة الاصلية ، حيث كانت مخلوطة ببودرة صفراء اللون وجير وبالتالى لم يؤثر على الافات بالمحصول بل تسبب فى اتلافة بيسبب كمية الجير المخلوطة به ، مشيرا ان هذا حال جميع الفلاحين ، سألته وماذا عن المبيدات الاكثر سمية ، فقال ان يستخدم مبيدات اكثر سمية مثل مبيد "اللانيت" والذى يقضى على اَفة (الحمره) بنبات الباذنجان ولكنه يضع فى اعتباره موعد جمع المحصول بعد رش هذا المبيد ، مؤكدا انه لا يجنى الباذنجان الا بعد اسبوع من رشه حتى يختفى أثر المبيد لانه بيأكل من هذا الباذنجان قبل ان يبيعه للناس وتأكله ، نهائيا حديثة : حرام عليا أرش مبيد عارف انه سام واجمعه قبل اختفاءه اثره فى المحصول وأبيعه للناس وأشيل ذنبهم".
وحول استخدامهم للمبيدات التقليدية وهى الأكثر تأثيرا على صحة المواطنين من غيرها من المبيدات الاَمنة نسبيا مثل مبيد(الملاثيون ، اكتابتون ، دايمثويت ، كلوروبيروفوس ، فينتروثيون) قال حسين ناجى فلاح يعمل باليومية ان مثل هذه المبيدات ندرك جيدا انها سامة وتوؤثر على الانسان اذا ما تناول الفاكهة او الخضار الذى يحملها فى وقت قصير، لذلك مثل هذه المبيدات نقوم برشها على الزراعات قبل حصدها لفترة لا تقل عن 3 اسابيع الى 3 اشهر على حسب نوع المبيدا وذلك نظرا للسمية الشديدة ،مشيرا ان الفلاح هو اول شخص يأكل ما يجنيه ، مضيفا :لكن هذا لا يمنع ان هناك فلاحون معدومى الضمير ، حيث بعضهم عندما يكون زارعا لفاكهة معينة ويرى ان سعرها مرتفع فى السوق رغم ان زرعته امامها مالايقل عن اسبوعين حتى تنضج ،يقوم برشها بمبيد نطلق عليه فى الفلاحين " الفياجرا" فى ظلام الليل وتكون فى الصباح قد نضجت فيحصدها ويبيعها فى السوق دون مراعاته مدى تأثير هذا الثمار على الانسان حين يتناولة حيث مثل هذه المبيدات تباع فى السوق السوداء ولا يجرؤ احد بيعها فى محلات بيع المبيدات ، واكد حسين ان ثقافة الفلاحين محدودوة فيما يتعلق بالمبيدات لذلك يتنمون ان تعود وزارة الزراعة مرة اخرى لتكون مسئولة على توزيع المبيدات للفلاحين عن طريق جمعيات التعاون الزراعى كما يحدث فى الاسمدة ، وبذلك يكون الفلاحين على ثقة باى نوع مبيد توفره ووزارة الزراعة بدلا من ان يكونوا تحت رحمة أباطرة المبيدات من القطاع الخاص الذى لا يهدف الا تحقيق ملايين الجنيهات بصرف النظر عن صحة الفلاح .
الفلاح الفصيح
استكملنا جولتنا وتوجهنا الى قرية اخرى وهى قرية كفر منصور ، حيث التقينا بالحاج عاطف خريص ويمتلك عدة افدنة ويؤجر بعضها مزروعة بانواع مختلفة من الفاكهة والخضراوات ، فى الحقيقة ان الحظ حالفنا حين تقابلنا معه ، حيث يطلق عليه الفلاحون فى القرية بالفلاح الفصيح ، لخبرته الكبيرة فى مجال المبيدات والاسمدة المصرح منها بالاستخدام والمحظورة ،بالاضافة الى لجوء الفلاحين إليه للاستفسار منه على المشكلات التى يواجهونها ويقدم لهم النصائح ،بدأ عاطف حديثة بانه يتمنى ان تكون وزارة الزراعة مسئول مرة اخرى عن بيع المبيدات عن طريق جمعيات التعاون الزراعى بكل قرية اسوة بالاسمدة ، لان هذا الامر فتح الباب بالإتجار بصحة المواطنين وفى مقدمتهم الفلاح المظلوم ، فالمبيدات الاصلية والمستوردة والتى لها نتيجة فعالة على الاَفات والحشرات والمن ولكن للأسف اسعارها مرتفعة مقارنة بما يجنيه الفلاح من كل زرعة ، واذا تواجد فلاح يمتلك ارض وسط اراض كثيرة يقوم بشراء مبيدات عالية الثمن فجيرانه لا يستطيعون ذلك ، وبالتالى فاذا قام الفلاح برش هذا المبيد عالى السعر فى زراعته لمقاومة الاَفات ، فاذا ادى هذا الى نتيجة فلن تمر ايام قليلة إلا وتعود هذه الاّفات مرة اخرى لسبب بسيط هى ان زراعات جيرانه الفلاحين لا يقاومون بنفس المبيد الذى يستخدمه وبالتالى تظل تلك الافات موجودة بل وتنتقل مرة اخرى الى ارض هذا الفلاح ,"كأنك يا أبوزيد ماغزيت".
