قد تظن أن تمارين البيلاتس صيحة جديدة نسبيًّا، ولكنها تعود إلى قبل عقود طويلة من اختراع منصات التواصل الاجتماعي. لتمارين البيلاتس تاريخ غني وعريق في إعادة التأهيل والدقة التشريحية. وقد تطورت لتصبح ممارسة معترف بها عالميًّا لتعزيز قوة العضلات ومرونتها ووضعيتها، وتعزيز التوازن العضلي العصبي بشكلٍ عام. في عالم اليوم الذي يسير بخطى متسارعة، تدعونا تمارين البيلاتس للتمهل قليلًا والتواصل مع أجسامنا وعقولنا.
سُميَّت تمارين البيلاتس بهذا الاسم تيمنًا بجوزيف بيلاتس، وهو صبي ألماني كان يعاني المرض في طفولته وأراد التغلب على ضعف جسده، فانخرط في ممارسة أنشطة متعددة، من بينها الفنون القتالية واليوجا وكمال الأجسام. المثير للاهتمام هو أن الأمر لم يتطور بالكامل إلا بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، حينما ابتكر بيلاتس تمارين لإعادة تأهيل الجنود المصابين مستخدمًا زنبركات الأسرَّة لخلق المقاومة؛ وهو المفهوم الذي تطوَّر لاحقًا إلى آلة البيلاتس الإصلاحية Reformer Machine.
يستهدف هذا التمرين العضلات العميقة في منطقة الجذع، بما في ذلك العضلة المستعرضة للبطن، وعضلات قاع الحوض، والحجاب الحاجز؛ إذ تشكِّل هذه العضلات الأساس للحركات الوظيفية من خلال الحفاظ على استقرار العمود الفقري والحوض. على وجه التحديد، تُحسِّن هذه التمارين استقرار المنطقة القَطَنية الحَوضية، وتُقوِّي العضلة المستعرضة للبطن التي يُشار إليها غالبًا باسم «مشَدّ الجسم»، إذ تُحافظ على الضغط داخل التجويف البطني وتحمي العمود الفقري في أثناء الحركات الديناميكية.
علاوة على هذا، ترتبط عديد من المشكلات العضلية الهيكلية الشائعة في العصر الحديث –مثل آلام أسفل الظهر– بالخلل في توازن العضلات والوضعيات الخاطئة. وتساعد تمارين البيلاتس على تصحيح هذا الخلل من خلال تنشيط العضلات الناصبة للعمود الفقري، والعضلات الألوية، والعضلة المنشارية الأمامية، مما يعزز نمو العضلات بشكل متوازن ومتناظر. كما تتضمن تمارين البيلاتس المرونة الديناميكية؛ حيث تعمل على إطالة العضلات من خلال حركاتٍ متحكَّم بها. هذه الطريقة تفيد النظام اللفافي العضلي، وهو شبكة الأنسجة الضامة التي تدعم العضلات وتربط بينها. ومن خلال الحفاظ على مرونة اللفافة العضلية وترطيبها، تساعد تمارين البيلاتس على تخفيف التيبُّس، وتحسين نطاق الحركة، والحد من خطر الإصابات.
تتطلَّب تمارين البيلاتس مستويات عالية من التركيز والدقة، وهذا يعزِّز التحكم العصبي العضلي. كذلك تُحسِّن تمارين البيلاتس الإحساس الموضعي بالجسم –أي وعيه بوضعه في الفضاء– من خلال الحركات البطيئة والمدروسة التي تُفعِّل كلًّا من العضلات العميقة المثبِّتة والعضلات الرئيسية.
واليوم، تقف تمارين البيلاتس على نقطة الالتقاء بين التاريخ وعلم الحركة والعافية الشاملة. ارتكازًا على مبادئ علم التشريح وصحة العضلات، تُشكِّل البيلاتس جزءًا من نهج متكامل للياقة البدنية يهدف إلى دعم الاستقرار والقوة من الداخل إلى الخارج. كما أضحت تمارين البيلاتس جزءًا لا يتجزأ من العلاج الطبيعي، والتأهيل الرياضي، وبرامج إعادة التأهيل بعد العمليات الجراحية. ومع تطور تمارين البيلاتس لتصبح ممارسة علمية متكاملة، صارت تساعد على شفاء الجسم وتقويته وتعزيز مرونته. وفي نهاية المطاف، تمنحنا تمارين البيلاتس توازنًا بين الصحة والقوة، وتذكِّرنا بأهمية التمهُّل والتنفس بوعي.
المراجع
meer.com
nationalpilatescertificationprogram.org
pilatescentral.co.uk
wellself.com
Cover image by Freepik