بدأ النقاش بتساؤل الدكتور سراج الدين عن تطور وضع المرأة في مصر والعالم الإسلامي منذ أن بدأت الدعوة للنهضة حتى بداية القرن الحالي، فأوضح الدكتور عماد الطالبي أن وضع المرأة حاليًّا يختلف كثيرًا عما كان عليه في أواخر القرن التاسع عشر، وقد بدأ الحديث عن النهوض بأوضاع المرأة منذ عهد محمد علي ومع دعوة رفاعة الطهطاوي لتعليم البنات، واشتد هذا الاتجاه على يد قاسم أمين ومحمد عبده والأميرة نازلي.

ورأت الدكتورة منى أبو زيد أن احتكاك الشرق بالغرب مع بدء الحملة الفرنسية والبعثات العلمية، أثار قضية المرأة لدى الكثيرين، ومنهم الطهطاوي الذي سجل اختلاف أوضاع المرأة في فرنسا عن المرأة المصرية من حيث العمل والتعليم. ولما كان التقدم هدف الرعيل الأول من رواد النهضة، فقد أدركوا مبكرًا أنه لا سبيل للنهضة ونصف المجتمع غير متعلم، وهو ما تجسد في جهود نهضت بوضع المرأة. لكن هذه المكاسب المتحققة على مدار قرن بدأت تشهد موجة من التراجع مع السبعينيات؛ حيث برز تيار يدعو إلى عودة المرأة إلى ما كانت عليه دون عمل أو تعليم بدعاوى مختلفة متسترة في أغلبها بستار الدين.

وفي هذا الصدد، أكد الدكتور سراج الدين على إيمانه العميق بأنه لا سبيل للنهضة إلا بتعليم البنت وتمكين المرأة، وأضاف أن هناك مجتمعات في العالم الإسلامي ترضى بالتعليم دون تمكين المرأة اجتماعيًّا أو اقتصاديًّا أو سياسيًّا. ورأى الدكتور الطالبي أن الواقع يشهد إقبال الأسر على تعليم بناتها رغم الدعوات الأصولية، وقد استطاعت المرأة وبقوة أن تلتحق بوظائف متعددة وهو ما يؤكد أن هذه الدعوات مصيرها الاندحار. وذكر الدكتور سراج الدين أن المرأة على المستوى السياسي أصبحت حاكمةً في بلدان إسلامية عديدة مثل تركيا وإندونيسيا وبنجلاديش، لكن هذا التمكين السياسي لم يتم في العالم العربي. وأكدت الدكتورة منى أن هذه التجارب تؤكد على أن الإسلام لا يعارض العمل السياسي للمرأة، فقد كانت المرأة في عهد النبي وبعده تشارك سياسيًّا واجتماعيًّا، وفي كافة المجالات.

ثم ناقش المتحدثون جهود الرواد من دعاة تحرير المرأة وعلى رأسهم محمد عبده وقاسم أمين، فأشار الدكتور سراج الدين إلى أن الاجتهاد الديني لمحمد عبده فيما يخص قضايا المرأة كان سابقًا لعصره، خاصة بصدد فتواه بتعدد الزوجات ومطالبته بتدخل ولي الأمر لمنع هذا التعدد، وقد صدرت هذه الفتوى بحرية كاملة دون ضغط خارجي أو داخلي.

ورأى الدكتور الطالبي أن عبده وقاسم اشتركا في تأليف كتاب "تحرير المرأة"، كما اشتركا في وجهة النظر العامة حول المرأة، وفتاوى عبده بهذا الخصوص تعبير كامل عن فهمه لروح الإسلام الخالصة دون احتكاك بالغرب. وأضافت الدكتورة منى أن عبده حاول تصحيح التصور العام السائد عن المرأة آنذاك وإعادته إلى صحيح القرآن والشريعة. وعقب الدكتور سراج الدين بأن هذا التيار كان متمسكًا بالجذور والتراث، وفي الوقت نفسه يؤكد على قيم التجديد والأصالة.

أما الرائدات في الدفاع عن المرأة فكن كثيرات. وأوضحت الدكتورة منى أن منهن زينب فواز شامية الأصل، والتي كتبت الكثير من المقالات عن حقوق المرأة في العمل والتعليم والسياسة، وكذلك ملك حفني ناصف باحثة البادية وأول الحاصلات على درجة البكالوريا والتي ألقت محاضرات على السيدات بالجامعة الأهلية منذ افتتاحها 1908. وكانت أول طالبة منتسبة في الجامعة نبوية موسى والتي لم يمكنها الحصول على الدرجة العلمية. وكان للجامعة فرع نسائي يوم الجمعة.

واختتم الدكتور سراج الدين النقاش بتأكيده على أن المكاسب التي حصلت عليها المرأة منذ جهود جيل الرواد حتى اليوم يجب أن تعتبر قضية اجتماعية يدافع عنها كل جيل، وذلك لحمايتها من مخاطر التراجع أو الانتقاص، ولإزالة عوائق تحرك المرأة في التعليم والعمل والسياسة وغيرها حتى تمارس حقوقها بحرية مثل الرجل. وهذه القضية تتطلب التفعيل الفوري والتحرك لدعمها.