وأضاف الفلاح ليس لدية الوعى الكافى بالمبيدات وماهة مفيد منها وما هو مضر عليه اولا وعلى الانسان ، ويقع تحت رحمة اصحاب محلات المبيدات الذين يقنعونه بالحجج والاساليب الفارغة فائدة مبيد عن اخر ليشترى منه وفى النهاية يدرك انه خدع لان المبيدات التى اشتراها لم تؤثر على الافات ليس هذا فقط وانما ايضا ضرت بمحصولة.
مبيدات مقلدة
وخلال الحديث عرضت على الحاج عاطف قائمة بانواع المبيدات الأشهر والاكثر استخداما من قبل الفلاحين والمزراعين والتى اعدها اساتذة الزراعة ، وتحمل اسماء المبيدات التقليدية واخرى قليلة المخاطر وبدائل مبيدات فسفورية ، ليخبرنا بأى الانواع الاكثر استخداما ، وشرح لنا قائلا: ان المبيدات التقليدية وهى الاكثر سمية منها (الملاثيون ، اكتابتون ، دايمثويت ، ميثوميل، كلوروبيروفوس ،فينتروثيون) يستخدمها لمكافحة الحشرات القارضة والذبابة البيضاء وصانعات الانفاق والمن والتربس، وانه يراعى فترة رش هذه المبيدات قبل مع المحصول ،مؤكدا انها تؤثر بشكل كبير على الانسان اذا تناول الثمار بعد رشه بهذه المبيدات فى ايام قليلة ، مشيرا الى أن اسعار بعض هذه المبيدات مرتفع جدا على الفلاح حيث ان الكثيرين لا يستطيعون شراؤها ويعتمدون على مبيدات بديلة باسعار اقل وتكون عبارة عن مجموعة من المبيدات مخلوطة مع بعضها البعض ولكن مفعولها ليس بنفس تأثير هذه المبيدات بعضها يأتى من الصين والاخر ينتج فى مصانع بير السلم، كما ان هناك اسماء لمبيدات كانت تستورد من الخارج ولم تعد كذلك فى الوقت الحالى واصبح تصنيعها محلى وبالطبع ليست بنفس قوة المبيد المستورد رغم انها تحمل نفس الاسم منها على سبيل المثال (مبيد سباركل) ويطلق عليه فى السوق المحلى اسم ( سايبركل) كما ان بعضها مكتوب على اللاصق الموجود عليها فترة الأمان التى تحدد موعد جنى الثمار بعد رشه بهذا المبيد ،وبعضها الاخر لا يوجد عليه ، وايضا مبيد (لانيت)-وهو محظور دوليا- من المبيدات التقليدية شديدة السمية وويصل ثمنه 300 جنيها ىحيث اصبح منه الاَن مقلد موجود فى السوق والمثير ان سعره بنفس سعر المببيد الأصلى ، والطبع لا يستطيع الفلاح التفريق بين النوعين لأن الكيس المقلد الذى تم انتاجة فى مصانع بير السلم يكون بنفس شكل الكيس الاصلى حتى لو اللون.
وفيما يتعلق بمبيد(التيمك) والمحرم دوليا ايضا ، قال الحاج عاطف ان تجار المبيدات يستوردونه
وأضاف الحاج عاطف انه يزرع فاكهة الكمثرى وهذا النبات تهاجمه أفة تسمى (اللفحة النارية ) وهى بمثابة مرض السرطان للانسان وتبدأ فى الظهور من 20 مارس الى 20 ابريل من كل عام حيث تسبب هذه الافة فى حرق الزهور وفروع الشجرة التى قد يصل عمرها الى 10 سنوات ، وهذا الافة لا يقضى عليها سوى مبيد يسمى ( استارنر 20%) ومادته الفعالة به تسمى ( اوكسلينك اسيد) واكنت تنتجه احدى شركات الاسمدة والكيماويات الزراعية المملوكة للقطاع العام منذ عام 1998وبعد ان تم خصخصتها واغلاق بعضها توقف انتاج هذا المبيد منذ عام2011 ، حتى الشركات الخاصة توقفت استيراده من الخارج او انتاجة فى مصر والسبب هو ان هذا المبيد ينتج لثمار الكمثرى فقط ، لذلك اوقفت الشركات الخاصة التعامل معه "لأنها مش بتكسب منه " ، وهذه معاناة كبيرة بالنسبة لنا رغم محاولاتى مع وزارة الزراعة لتوفيره الا انها فى النهاية كانت تحيلنى الى التعامل مع نفس الشركات الخاصة وتضعنى تحت رحمتهم ، فلم يعد امامى سوى استخدام بديل وهو عبارة عن مضادات حيوية بيطرية منها ( استربروك ) ولكن نتيجة مكافحته ضعيفة وليس امامى شئ اخر ، واكد ان هناك مبيدات محظور استخدامها ومحرمة دوليا من قبل الفلاحين ، ولكنها مازالت موجودة ويلجأ اليها بعض الفلاحين بسبب عدم وجود بديل عنها واذا توافر فانه مكلف جدا .
