كبار الشخصيات العربية واليابانية يؤكدون على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية في افتتاح مؤتمر "فجر جديد .. العرب ينظرون شرقا" بمكتبة الإسكندرية

تاريخ النشر

الإسكندرية— شهدت مكتبة الإسكندرية يوم الثلاثاء الموافق 20 نوفمبر 2007، افتتاح أعمال مؤتمر الحوار العربي الياباني، والذي يقام بعنوان "فجر جديد .. العرب ينظرون شرقاً"، والذي يحضره عدد من كبار المسئولين ورجال الأعمال والعلماء والمثقفين من الجانبين، بهدف تعزيز العلاقات العربية - اليابانية على كافة المستويات؛ السياسية والاقتصادية والثقافية، وإيجاد فرص مستقبلية لتحقيق المزيد من التعاون.

وقال الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر أن المؤتمر هو نتاج منتدى الحوار العربي الياباني، الذي بدأ في طوكيو في سبتمبر 2003، وعقد اجتماعه السنوي الخامس يوم الاثنين الموافق 19 نوفمبر 2007، بمكتبة الإسكندرية.

وأضاف الدكتور سراج الدين أن اليابان أوضحت للعالم ما حققته من تقدم مذهل، حيث مارست التحديث دون تغريب، ومن خلال الحفاظ على إرثها الثقافي والحضاري، وهو ما نريد تحقيقه في عالمنا العربي. كما أكد أن العرب واليابانيين لديهم العديد من الأشياء المشتركة، إذ لديهم تاريخ إيجابي وتعاون بناء على مر العصور، وهو ما يهدف المؤتمر لتعزيزه على المدى القريب والبعيد.

وفي سياق متصل، قدم الدكتور إسماعيل سراج الدين السيد تارو ناكاياما، وزير خارجية اليابان الأسبق، ورئيس الوفد الياباني في المؤتمر، حيث عبر الأخير عن خالص شكره لمكتبة الإسكندرية التي شاركت في تنظيم المؤتمر واستضافته، وللوفود العربية المشاركة.

وقال السيد ناكاياما أن المؤتمر يذكره بالسياسية التي اتبعتها ماليزيا في القرن العشرين لتحقيق التقدم والنهضة، إذ استفادت من الخبرة اليابانية في هذا الإطار، وهو ما يطمح العرب إلى إنجازه أيضاً، مضيفاً أن هناك علاقات وطيدة تربط العرب واليابانيين. وأضاف سيادته أن الشرق الأوسط كان نقطة التقاء للثقافات المختلفة، وكان وراء انتعاش الثقافة الإسلامية في العصور الوسطى. وأشار إلى دعم بلاده واحترامها للحضارة الإسلامية. كما أكد سيادته على أن القيم المشتركة بين الجانبين؛ العربي والياباني، تمكنهما من الوصول إلى الصداقة المرجوة.

من جانبها، أعربت الوزيرة فايزة أبو النجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، والتي مثلت الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء في المؤتمر، عن سعادتها للمشاركة في هذا الحدث، الذي وصفته بالهام والتاريخي في علاقات الصداقة العربية اليابانية. ونقلت سيادتها للحضور كلمة السيد رئيس الوزراء، الذي هنأ مكتبة الإسكندرية ومديرها على الإعداد الجيد للمؤتمر وعلى احتفالها بمرور خمس سنوات على افتتاحها.

وأكد الدكتور أحمد نظيف في كلمته التي ألقتها الوزيرة فايزة أبو النجا نيابة عنه أن مصر كانت ترقب تجربة اليابان الرائدة، التي أطلق عليها البعض وصف المعجزة اليابانية، بإعجاب بالغ. وأضاف أن التطور الكبير للعلاقات العربية اليابانية في السنوات الأخيرة هو الذي أقنع الطرفين، بضرورة عقد هذا المؤتمر الموسع، الذي يعتبر بداية مرحلة جديدة تهدف إلى الارتقاء بهذه العلاقات إلى آفاق أرحب وأكثر تطوراً وتنوعًا، لخدمة المصالح المشتركة في العقود القادمة.

وأكد سيادته أن مجالات التعاون بين اليابان والعرب متنوعة ومتعددة، مشيراً إلى أهمية محور العلوم والتكنولوجيا، الذي يناقشه المؤتمر ضمن محاور سياسية واقتصادية وثقافية أخرى، بالنسبة للعالم العربي، مقترحاً في هذا الإطار إقامة شبكة تضم الجامعات اليابانية والعربية المهتمة بهذا المجال.

وثمن الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء المساعدات اليابانية لمصر خلال السنوات الفائتة، ومنها معاونة اليابان لمصر في إعادة افتتاح قناة السويس عقب حرب أكتوبر 73، وبناء المركز الثقافي "دار الأوبرا"، وغيرها من المشروعات، بالإضافة إلى المساعدات القيمة التي قدمتها اليابان للدول العربية في مجالات التنمية المختلفة.

واختتم الدكتور نظيف كلمته بالتأكيد على أهمية دراسة التجربة اليابانية بعناية، وعلى أن يخرج المؤتمر بنتائج عملية واضحة تسهم في وضع الأساس القوي للارتقاء بالعلاقات بين الجانبين، مقترحاً في هذا الإطار أن يتبع المؤتمر بسلسلة أخرى من الأنشطة التي يتم الاتفاق على تنفيذها بين الطرفين في المستقبل القريب.

