كانت الحلقة عن أمير الشعراء أحمد شوقي وتأثيره في الشعر العربي الحديث وذلك بمناسبة اليوبيل الماسي لوفاته. وبدأت الحلقة بتقديم الدكتور إسماعيل سراج الدين لشوقي عبر عدة أعمال تتناول إبداعه الشعري باعتباره المجدد الأبرز للشعر العربي، والشاعر العربي الوحيد الذي توّجه أقرانه أميرًا عليهم.

وبدأ النقاش باستعراض أهم محطات حياة شوقي، حيث نوّه الدكتور فضل ببدايات شوقي الشعرية ومدى ارتباطها بكونه متأثرًا بعدة ثقافات شكلت لديه دافعًا للتجديد والتغيير في الشعر العربي الحديث. أما الدكتورة نهاد صليحة، فقد رأت أن شعر شوقي يعكس هذه الثقافة المتنوعة، حيث تأثر كثيرًا بدراسته في فرنسا وعمله مُترجمًا في قصر الخديوي، وقد ظهر هذا التأثير في محاولاته الأولى لكتابة المسرح الشعري بعد تعرفه على المسرح الفرنسي وفنونه، وقد بدأت هذه التجربة المبكرة في الأدب العربي الحديث مع كتابه "علي بك الكبير".

وعن شوقي باعتباره شاعرًا وطنيًّا، فقد نُفي إلى إسبانيا عام 1914بعد أن عزل الإنجليز الخديوي عباس حلمي الثاني عن حكم مصر. وفي منفاه تفجرت وطنيته وأخذت شكلاً عروبيًّا بعد أن كان مؤيدًا للارتباط بتركيا والجامعة الإسلامية. وبعد عودته زادت مشاعر شوقي المناصرة لحركة الشعب، وتواكب هذا مع تصاعد مطالب الحركة الوطنية، وزيادة الكشوف الأثرية الفرعونية، وهي عدة عوامل جعلت شعر شوقي يتمثل خطاب النهضة المصرية المعاصرة.

لكن الخطاب الوطني لشوقي ظهر قبل ذلك من خلال صداقته لمصطفى كامل ومشاركته في إصدار جريدة الجهاد وشعارات الحزب الوطني، وأثناء بعثته لجامعة مونبلييه شارك مع أحد المبعوثين في تأسيس جمعية للنهضة الوطنية. وقد مثلت هذه العوامل بوادر هيأت للتحول الوطني والعروبي والشعبي لدى شوقي الذي اختار بعد عودته من المنفى مطربين شعبييْن هما محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ليغنّيا قصائده وينشراها بين جموع الشعب، ليكون الغناء وسيلته لنشر الوطنية.

وعن تأثير شوقي على الأجيال الشعرية المختلفة حتى المعاصر منها، علّق الشاعر عمر حاذق بأن شوقي بالنسبة له ولشعراء جيله يعني الكثير وإن كان من الصعب تحديد تأثيره عليهم في هذه العُجالة، ودلّل على ذلك بمشاركته في مسابقة أمير الشعراء التي تقيمها هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث؛ فلم يجد شاعرًا من المشاركين من مختلف البلدان العربية لم يتأثر بشوقي، وظهر ذلك في مسامرات الشعراء وأحاديثهم.

وعن تأثير شوقي فى شعر التفعيلة، شرح الدكتور فضل أنه من السائد القول بأن حركة شعر التفعيلة بدأت عند منتصف القرن، لكن بوادرها بدأت في مسرح شوقي الذي طوره فى سنواته الأربع الأخيرة، فكان يوزع الأبيات الشعرية على أكثر من شخصية وهو ما جعلها تبدو في شكل التفعيلة. وبذلك يُعد أول من طور أنماط الشعر العربي التقليدي. وأضاف الدكتور عسران أن شوقي قد اتهم خطأً بأنه قد غنى أكثر مما نظم في مسرحه الشعري، إلا أنه بالنظر إلى إيقاع أعماله المسرحية نجد أنه نوّع داخل العمل وفي إيقاعه.

وعن مسرح شوقي الشعري، قالت الدكتورة نهاد صليحة إن الجمهور المصري في بداية المسرح كان مرتبطًا بالموسيقى، وبالتالي اقترن هذا المسرح بالشعر، وقامت العديد من الفرق المسرحية بتمثيل مسرحياته في الفترة من 1929 إلى 1933. وكان العديد من مسرحيات شوقي شديدة الغنائية لدرجة أنها كان من الممكن تقديمها كأوبرات وأوبريتات كما حاول أن يفعل محمد عبد الوهاب مع مسرحية "مجنون ليلى".

وعن نثر شوقي، تساءلت الدكتورة صليحة عن سر عدم الاهتمام بهذا النثر ومنه رواية "عذراء الهند" رغم جماله الفني، وفسر هذا الدكتور فضل بأن نثر شوقي كان يتبع أسلوبًا بالغ التنميق والزخرفة اللغوية، فلم تتفق وروح العصر وتطور اللغة. وكان الحادث الأهم في حياة شوقي الشعرية هو مبايعة الشعراء له أميرًا عليهم.