محرم دولياً
ألتقت "الأخبار" بفلاح - رفض ذكر اسمه- أنه يزرع العنب فى ارضه ومصاب (بدودة النيماتودا أو الثعبانية) وهى تسبب عفن بجذور نبات العنب ، واضاف انه يستخدم مبيدات ويعلم جديا انها تسبب مرض الفشل الكلوى ورغم ذلك يضطر الى استخدامها كمبيد( التيمك)- وهو محرم دوليا – والذى يحتوى على المادة الفعالة (ديكارب20%)، واكد انه لا يوجد بديل أمامة من مبيدات اخرى لاستخدامها فى مكافحة هذه الاَفات ، فيضطر الى شرائها من السوق السوداء واستخدامها وتأتى بنتيجة سريعة فى المكافحة ، حيث يتم تهريب هذا المبيد فى براميل زنة الواحد منها25 كيلو جرام ولأنه محظور يصعب علينا ايجاده فى السوق ولكن هناك تجار تبيعه للمزارعين بطريقة غير شرعية، حيث يقوم تجار المبيدات بإدخالة الى مصر على انه مادة تستخدم فى دباغة الجلود ،حيث يعتمد هؤلاء التجار على ادخال هذه المواد بعد قيام المعامل التابعة لوزارة الصناعة بفحصها حيث تركز هذه المعامل على ما ان كانت هذه المواد مشعة أو غير مشعة كونها مادة سوداء اللون ، ولايعلم أى من العاملين فى تلك المعامل ان هذه المادة تستخدم كمبيد زراعى ، على عكس فحصها من خلال المعامل التابعة لوزارة الزراعة ، واكد ان التجار يوزعونها على المزارع الكبيرة ذات التربة الصفراء لمكافحة (دودة النيماتودا ) التى تظهر اكثر فى هذه المزراع بسبب تربتها ، على عكس التربة الطينية التى نادرا ما تظهر هذه الدودة فيها. الخطير فى الأمر ان هذا المبيد تتبقى اَثارة فى التربة لأكثر من عدة اعوام وكذلك فى النباتات .
واكد ان هناك بدائل من المبيدات فمكافحة هذا النوع من الاَفات ولكن سعرها مرتفع جدا حيث يصل الى 1500 جنيها للعبوة الواحدة ، قائلا : هو أنا معايا كام ألف ونصف علشان اشترى الدواء ده ، وهو العنب بيجيب كام أصلا علشان اشترى مبيد بهذا السعر". واكد عجم وجود رقابة من قبل وزارة الزراعة المتمثلة فى المرشدين الزراعيين على الفلاحين من فيما يتعلق بانواع المبيدات التى نستخدمها ، وكان اكبر خطأ من الدولة هو حسب وزارة الزراعة يدها من موضوع المبيدات واكتفائها برقابتها اثناء دخولها البلاد فقط.
واكد ان هناك مبيدات مغشوشة يستخدمها الفلاح دون دراية ،وللأسف هذه المبيدات لا تفيد فى مكافحة الاَفات ليس هذا فقط ، انما للأسف تضر الحشرات النافعة صديقة الفلاح وتقضى عليها ومنها ( أسد المن ،حشرة أبو العيد) وهى تقضى على الذبابة البيضاء ، مؤكدا انه بسبب هذه المبيدات المغشوشة والمقلدة ودخول انواع غريبة من بذور الفاكهة والخضراوات الى مصر ، فلن نجد بعد عشرة سنوات أى نوع من الفاكهة او خضار له طعم او ريحة او لون ،واكبر مثال على كلامى هذا اختفاء نبات " الكانتلوب" الذى كنا نطلق عليه قبل 15 عاما "الشهد" بسبب مذاقة الجيد ورائحتة التى كانت تنبعث منه حتى قبل حصاده ، والذى اصبح الان قد يمر العام ولا احد يرغب فى شراء ولو كيلو واحد منه.
