كتب: شعبان بلال
آثار الارتفاع المستمر في المتوسط العالمي لدرجة الحرارة، مخاوف الدولة، وجهات البحثية، حول تهديدها للقطاع الزراعي، والعديد من المشكلات الخطيرة كارتفاع مستوى سطح البحر، مهددًا بغرق بعض المناطق بالدلتا، وكذلك التأثير على الموارد المائية والإنتاج المحصولي، بالإضافة إلى انتشار بعض الأمراض.
ويشهد العام الحالي، تقلبات كبيرة في درجات الحرارة بشكل قياسي وارتفاع مستوى سطح، ما دفع خبراء إلى المطالبة بحلول سريعة وإجراء العديد من الأبحاث المهم، لتجنب آثارها المدمرة، والتي يغفلها المسئولون.
في البداية قال الدكتور جمال محمد صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن التغيرات المناية ظاهرة خطيرة تنتج عن الاحتباس الحراري، وارتفاع درجات الحرارة، والتقلبات الجوية، لافتا إلى وجود العديد من المخاطر التي تهدد بجفاف مياه النيل، ومصادر المياه التي تعتمد عليها مصر.
وأضاف في تصريحات لـ"الصباح"، أن التغيرات المناخية ستؤثر على 20% من الانتاج الزراعي، لعدم تواءمها مع درجات الحرارة المرتفعة، كالقمح، باستثناء محصول القطن لتحمله درجات الحرارة المتقلبة، وكذلك ستؤثر على الثروة الحيوانية، وهو ما يفسر عدم وجود تربية للأبقار بتوشكى لارتفاع درجات الحرارة بها.
وأوضح: هناك احتمالات بارتفاع سطح البحر وغرق جزء كبير من محافظات شمال الدلتا، وخاصة كفر الشيخ والبحيرة ورشيد، بمساحة تصل إلى 2 مليون فدان، مشيرا إلى غرق أجزاء كبيرة من مدينة رشيد، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة للتغيرات المناخية، بالاضافة إلى دخول مياه البحر في الدلتا.
وكشف "صيام"، عن وجود تأثيرات بالغة لـ"سد النهضة" الإثيوبي، على زيادة هذه التغيرات المناخية، لانخفاض نسبة المياه الواصلة إلى مصر، وبالتالي عدم زراعة الأرز بالدلتا، لأن زراعة الأرز يؤدي إلى حماية الأراضي من مياه البحر، ويقلص من ارتفاع منسوب سطح البحر.
وأردف: لابد من إجراء أبحاث مكثفة؛ لاستنباط أصناف جديدة من النباتات تتحمل درجات الحرارة العالية، والملوحة العالية بالتربة، وسلالات حيوانية جديدة، مؤكدا على ضرورة أن يكون هناك مخصصات مالية كافية لمركز البحوث الزراعية، لإجراء الدراسات والبحث الكافية لذلك، وخاصة إن المركز يحصل على 100 مليون فقط سنويا موزعين على 20 معهد، مضيفا: هناك إهمال شديد للبحوث الزراعية في مصر، وأكثر من 10 آلاف باحث لا يتم استغلالهم بالمركز.
وأكد خبير الاقتصاد الزراعي، أن خسائر هذا العام نتيجة للتغيرات المناخية، ستصل إلى 20 مليار جنيه، كأقل تقدير، لاقبال مصر على تغيرات مناخية غير مسبوقة، مشيرا أن القطاع الزراعي يدير ما يقرب من 210 مليار جنيه سنويا.
وقالت الدكتورة سامية جمال استاذ صحة البيئة بالمعهد العالى للصحة العامة، إن شواطئ رشيد والاسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة، وذلك بمقدار 3 كيلو متر برشيد والبرولس، وأن فنار رشيد كان منذ اعوام على سط الأرض، والآن يوجد في وسط البحر، وكذلك تآكل ما يصل إلى كيلو متر بالاسكندرية بخاصة شاطئ "ستالي"، والذي كان عبارة عن خليج، وتآكل حاليا.