وفي ذات السياق، رحب السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية والممثل الشخصي له في هذا المؤتمر، بالوفود العربية واليابانية المشاركة في هذا اللقاء الأول والفريد. وقال السفير بدر على لسان وزير الخارجية أن رسالة المؤتمر تكمن في الدخول في تعاون بناء ومتعدد الأوجه، كي يتم إثراء الحوار ووضع إطاراً للتعاون المستقبلي في المسائل الثقافية والعلمية. وأعرب وزير الخارجية في كلمته عن خالص شكره للجانب الياباني على نموذج التعاون الذي يجب أن يحتذى به، وهو الجامعة التقنية في الإسكندرية، والتي ستفتح أبوابها للعرب وأفريقيا بدءاً من العام الدراسي القادم، إذ تعد تلك الجامعة استثماراً هاماً في التعليم والشباب، بالإضافة إلى هدفها الأساسي وهو تدعيم التنمية المستدامة في مجال الصناعة في مصر.

ورحب سيادته بدور اليابان في الشرق الأوسط، بحيث لا يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، وإنما يمتد للنواحي السياسية أيضاً، فاليابانيون يدعمون الفلسطينيين منذ عام 1993، مشدداً في هذا الإطار على أهمية التوصل لحلول على قاعدة صلبة في مؤتمر أنابوليس للسلام، والذي يعقد أواخر الشهر الجاري. وفيما يتعلق بالمسألة النووية، فإن السيد أبو الغيط أكد في كلمته التي نقلها نيابة عنه السفير هشام بدر، على أهمية جعل منطقة الشرق الأوسط بكاملها خالية من أسلحة الدمار الشامل، خاصة بعد المعاناة التي عاشتها اليابان إبان الحرب العالمية الثانية بسبب القنبلة النووية.

من جانب آخر، رحبت الدكتورة ميرفت التلاوي، التي مثلت السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية في المؤتمر، والتي شغلت منصب سفير مصر لدى اليابان سابقًا، بالوفود المشاركة في المؤتمر، ومعبرة عن خالص تهانيها لمكتبة الإسكندرية بمناسبة مرور خمس سنوات على افتتاحها.

ونقلت الدكتور التلاوي رسالة السيد عمرو موسى للمؤتمر والتي قال فيها أن العرب واليابانيين يريدون أن يعملوا سوياً من أجل مستقبل أفضل، إذ أن المؤتمر يشكل محوراً هاماً لبداية عصر جديد من التعاون البناء بين الجانبين، في كافة المجالات؛ السياسية والاقتصادية والثقافية. وأضاف سيادته أن مؤتمر الحوار العربي الياباني عقد في وقت هام للغاية، حيث جاء متزامناً مع مؤتمر أنابوليس للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيراً إلى أن كافة الأطراف تتطلع للوصول لحلول صلبة لمشكلات الشرق الأوسط. وأكد السيد عمرو موسى في كلمته، التي نقلتها للحضور الدكتورة ميرفت التلاوي، أنه بالرغم من العلاقات المتميزة بين الجانب العربي والياباني، فإننا نحتاج إلى تحسين العلاقات والوصول بها إلى مستوى أفضل. وفي هذا الإطار، قال سيادته إن الجامعة العربية تدعو رجال الأعمال والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية وكافة الأطراف لدفع التعاون المشترك قدماً إلى الأمام وإيجاد علاقات أفضل بين العرب واليابانيين.

وعلى صعيد القضايا العربية، أعرب السيد عمرو موسى عن امتنانه للجانب الياباني لإعفاء العراق من ديونه وتقديم الدعم الاقتصادي لإعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة، إلى جانب المساعدات المباشرة وتلك التي عن طريق الأمم المتحدة، والتي تقدمها اليابان للسلطة الفلسطينية. وأكد السيد عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية في كلمته بالجلسة الافتتاحة للمؤتمر، على أن الاقتصاد لا يزدهر إلا في ظل مناخ من السلام والاستقرار.

وفي ذات السياق، أشار الدكتور خالد القصيبي، وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي إلى وجود إدراك كبير بين العرب على الأهمية الكبرى للعالم الشرقي، منوهاً إلى أن مركز الجاذبية يتحرك منذ فترة تجاه آسيا والشرق، نظراً للنشاط الاقتصادي الكبير الذي حدث في دول تلك المنطقة وتحديداً اليابان والصين والهند. وقال الدكتور القصيبي أن الدول العربية تحتاج إلى ضبط إستراتيجيتها بحيث تزيد من مجالات التعاون مع آسيا عموماً واليابان خصوصاً، كما أنها يجب أن تتعلم من تجربة اليابان في التعليم، لافتاً النظر إلى أن جودة التعليم لا علاقة لها بكم المال الذي يصرف في هذا المجال. وأضاف سيادته أن السلام ضرورة لتحقيق الرفاهة لشعوب المنطقة، مشيراً إلى أن المعاملة غير العادلة للفلسطينيين تشكل مصدر ضرر للعرب جميعاً. واختتم الدكتور خالد القصيبي كلمته بالتأكيد على أن الصلة بين اليابان والعرب لها جذور عميقة، إلا أنها تحتاج للمزيد من التدعيم.


شارك

© مكتبة الإسكندرية