خبراء المبيدات والسُميات :
د.صلاح سليمان:
- مصطلح "المبيدات المسرطنة" لا اساس له من الصحة ..ومصر أولى الدول التى تحظر تداول المبيدات المحرمة
- العلماء يسيرون على قاعدة "سيزول الألم لو تناولت قرص أسبرين ..وسأتسمم لو تناول عشرة أقراص"
د. محمد قنديل
- هناك مبيدات محرمة دوليا تستخدم فى مصر لفائدتها ..ولكنها تمثل خطراً على الفلاح
- يجب تدريب الفلاح على طريقة تعامله مع المبيدات اسوة بفلاحي الولايات المتحدة
حرصت الاخبار على رصد أراء عدد من خبراء واساتذة المبيدات والسميات حول ما كل يثار عن المبيدات المسرطنة فى مصر وما اذا كانت تستخدم مادة " دى دى تى" كمادة فعالة ضمن مكونات المبيدات ، وكان فى مقدمتهم د. صلاح سليمان أستاذ كيمياء وسمية المبيدات بجامعة الإسكندرية والذى كان عضوا باللجنة القومية للمبيدات بوزارة الزراعة وقت تولى د. يوسف والى لها، فى البداية قال د. صلاح انه بسبب ما أثير من لغط في وسائل الإعلام حول استخدام المبيدات في مصر أرسى مفاهيم لم يسمع بها فى غيرها من الدول ولا يعرفها العلماء والباحثون المتخصصون فى مجالات علوم السميات وكيمياء المبيدات والسموم وعلاقته بمرض السرطان،وترتب على هذا "اللغط" تبعات لم تؤثر فقط فى الإنتاج الزراعى وإنما أدت إلى نشر ثقافة يُزدرى فيها البحث العلمي ، ولهذا السبب قامت لجنة مبيدات الآفات الزراعية المصرية التى تم تشكيلها فى أواخر عام 2006 بوضع معايير يُلتزم بها عند اتخاذ قرار لتسجيل وتداول مبيد فى مصر، منها بأن يسمح فى مصر باستخدام المبيدات التى يسمح بتسجيلها وتداولها فى دول الإتحاد الأوربى وفى الولايات المتحدة الأمريكية أو علي الأقل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ((OECD والتي تشمل أكبر الدول الزراعية في العالم.
واضاف ان اللجنة أوصت أن يقوم الوزير المختص بتحريم تسجيل أو تداول أو إستخدام عدد كبير من المبيدات التى رأت منظمة الصحة العالمية أن تداولها على المستوى العالمى محدود جداً وتقادمت ولم تقم الشركات التى كانت تنتجها فى السابق بعمل الدراسات والأبحاث اللازمة عليها وفقاً للمعايير الحديثة،وقام الوزير المختص بإصدار القرارات اللازمة لتفعيل تلك التوصيات والإلتزام بها عند تسجيل أو السماح بتداول واستخدام مبيد في مصر.
مصر الأولى
واكد د.صلاح سليمان والذى كان عضوا بلجنة المبيدات وقت تولى يوسف والى وزارة الزراعة أنه للأمانة العلمية لم نسمح فى مصر فى عهد هذه اللجنة أو اللجان السابقة بتسجيل أو إستخدام أى مبيد كان فى وقت السماح به محرّماً بأي اتفاقية دولية ، مشيراً انه تم فى مصر تحريم المبيدات المحرمة عالمياً قبل تحريمها عالمياً بعشرات من السنوات ومنها مادة " د.د.ت"،و"الهبتاكلور" و"الألدرين" وغيرها من مجمل المبيدات التسع التى تم تحريمها باتفاقية دولية عام 2004. بل إن كل المبيدات المحرم إستخدامها فى الولايات المتحدة الأمريكية أو من قبل المفوضية الأوربية كانت مصر لها السبق فى تحريمها أو أنها لم تسجل مطلقاً ولم يوافق على استخدامها أصلاً داخل البلاد.
واضاف: جميعنا نعلم من علماء وعامة أن اى انسان يشعر بشىء يضايقه أو يؤلمه أو مرضه أو "بلغة أخرى يسممه" إذا ما تناول أو لامس أو إستنشق "كم" من شىء يفوق حداً معيناً منه ، فسوف يتقيأ لو تناولت كوباً من الماء أذيب فيه ملعقة أو ملعقتين من ملح الطعام مع أنه بحاجة إلى قليل من الملح فى الطعام الذى يتناوله والماء الذى يشربه ،وسيضيع الألم في رأسي أو في مفاصلي إن تناولت قرصاً من "الأسبرين" مرة واحدة أو حتى يومياً لسنين طويلة ولكنني بالطبع سأتسمم أو سأموت لو تناولت عشرة أقراص دفعة واحدة، تلك هي القاعدة التي يؤمن بها العلماء وتحقق منها العامة بتجارب علمية أو بعفوية لا خلاف عليها.