وأوضحت "جمال"، لـ"الصباح"، أنه خلال 50 عاما ستختفى ثلث الدلتا نتيجة تآكل شوطئها، وخاصة في محافظات الاسكندرية ورشيد ودمياط والبحيرة وكفر الشيخ لأنها تمثل أطراف الدلتا.
وقال الدكتور خالد وصيف المتحث الإعلامي باسم وزارة الري، إن الوزارة ممثلة في حماية الشواطئ تقوم حاليا بوضع كتلا خرسانية على الشواطئ، مؤكدا على أن الهيئة نفذت أعمال الحماية لحوالى 20% من سواحل الدلتا البالغ طولها 220 كيلو متر بوسائل متعددة من حوائط الأمواج.
وأشار في تصريحات لـ"الصباح"، إلى أن في رشيد يبلغ طول الحائط فيها 5 كيلو متر وارتفاعه 6 أمتار ودمياط فى رأس البر طول الحائط 6 كيلو متر وارتفاعه 5 أمتار وفي بلطيم، وبلغ مجموع الحواجز التى نشأت 17 حاجزا تكلفت ملايين الجنيهات، وغيرها من المشروعات العاجلة والمتوسطة وأن هيئة حماية الشواطئ التابعة للوزارة تقوم بهذه المهمة فى ضوء الاعتمادات التى توفرها الدولة وذلك ضمن خطة الدولة للتكيف مع اثار التغيرات المناخية على سواحل الدلتا.
وقال المهندس ممدوح حمزة، إنه قدم مشروع في عام 2007 لحماية الشواطي، وأن مشروعه كان يهدف لمنع الدخول السطحي للمياه، من خلال إقامة حوائط خرسانية مثل حواجز الأمواج لكن هذا يهدد شواطئنا الرملية ذات القيمة السياحية العالية وله تكلفة عالية.
وتابع " لذا كان الحل الأمثل يتركز في أن يتم رفع الشواطيء بالرمال بمتوسط إرتفاع متر ونصف المتر، ويفضل أن نأتي بالرمال التي تستخدم في هذا الرفع من قاع البحر، ولكي نحمي هذه الرمال من الانزلاق للبحر مرة أخري يجب إقامة سد ركامي من الأحجار تحت المياه، وأيضا منع المياه الجوفية من الدخول، وذلك بواسطة إقامة حائط مانع للنفاذ يتكون من الطفلة ـ وهي موجودة في الصحراء ـ وخلطها مع أسمنت، ويتم تنفيذ هذا الحائط عن طريق عمل شق في الأرض سمكه يتراوح ما بين60 إلي80 سنتيمترا بعمل يصل إلي الطبقات الطينية التي هي بطبيعتها مانعة لتسرب المياه وبمتوسط عمق نحو15 مترا، ولكنه يصل إلى عمق 50 مترا.
وأوضح "حمزه"، أن هذا المشروع يتطلب تكلفة نحو 20 مليار جنيه، 6 مليارات جنيه للجسور الشاطئية فوق الأرض، و8 مليارات جنيه للحائط المانع للنفاذية تحت الأرض والباقي لأعمال خرسانية وصناعية وانشائية علي مداخل البحيرات وفرعي نهر النيل وقناة السويس ومصبي فرعي النيل ومدخل قناة السويس أما جسور قناة السويس علي كامل طولها فشأنها شأن الجسور الشاطئية نفسها.
وأشارإلى أن المشروع لم يتم تنفيذه، وأن ما تقوم به وزارة الري من عمل كتل خرسانية غير مجدي، ويهدد الشواطئ الرملية ذات القيمة السياحية العالية وله تكلفة عالية، محذرا من خطورة غرق الدلتا، وفقدان مليون و460 ألف فدان، بما عليها من منشآت وطرق ومستشفيات ومدارس، فضلاً عن تمليح ما يقرب من 200 ألف فدان أخرى.
