تغيرات المناخ تثير التساؤل الصعب: هل تعود "سنوات العجاف" لـ"النيل"؟

Mohamed.Magdy

محمد مجدي وسحر المكاوى.. جريدة "الوطن"

اهتم الرأى العام المصرى مؤخراً بظاهرة التغيرات المناخية عقب سقوط السيول على محافظتى الإسكندرية والبحيرة، وغرقهما، ما أثار تساؤلات عدة جاوب عليها خبراء التغيرات المناخية بأن الأرض تشهد ارتفاع درجة حرارتها، وارتفاع مناسيب المياه، إلا أن التساؤل الغامض الذى لم تخرج إجابته للنور حتى الآن هو مدى تأثير تلك التغيرات على الموارد المائية، وهو ما سيؤثر على حياة بلدان بأكملها، مثل مصر التى تواجه "معركة مصيرية" حالياً حول مياه نهر النيل مع إثيوبيا.

تساؤلات المواطنون المصريون وجدت إجابتها في تقارير اللجنة الحكومية العالمية المعنية بتغير المناخ، في تقرير لها حمل عنوان: "تغير المناخ وموارد المياه في النظم والقطاعات"، حيث لفت إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد زيادة في سقوط المطر في خطوط العرض العليا بما سيؤدى لزيادة مناسيب المياه، بينما سيقل هطول الأمطار  في المناطق الوسطى من خطوط العرض، والمناطق المنخفضة منها.

وحذر التقرير من اختفاء بحيرات المياه الداخلية بسبب تغيير المناخ بسبب حساسيتها للتغيرات في رصيد التدفقات المائية الداخلة والتبخر، مستشهدة بمستوى المياه في "بحر آرال"، والذى أخذ مستوى المياه فيه الانخفاض بدرجة كبيرة جداً بسبب زيادة عمليات ضخ المياه للري في أعلى مجرى النهر؛ وانكمشت بحيرة كينغاي في الصين عقب انخفاض هطول المطر في مستجمعات المياه.

ويلفت التقرير إلى أن زيادات درجة حرارة المياه في مناطق خطوط العرض المتوسطة والعليا في فصل الصيف ستزيد من نقص أوكسيجين الأنسجة في البحيرات ذات التكوين الطباقي، وأن تزيد معدل انطلاق الفسفور من الطبقات الرسوبية في قاع البحيرات، وأن تسبب تكاثر الطحالب التي تعيد تشكيل وتسبب أي زيادة بالوحدات في شبكة الأغذية المائية.

وأوضح أن درجات الحرارة في المناطق المدرية خلال المرحلة المقبلة ستؤدى إلى ترسب طبقات حرارية قوية تسبب نقص أوكسيجين الأنسجة في الطبقات العميقة من البحيرات، ونضوب المغذيات من مياه البحيرات الضحلة. كما أن انخفاض تركزات الأوكسيجين سوف يُخفِّض بوجه عام أنواع الكائنات المائية، وخصوصاً في الحالات التي تتردى فيها نوعية المياه بسبب وفرة المغذيات.

وتوقع التقرير انقراض بعض الأنواع عندما تكون درجات الحرارة المرتفعة في الصيف ونقص أوكسيجين الأنسجة على القضاء على مكامن المياه الباردة العميقة.

وأردف: "وفي السهول الجنوبية العظيمة من الولايات المتحدة الأمريكية، تقترب درجات حرارة المياه فعلاً من الحدود المهلكة لكثير من الأسماك المحلية في المجاري المائية المحلية. وتزداد معدلات تحلُّل المواد العضوية مع درجة الحرارة، وبالتالي تعمل على تقصير المدة التي تتوافر فيها فتات الصخور للافقاريات المائية" ما يمثل تهديداً كبيراً للتنوع الأحيائي المحلي في النُظم البيئية المائية.

واستطرد: "قد تكون آثار الاحترار على النظم النهرية أقوى ما تكون في المناطق الرطبة، حيث تكون التدفقات أقل تغيراً والتفاعلات البيولوجية تتحكم في توافر الكائنات الحية. ويمكن لجفاف قيعان المجاري المائية والبحيرات لفترات ممتدة أن يخفِّض إنتاجية النظام الإيكولوجي بسبب التقييد المفروض على الموئل المائي، الذي يصحبه انخفاض في نوعية الماء من خلال زيادة نقص الأوكسيجين وتركُّزات الملوِّثات. وفي المناطق شبه القاحلة من العالم، يمكن أن ينتج عن الانخفاض في تدفق المجاري المائية الفصلية والجفاف الكامل للبحيرات، مثلما في منطقة الساحل الأفريقية، آثار عميقة على خدمات النُظم الإيكولوجية، بما في ذلك على الحفاظ على التنوُّع الأحيائي.

وواصل: "حالياً يعتَبَر ثراء الأنواع في أعلى معدل له في نُظم المياه العذبة في وسط أوروبا. وينخفض في الشمال والجنوب بسبب حالات الجفاف الدورية".

وشدد على أن تقرير التقييم الرابع، الذى أعدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تشير إلى حدوث زيادات في كميات هطول الأمطار في الشمال، ونقصانها في الجنوب، لافتة إلى أن أي زيادة في التقديرات المسقطة للجريان وانخفاض مخاطر الجفاف يمكن أن يفيد مجموعة حيوانات النُظم المائية في المناطق الشمالية من أوروبا.

وعن الحالة المصرية، يقول الدكتور ضياء الدين القوصى، أستاذ الموارد المائية والرى، إن الخبراء والمختصين يتوقعون حدوث حالة من الانخفاض في مستوى المياه الواردة من نهر النيل إلى مصر خلال العشرين عاماً المقبلة، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب مزيد من التعاون مع الدول الإفريقية، وإقامة مشاريع مشتركة لمواجهة هذا الخطر.

ويوضح "القوصى" أن سبب ذلك هو قلة الأمطار الهابطة على منابع النيل مستقبلياً.

Bibliotheca Alexandrina