وردا على سؤال نوع المبيدات التى اطلق عليها" مبيدات مسرطنة" وقت تولى يوسف والى وزارة الزراعة وتم منعها بالفعل واعادةاستخدامها مرة اخرى فى 2006 ، قال: يكفي للدكتور يوسف والى أنه خلال توليه للوزارة زادت قيمة الانتاج الزراعي في مصر أضعافا مضعفه ومنها فقط على سبيل المثال ارتفاع انتاج محصول القمح من 9 أردب للفدان الى 18 أردب للفدان وكنا سنمر بمجاعات لولا ذلك وهي مجهودات تشكر عليها وزارة الزراعة منذ عهده، ثانيا :لم يكن قرار المنع الذي أصدره د.والي لبعض المبيدات في عام 1996 مبررا لا من الناحية العلمية ولا من الناحية العملية مما اضطره للعودة عنه خلال عام واحد حتي لا ينهار الانتاج الزراعي لأن تلك المبيدات كانت الوحيدة القادرة على مكافحة الآفات وهي فوق ذلك كانت ولا زالت الاكثر استخداما على مستوى العالم وبالأخص في دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وهي الاكبر زراعيا في العالم. وانتهى موضوع التحريم والارجاع ولم يتحدث عنه أحد بين عام 1996 وحتى عام 2004 وبدء مرحلة صراع سياسي تم ايقاظ الموضوع فيها كسلاح سياسي بعيدا عن العلم وقواعد الفائدة والضرر وانتهى الامر بإبعاد الرجل ليحل محله مهندس اّخر ليقوم بإعادة التحريم مرة أخرى بعد ما يزيد على سبع سنوات ليس على اسس علمية او عملية واقعيه لمبيدات هي الاكثر استخداما في العالم كما قلت وفي اكثر الدول حرصا على صحة مواطنيها وسلامة البيئة. ومن الملفت للنظرأنني قمت في حينها بالرد على ذلك مما اضطر الوزير الجديد للتراجع عن قرراه المشبوه سياسيا وصرح بالفعل باستخدام مبيدات مما قام بإعادة تحريمها قبل انقضاء أشهر قليله على قراره في إعادة تحريمها ومنها الـTBZ والراكسيل والذي بدون الاول كانت صادرات البرتقال المصري الى اوروبا ستتوقف حيث معاملة البرتقال به مطلب أوروبي،أما الثاني فلأن تقاوي القمح عالية الجودة يلزم معاملتها به وعدم الرجوع عن قرار تحريمه كان سيدمر محصول القمح.
وانهى د. سليمان حديثه موجها عدة نصائح للمزارعين وهى ان هناك قواعد يجب الالتزام بها لضمان عدم حدوث اضرار صحية او بيئية نتيجة استخدام المبيدات اولها يجب التحقق من أن المبيد المستخدم مسجل من قبل وزارة الزراعة وأنه موصي به للاستخدام على المحصول الذي يراد استخدامه عليه لمكافحة الآفات المحددة التي يقدر على مكافحتها وأن يكون هذا الاستخدام بالجرعة الموصي بها وبالطريقة الموصي بها مع اتباع شروط السلامة والملابس والادوات الوقائية للقائمين بعملية الرش والتطبيق وسلامة الات وادوات الرش وان يكون استخدام المبيد في التوقيتات الموصي بها وعدم حصاد المحصول او جمع الثمار الا بعد مرور فترة ما قبل الحصاد منذ وقت المعاملة، وكلها بيانات مكتوبة في بطاقة المبيد الملصقة على عبواته، فإذا تأكدنا من تطبيق ذلك والالتزام به بدقة فلن تكون هناك حادثة تسمم واحدة من استخدام المبيدات لأننا في محاريب العلم والبحث والتشريع نتأكد من الاستخدام الصحيح والمسئول للمبيد وفقا لتلك المعاير لا يمكن أن يصاحبه ضرر.
عالية الثبات
ومن جانبة اكد د. محمد قنديل استاذ المبيدات بكلية الزراعة جامعة القاهرة ان مادة "دى دى تى" المحرمة دوليا لا تستخدم فى مصر ، ولكن المشكلة انه حين يتم تحليل بعض الاغذية او الانسجة الحيوانية فمن الممكن ان نجد اَثار هذه المادة مازالت موجودة ،وهذا يرجع لسبب انها تتميز ب درجة ثبات عالية ومن الممكن ان تبقى اثارها لاكثر من عشرة سنوات نتيجة لتراكمها فى التربة وانتقالها عن طريق المياه وذلك قبل فترات منعها وتحريم استعمالها .
