كتب: محمود إسماعيل
إتفاق باريس هو الأول من نوعه الذي يهدف لحث جميع دول العالم للحد من إنبعاثات الكربون. والإتفاقية بحد ذاتها تشمل جزءاً الزامياً وأخر طوعي. حيث أن بعض جوانب الإتفاق ملزم قانونا، مثل تحديد وتقديم هدف لخفض الانبعاثات وكذلك المراجعة الدورية لهذا الهدف.
ومع تراجع اسعار البترول عالميًا يمثل هذا الإتفاق تحدى للدول المصدرة للنفط والمنتجة لتوصيتة بخفض الإنبعاثات واحد مصادرها الكربون المكون الأساسى للبترول والمنتجات النفطية
وهناك أمران هامان لهذا الإتفاق هما:
1- الحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الارض "بأقل من درجتين مئويتين وبذل المزيد من الجهود من أجل أن لا يتعدي الإرتفاع درجة ونصف فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
2- التمويل الخاص بالإتفاق كانت الدول الغنية قد وعدت في 2009 بتقديم مئة بليون دولار سنويا بداية من 2020 لمساعدة الدول النامية على تمويل انتقالها إلى الطاقات النظيفة ولتتلاءم مع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تعتبر هي أولى ضحاياها. وكما طلبت الدول النامية، نصّ الاتفاق على أن يكون المبلغ ليس سوى "حد أدنى" . وسيتم اقتراح رقم جديد في 2025.
ومع مطالبة الصين والدول النفطية بتقديم المساعدة من جهة أخرى ترفض الدول المتقدمة أن تدفع لوحدها المساعدة، وتطالب دولا مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة والدول النفطية الغنية أن تساهم أيضا. ونصّ الاتفاق على "وجوب أن تقدم الدول المتقدمة موارد مالية لمساعدة الدول النامية"، ويضيف "نشجع باقي الأطراف (دول أو مجموعة دول) على تقديم الدعم على أساس طوعي".
وهو مانصت عليه المادة ال4 وال9 فى إتفاق باريس 2015
هذا الاتفاق يرسل إشارة قوية بأن العالم ملتزم تماماً بمستقبل منخفض الكربون وأن الانتقال إلى الإقتصاد الأخضر بات امراً لا مفر منه. وبعبارة أخرى، فإنه يرسل إشارات قوية إلى الأسواق المالية وأسواق الطاقة العالمية، مما يدفعها إلى تحول جذري بعيداً عن الاستثمار في الفحم والنفط والغاز كمصادر للطاقة الأولية ويدفعها نحو الاستثمار في مصادر الطاقة منخفضة الكربون مثل طاقة الرياح، والطاقة الشمسية.
وإذا وضعنا في الإعتبار ما نص عليه إتفاق باريس للمناخ بأنه سيكون هناك مراجعات دورية كل خمس سنوات، فذلك سيشجع على التعاون العالمي لإيجاد حلول تكنولوجية لخفض الإنبعاثات في مجالات الطاقة وأهكها خفض انتاج النفط والبترول .
ولمفاوضات تغير المناخ بباريس أهمية خاصة للدول النفطية نتيجة لعلاقتها بالوقود الأحفوري خاصة في الدول التي تعتمد علي النفط كمصدر رئيسي للدخل. فغالبية قطاعات الصناعة والطاقة والزراعة والسياحة عالمياً تعتمد بصورة شبه كلية على الوقود الأحفوري، ونتيجة لذلك تولد نسبة كبيرة من إنبعاثات غازات الدفيئة.
ولذلك، فان أي إجراءات تتخذ في هذا الصدد في الدول التي تتبنى قوانين لخفض الإنبعاثات لتنفيذ إتفاقية باريس بشأن تغير المناخ قد تؤثر على الطلب على الوقود الأحفوري وهو المصدر الأساسي لإنبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهو ما سيؤدي بالتبعية الي تضرر إقتصاديات الدول البترولية. فإتفاقية تغير المناخ تعتبر تحدياً كبيراً بالنسبة لهذه الدول.
وطبقا لوكالة الطاقة الدولية يمثل النفط والغاز حوالي 53٪ من إجمالي إمدادات الطاقة الأولية. هذا يعني ان هناك فرصة كافية من الوقت امام الدول النفطية من اجل التحول للاقتصاد الاخضر الذي يعتمد علي مصادر طاقة متجددة.
ولكن من ناحية أخرى، إتفاق باريس لتغير المناخ يمثل فرصة كبيرة للدول النفطية كدول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية حيث بلا شك سيدفعها لتسريع عملية تنويع إقتصاداتها وكذا مصادر الطاقة وبخاصة الإستثمار أكثر في مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة خصوصا الطاقة الشمسية.
وأخيرًا إتفاق باريس يمثل تحدياً حقيقياً للدول النفطية بصفة عامة لكن في نفس الوقت هو فرصة حقيقية لهذه الدول من اجل التعاون مع جميع الشركاء، محلياً، إقليمياً وعالمياً في مجال نقل التكنولوجيا والإستثمار في الطاقة المتجددة وكذلك الإستفادة من العديد من الفرص السانحة للتمويل المتاحة من خلال إتفاقية باريس بشأن تغير المناخ.