كتبت سارة شريف
نحو السعي للحصول علي منتجات غذائية صحية وخالية بقدر الإمكان من السموم و المبيدات الحشرية بدأ الإقبال بكثافة شديدة علي شراء المنتجات العضوية ، بالرغم من ارتفاع سعرها مقارنة بالمنتجات الأخري الغير عضوية.
وللاسف في وقتنا الراهن لا يعرف الكثيرون عن الزراعة العضوية سوي انها الزراعة الخالية من السموم و المبيدات، و هذا صحيح و لكن التعريف الأشمل و الأدق لها كما عرفته ال IFOAM -الاتحاد الدولي لمنظمات الزراعة العضوية – هو "اسلوب زراعي بيئي ذو أبعاد اقتصادية واجتماعية، يهدف إلى إنتاج غذاء نظيف بطرق آمنة، مع مراعاة التوازن الطبيعي، ودون الإخلال بالنظام البيئي"
فالزراعة العضوية تعتمد على نظام الدورة الزراعية، وإعادة استخدام المواد العضوية من داخل المزرعة مثل بقايا المحاصيل، روث الحيوانات، زراعة المحاصيل البقولية، والسماد الأخضر، وكذلك المخلفات العضوية من خارج المزرعة، كما تعتمد على وسائل واساليب غير كيماوية للسيطرة على الآفات (حشرات، أمراض، أعشاب)، فالأسمدة والمبيدات الكيماوية ومنظمات النمو والمواد الكيماوية المضافة (في غذاء الحيوانات) تستثنى من الزراعة العضوية، كما تستثنى منتجات الهندسة الوراثية، و تعتبر بنية التربة وخصوبتها الأساس في إنتاج المحاصيل في الزراعة العضوية ويتم الوصول الى تربة خصبة وحية من خلال سياسة تسميد مناسبة تعتمد على الاسمدة الطبيعية.
و بذلك نري ان قرار التحول من الزراعة العادية/المكثفة (المعتمدة على الكيماويات) إلى الزراعة العضوية يتطلب تغييرا في أسلوب العمل وطريقة التفكير والانتقال من منهجية تعتمد على تغذية النبات الى منهجية تعتمد على تغذية التربة كأسلوب إنتاج، فالتربة في الزراعة العضوية تعامل كجسم نابض بالحياة، وليس فقط كوسط يستخدم لتثبيت النباتات وإمدادها بالعناصر الغذائية.
وبالنظر إلي الوضع الحالي للزراعة العضوية في العالم نري ان الزراعة العضوية لا تلقى قبول فقط في الدول المتقدمة بل تنمو بسرعة في جميع دول العالم، حيث تعطى بيانات الإنتاج العضوي في بعض الدول مؤشراً على مدى انتشار الزراعة العضوية، فقد انتشرت الزراعة العضوية في كثير من بلدان العالم في مقدمتها غرب ألمانيا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان والنمسا والمملكة المتحدة والسويد وفنلندا وعديد من الدول الإفريقية وبدأت في الانتشار في جمهورية مصر العربية منذ حوالي 25 سنة كما تشير التقارير الدولية الصادرة عن IFOAM(الاتحاد الدولي لجمعيات الزراعة العضوية).
وبالنسبة جمهورية مصر العربية فالتوسع في الزراعة العضوية يتطلب الإلمام بالعديد من المفاهيم والأساليب المنظمة لنظم الزراعة العضوية، كما يتطلب تشجيع مراكز البحث العلمي والجامعات المصرية علي إجراء البحوث في مجال الزراعة العضوية "الحيوية" ودراسة كل ما هو جديد من حيث التطبيق تحت الظروف المصرية وكذلك وضع برنامج قومي لتدريب الجهاز الإرشادي بجميع مستوياته ومجالاته حتى يتوافر جهاز إرشادي يستطيع نقل الرسالة الإرشادية العضوية بكفاءة عالية لجميع المهتمين بالإنتاج العضوي مع ضرورة الاهتمام بتوفير النشرات والرسائل الإرشادية العضوية في المجالات المختلفة لإنتاج وتجهيز وتداول المنتجات العضوية.
وهذه المنتجات التي يتم تسويقها محلياً أو تصديرها تحت اسم منتج عضوي "منتج حيوي" و التي يتهافت عليها الكثيرين في الأونة الأخيرة و يسعون لشرائها مهما كان ثمنها لابد أن تخضع للقواعد المنظمة لإنتاج وتجهيز وتداول المنتجات العضوية (الحيوية) بجمهورية مصر العربية والتي تتمشى مع المعايير الأساسية التي وضعها الاتحاد الدولي لمنظمات الزراعة العضوية IFOAM ومجلس التعاون الاقتصادي للدول الأوروبية EU رقم 2092/91 والتي يجب أن يتبعها كل القائمين بعمليات الإنتاج والتجهيز والتداول للمنتجات العضوية والتي تلبي متطلبات المستهلك المصري إلي جانب متطلبات الاتحاد الدولي والأوروبي
ويجب أن تراجع هذه القواعد باستمرار وتصدر القواعد المحدثة كل عامين كما يمكن إصدار ملاحق لهذه القواعد المعدلة مع إعطاء فسحة زمنية لتطبيقها.
مما سبق نستطيع القول ان الزراعة العضوية هي طريقة زراعة تحمل صفة الاستدامة وتضمن التكامل بين عناصر الانتاج الزراعي المختلفة، وتعتمد على أسس وأساليب علمية خاصة بما يتعلق بالتوازن الطبيعي والحفاظ على المصادر الطبيعية، وتجهيز الاسمدة العضوية، والحفاظ على الاحياء الدقيقة النافعة وزيادتها في سبيل إغناء ورفع خصوبة التربة، مما ينعكس على النبات من حيث النمو الجيد، والمحصول العالي والقدرة على مقاومة الافات
فهي زراعة مكثفة بالمعلومات والمعرفة، فممارسة الزراعة العضوية تتطلب من المزارع إلماما شاملاً بما ورد هنا، ومعرفة جيدة بمحاصيل متنوعة، وبعلوم التربة والري والحشرات المختلفة (الضارة والنافعة) والعلاقات بين هذه الحشرات، وكذلك علاقات التضاد أو التعزيز ( حيث تضعف النباتات بعضها أو تقوي بعضها إذا زرعت بشكل متداخل أو مترافقة مع بعضها) وهي بذلك تحتاج إلى قدرة على الربط بين هذه العناصر وتأثرها ببعض وتأثيرها على بعضها البعض.