واضاف د.محمد ان هذه المادة مصرح استخدامها من قبل منظمة الصحة العالمية لمكافحة البعوض والتسى تسى الناقل للملاريا والمنتشرة جنوب القارة الافريقية ، وبالتالى من الممكن ان تتأثر بها الدول الاخرى كملوث بيئى وتأتى عن طريق التسريب المائى وليس عن طريق تطايرها فى الهواء ،وردا على سؤال كيف يحمى المزاع نفسه من استخدام المبيدات المهربة داخل مصر قال د. قنديل ان ممارسة الدور الارشادى ودور ادارات المكافحة والتوعية هو الطريق الذى يتبع فى الوقت الحالى مشيرا ان لجنة المبيدات بوزارة الزراعة توزع كتيبات توصيات على كل محلات المبيدات التى من الممكن استخدامها ضد كل اَفة ،وبالتالى تبذل جهد ان الجهاز الرقابة فى المحافظات بدأ يستعين بشباب مهندسين زراعيين وتعينهم وعقد دورات تدريبية لهم للقيام بدورهم فى توعية المزارعين والفلاحين فيما يتعلق بالمبيدات ، ويجب صرف حوافز مالية لهم لتشجيعهم على القيام بهذا الدور، خاصة ان هناك انواع من المواد الفعالة موجودة فى قائمة المبيدات المحرمة دوليا ،ولكنها تستخدم فى مصر لتأثيرها القوى فى محاربة الافات ، مثل مبيد ( كابتان) الفطرى حيث رغم خطورته الا انه متداول فى الاسواق المصرية وايضا فى الولايات المتحدة رغم ان هيئة حماية البيئة الامريكية والاتحاد الأوربى تحرمه ،وهذا يرجع لسبب ان هذا المبيد يزول تأثيره بعد مرور 3 ايام تقريبا ، ولكن الضرر من هذه المادة يقع على الفلاح او المزارع الذى يتعامل معها ،لذلك من المفترض ان قلل التعرض له عن طريق استخدام وسائل أمان يستعين بها الفلاح عن رش هذا المبيد كبدلة حماية وقناع ،مثلما يحدث فى الولايات المتحدة حيث تقوم بتدريب المزارعين لديها على كيفية وقاية انفسهم عند استخدام مثل هذه المبيدات السامة ،مؤكدا ان التعرض له بشكل واسع له خطورة على الانسان ،لذلك تم تعديل تعبئتة بأن يكون عبارة عن بودره يتم زوبانها فى المياه.
اما عن مبيد الملاثيون والذى يستخدم فى مكافحة الذبابة البيضاء والمن فهو شديد السمية ايضا ، ولكن لا يسمح بدخولة مصر الا بعد التأكد من من عدم وجود شوائب به ، حيث ان هذه الشوائب هى الاكثر خطورة على الانسان ، وفى حالة عدم وجود تلك الوشائب يسمح بدخولة واستخدامة لفعاليته القوية .
واكد د. قنديل ان عمليات التهريب ومن بينها تهريب المبيدات ليس موجود فى مصر فقط بل ايضا فى كل دول العالم ،والمشكلة يكمن حلها فى توعية الناس وتوفير المبيدات البديلة الفعالة وهذا هو الحل ، لان التحكم فى عمليات التهريب من الصعب احكامها ، وحول ما يتعلق باستخدام بعض المواطنين للمبيدات المحظورة اوضح د. قنديل ان من يستخدام المبيدات المحظورة اشخاص "فاهمة بتعمل ايه" ومحترفين ويدركون ان مثل هذا النوع من المبيدات سيأتى بنتيجة سريعة ، ولكن لو كان هذا الشخص يقوم بتصدير المحاصيل للخارج فلن يتمكن من ذلك، حيث اصبحت الرقابة فى الدول التى يصدر اليها هذه المحاصيل شديدة وقبل ان تسمح بدخولها تقوم بتحليها وفحصها وفى حالة وجود أى متبقيات على الاغذية فترفض دخولها وتعود مرة اخرى للبلاد ، وبالتالى فأى مزارع الان لايريد ان يتوقف انتاجة وبالتالى مُلزم بالعمل على الطريق الصحيح ، مشيرا ان بدائل المبيدات فى الوقت الحالى اغلبها اَمنة نسبيا واكثر فاعلية كما ان الكمية المحددة للفدان الواحد لا تزيد الجرعة عن 8جرام وبالتالى فرصة التعرض للمادة منخفضة جدا وكذلك فرصة التأثر بها ، على عكس المبيدات التى نتحدث عنها وأسعارها منخفضة كمادة" دى دى تى" قبل تحريمها فقد كان المزارع قبل 30 عاما يستخدم 2 كيلو جرام للفدان الواحد.