بينما قال الدكتور محمود منصور، أستاذ الاقتصاد الزراعي، بزراعة الأزهر، إن التغيرات المناخية تؤدي إلى فقدان 20٪ من الأراضى الزراعية، مما يؤثر على إنتاجية المحصول الذى سيقل بنسبة 30٪، هذا بالإضافة إلى نقص فى إنتاجية بعض المحاصيل الإستراتيجية كالقمح والقطن والذرة الشامية نتيجة تضاعف ثاني أكسيد الكربون وانخفاض صافي عملية التمثيل الضوئي.
وأشار في تصريحات لـ"الصباح"، إلى أن هناك خطرا كبيراً يواجه بعض المحاصيل الإستراتيجية بسبب التأثيرات المناخية، حيث إنه تحت ظروف تغير المناخ، فإن احتياجات كل محصول ستختلف عنها في الوضع الحالي.
وأوضح أن مصر حتى الآن لم تستعد لمواجهة تلك الارتفاعات في درجة الحرارة، حتى نتفادى انخفاض إنتاجية المحصول، مؤكدا إن مصر تحتاج إلى الكثير والكثير من الأبحاث، للوصول إلى حلول وطرق جديدة تفاديا لأزمات الغذاء، كأبحاث لإنتاج سلاسات جديدة مقاومة للجفاف والبرودة ولارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب أبحاث تساعد في تعديل مواعيد زراعة المحاصيل المختلفة تماشيا مع التغيرات المناخية.
بينما قال الدكتور أحمد فؤاد الأستاذ المساعد بالشعبة الزراعية البيولوجية بالمركز القومي للبحوث، إن التأثيرات الضارة لتغير المناخ علي مصر، تتمثل في ارتفاع مستوى سطح البحر ونقص موارد المياه ونقص الإنتاج الزراعي وصعوبة زراعة بعض أنواع المحاصيل.
وأضاف فؤاد لـ"الصباح"، أنه في حالة عدم التصدي للتغيرات المناخية وإيجاد حلول سريعة، ستكون هناك آثار مدمرة للتغير المناخي تتركز في غرق الدلتا، وارتفاع مستوى سطح البحر ليغمر مساحة لا تقل عن 4.1 مليون فدان من أراضي الدلتا وهو ما يمثل 25% من الأراضي الزراعية المصرية التي تبلغ مساحتها 6 ملايين فدان.
من جانبه قال وزير الزراعة الدكتور صلاح هلال، في تصريحات لـ"الصباح"، إن قضية تغير المناخ هي تكون القضية الأساسية للقرن الـ21 والتي ستؤثر على جميع الأنشطة التنموية والحياتية دون استثناء.
وأشار إلى أن آثار تغير المناخ سيشمل انخفاض هائل فى مصادر الإنتاج والمياه والغذاء، وكثير من الظواهر الجوية الأكثر تطرفاً، وانتشار الأمراض والآفات الزراعية، وارتفاع مستوى سطح البحر وما يتبعه من آثار بيئية واقتصادية واجتماعية كبيرة.
وتابع وزير الزراعة: أن الزيادة المتوقعة في درجة الحرارة ستؤدي إلى زيادة الفجوة بين الموارد المائية والطلب عليها، وانخفاض إنتاجية الزراعة وزيادة المنافسة على الموارد الطبيعية الزراعية، فضلاً عن آثار ارتفاع مستوى سطح البحر على ساحل دلتا النيل والتي ستسبب فى تآكل المساحة المزروعة ونقص الإنتاج الزراعي أيضا بصفة عامة.
وحذر "هلال: أنه في حال الاعتماد فقط على المصادر الطبيعية بصرف النظر على ضغط التغير المناخي أو مراعاة الاستدامة فى استخدام هذه المصادر، فإن المشاكل التي تسببها سوف تنمو، وستزيد عواقب التقاعس عن العمل فى نهاية المطاف.