وأكد أستاذ المبيدات ان سوء الاستخدام للمبيدات من قبل المزارع عليه عامل كبير فى مدى التأثر بالمبيد ، فيجب ان يراعى الفلاح عند شراء المبيد الاخذ فى الاعتبار فترة الأمان "اى فترة مابعد الرش الأمنة قبل جمع المحصول" والموجوده على الملصق بالعبوة .
رئيس لجنة مبيدات الاَفات الزراعية يؤكد ما كشفته "الأخبار":
التيمك مبيد زراعى محرم دوليا يدخل البلاد بطريقة شرعية.. كصبغة تستخدم فى دباغة الجلود
وضعنا خطة لخفض استيراد (الملاثيون)شديد السُمية بنسبة 5 الى 10% كل عام..وتوفير البديل
60مليار دولار حجم تجارة المبيدات عالميا..ومصر تستهلك 8600 طنا على 15مليون فدان محصولى
تساؤلات كثيرة حملناها إلى د. محمد عبد المجيد رئيس لجنة مبيدات الاَفات الزراعية بوزارة الزراعة ووكيل كلية الزراعة جامعة عين شمس، ليجيب عليها بحثاً عن مواضع الخلل فى منظومة المبيدات ومحاولة ايجاد الحلول لها، وقبل ان يبدأ الدكتور عبد المجيد بالحديث معنا احضر لنا كتاب يحمل اسم( التوصيات المعتمدة لمكافحة الاَفات الزراعية) وقال ان هذا الكتاب من اهم انجازات لجنة المبيدات ويعتبر اصداراً منفردا على مستوى الشرق الأوسط ،وهو عبارة عن مجمل التوصيات التى توصى بها لجنة المبيدات الزراعية حول كل ما يتعلق باسماء وانواع المبيدات المسجلة والاَفات الزراعية المختلفة والنباتات ومواعيد وطريقة الاستخدام لكل مبيد ،مع شرح مفصل لكل ذلك ونتاج كل تجربة عملية اجريت فى الجامعات والمعامل المختصة بوزارة الزراعة .
"لا تصدق أحداً حين يقول لك ان هناك مبيدات ليست سامة او ضارة ولكن للسُمية درجات وما يحكمها هو نوع التعرض لها، إنما ما يحدد مدى تأثير أى مبيد على الانسان هو الاستخدام المسئول من قبل المزارعين والفلاحين ، والاستخدام المقنن ،والاستخدام وفقا للتوصيات " هكذا بدأ رئيس لجنة المبيدات حديثه مشيرا انه بتحقيق 4 شروط هامة وهى ،توقيت مناسب للاستخدام، وتركيز مناسب ،ومبيد مناسب ، واَلة تطبيق مناسبة فلن تكن هناك أى مشكلة فى المبيدات بنسبة كبيرة ، وهذه معايير لابد ان يدركها الانسان.ولهذه الأسباب تقوم لجنة المبيدات بعمل دورات تدريبية لكل العاملين فى منظومة ادارة المبيدات بدءً من مهندسين المكافحة ورجاال الارشاد الزراعى وتجار المبيدات والمزارعين ، مضيفا انه خلال العام الاخير قمنا بتدريب ما يقرب من 2000عامل من هؤلاء ،ولا يوجد تاجر من تجار المبيدات يصرح له بمزاولة المهنة إلا بعد اجتيازة هذه الدورة وتقدم له اللجنة ترخيص بالاتجار على ان يتم تجديد هذا الترخيص كل اربعة سنوات ،بعدها لا يجدد له الترخيص إلا بعد اجتياز الدورة مرة اخرى وهكذا، مؤكدا ان قواعد تسجيل المبيدات فى مصر تحاكى اكثر الدول تقدماً.
تدوال المحظور
وردا على سؤال حول وجود مبيدات محرمة دوليا مازالت تستخدم فى مصر رغم تحريمها دوليا منها مبيد( التيمك، اللانيت، الكابتان) والذى يدخل البلاد بطريقة شرعية على شكل (مادة صبغة )تستخدم فى عمليات دباغة الجلود؟ قال د. محمد عبد المجيد ان مبيد(التيمك) محظور استخدامه داخل البلاد وخارجها ، ولكن للأسف مازالت عمليات تهريب مثل تلك المبيدات مستمرة وان كانت قد انخفضت بنسبة كبيرة فى وقتنا الحالى ( ثم أشار بيده تجاه مكتبته التى تواجد على احدى الأرفف بها علبة مبيد وقال هذا المبيد تم تهريبه عن طريق قطاع غزة ومكتوب عليه باللغة العبرية)، واكد انه توصل لمعلومة منذ اسبوعين تؤكد رصدته"الأخبار" حول طريقة تهريب هذا المبيد الى مصر قائلا:" كلامك مية المية صح"، وأنه قام بالفعل بتوجيه خطاب الى رئيس هيئة التنمية الصناعية شرح فيه خطورة دخول هذه المادة الى البلاد وتحايل التجار على ادخالها كمادة صبغة ، وقال:" بصراحة بعد ما عرفت بالموضوع ده ،شعرت بأن رغم الشغل والجهد اللى بنعمله والقواعد اللى بنحطها لضبط ايقاع منظومة التعامل مع المبيدات ، إلا انه مازال هناك ثقوب تحول دون استكمال هذه المنظومة واحكام السيطرة عليها ، ولكن اؤكد لك - موجها حديثة للأخبار- هقفلها ولو قفلناها هنحل مشكلة كبيرة ".
وفيما يتعلق بمبيد( الكابتان) اكد رئيس لجنة المبيدات ان هذ المبيد ايضا ممنوع تداولة واستخدامة لكونة مبيد شديد السمية وله خطورة على صحة الانسان ، وبالنسبة لمبيد( الملاثيون) شديد السمية والمصرح باستخدامه قال د. عبد المجيد ان اللجنة فى صدد اعداد خطة توفيق الأوضاع للخروج من استخدام هذا المركب تدريجيا وايجاد بديل اخر له، حيث من الصعب منع استخدام هذا المبيد فجأة دون سابق انذار مما سيتسبب ذلك فى احداث ضجة بالأسوق ،مضيفا ان هذه الخطة هى عبارة عن خطة استيرادية لتقليل استيراد هذا المبيد بنسبة تتراوح مابين 5 الى 10% كل عام والبحث عن بديل له، وقال لدينا فريق فى لجنة المبيدات يتابع يوم بيوم كل جديد وماتصل إليه الهيئات والمنظمات العالمية من تغيرات.
واستطرد:"للأسف الناس مش بتسمعنا كويس ، عندها استعداد انها تسمع الغث ولا تسمع السمين، علشان كده احنا بنواجه مشاكل ، ومحتاجين ان الاعلام يساعدنا وينقل للرأى العام الجهد الذى يتم فى هذا التوجه، ودورنا هو ان نولد ثقافة جديدة للتعامل مع المبيدات". وأوضح رئيس لجنة المبيدات انه يوجد مايزيد عن 1100 مستحضر تجارى من المبيدات فى مصر مكون من 250 مادة فعالة ، كما ان حجم الاستهلاك العالمى من المبيدات يبلغ بنسبة 5,2 مليون طن، ويقدر حجم هذه التجارة على المستوى العالم بـ60 مليار دولار ،وفى مصر نستهلك حوالى 8600 طن من المبيدات سنويا، أى ان نسبة استخدام مصر للمبيدات مقارنة بالنسبة العالمية لا تتعدى 0,5% ، موضحا ان العبرة ليست بكمية المبيد المستخدم لكن العبره تكمن فى الاستخدام المسئول وهو العامل الأهم فى منظومة المبيدات ويأتى بعدها عامل ان مصر اقل دولة فى العالم استخداما للمبيدات ، حيث يتلقى الفدان الواحد حوالى 600 جرام من المبيدات فى العام ،علما بان المساحة المحصولية فى مصر تبلغ 15 مليون فدان محصولى.مؤكدا ان لجنة المبيدات تعتمد على مرجعيات عالمية منها الاتحاد الأوروبى وهيئة حماية البيئة الامريكية ودول اليابان وكندا وأستراليا ، مضيفا أن مصر من أولى الدول التى تقوم بتجريب المبيدات واختبارها وفى مناطق مختلفة داخل البلاد قبل السماح باستخدامها رغم موافقة هذه الهيئات الدولية عليها .
ورداً على سؤال حول امكانية عودة دور وزارة الزراعة مرة اخرى بتوزيع المبيدات وتوفيرها للمزارعين من خلال جميعات التعاون الزراعة؟ قال : هذا الأمر كان يتم بالفعل وجرب من قبل منذ عدة سنوات ، ولكن لى اقتراح أو بمعنى اخر اطالب بأن تقوم وزارة الزراعة بتبنى إنشاء مراكز تميز أسوة بالدول المتقدمة فى كافة محافظات مصر، تباع فيها كل مستلزمات الانتاج الزراعى الأصلية من مبيدات وأسمدة ومعدات واَلات، واذا تم هذا فسوف تتساقط المبيدات والمركبات المغشوشة والمشبوهه المنتشرة فى الأسواق ، لأن الفلاح الذى سيتعامل مع هذه المراكز سيكون ثقته كبيرة فيها، مشيراً ان هذا المشروع هو أحد الأفكار التى طرحتها لجنة مبيدات الأفات الزراعية .