الأخبار  

 
  أبريل ٢٠٠٤  

مقالة بعنوان "عودة إلى وثيقة الإسكندرية" في الأهرام

بتاريخ ١٢/٤/٢٠٠٤ يقول عبد المنعم سعيد:
"وعلى أي الأحوال، فإنه لا توجد نية هنا لإعادة نشر وشرح بنود وثيقة الإسكندرية من جديد، ولكن ما يهمنا هنا التذكير بمفاهيمها الأساسية، وكيف يتم عملياًّ نقلها من إطار "الوثيقة" إلى الواقع العملي فتصير جزءًا من عملية "سياسية" للانتقال من حالة فكرية إلى حالة فكرية أخرى، ومن نظام سياسي إلى نظام سياسي آخر، ولعل المفهوم الأول الذي قامت عليه الوثيقة، هوأن العالم العربي ينبغي أن ينظر إلى الأمام، فما هومطروح ليس أفكارًا للشجار والاشتباك الدعائي مع نظم الحكم الحالية، وتسجيل النقاط التاريخية حول أفضل المراحل التي خضناها في التاريخ البعيد والقريب، وإنما هي تصور لشكل الحكم الملائم لظروفنا، وقضايانا، والعالم الذي نعيش فيه... والحقيقة أن الأمر بات الآن ليس عما إذا كان الإصلاح السياسي واجبًا أم لا، وإنما ما هوالبرنامج الزمني الملائم لإنجازه". "والمفهوم الثاني الذي قامت عليه وثيقة الإسكندرية هوأن السلطة بمعنى Power وليس Authority – هي مفسدة، والسلطة – بذات المعنى – المطلقة مفسدة بشكل مطلق. وهومفهوم شائع وقامت عليه كل النظم الديمقراطية في العالم، واستدعى ضرورة تقييد السلطة بأدوات شتى، منها فصل وتوازن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وقدرة كل منها على تقييد إمكانات الاستبداد لدى السلطات الأخرى، ومنها تنظيم حركة تداول السلطة في المجتمع بين قوى سياسية منظمة وشرعية، ومنها حرية التعبير والرأي بأشكال متنوعة". "والمفهوم الثالث الذي تقدمه وثيقة مؤتمر الإسكندرية هوضرورة انتقال الدول والمجتمعات العربية من الحالة الاستثنائية إلى الحالة العادية. وببساطة فإن جماعات المجتمع المدني التي دعت إلى المؤتمر في مكتبة الإسكندرية رأت أنه آن الأوان لكي تعلن المجتمعات والدول العربية عن الانتقال من الحالات التي يسودها دقات العمل الثوري على الدوام، وحالات الخوف المطرد من عفاريت وشياطين وكوابيس داخلية وخارجية، وأن تدخل في حالة جديدة يكون تداول المجتمع لقضاياه جاريًا على أسس سياسية محضة. وبصراحة تامة، فإن الدول والمجتمعات العربية لم تتخرج بعد من حالة النضال من أجل الاستقلال التي خاضتها من أجل الحرية، وجاء الوقت الآن لكي تتحمل مسئولية الاستقلال والحرية التي حصلت عليها، كما فعل الكثير من الدول النامية الأخرى، فالدول والشعوب لا تحصل على حريتها واستقلالها لكي تضعها في متاحف التاريخ، أولكي تتغنى بها في الأعياد والاحتفالات القومية، وإنما لكي تبرهن ليس فقط على حقها في كليهما، وإنما أيضًا لأنها مع الحرية والاستقلال سوف تكون أفضل حالا وأكثر قدرة على المشاركة في بناء مجتمع إنساني أفضل حالا، مما كانت عليه خلال المرحلة الاستعمارية". "المفهوم الرابع للإصلاح الذي جاءت به وثيقة مؤتمر الإسكندرية يقوم على التكامل والاعتماد المتبادل، فالإصلاح ليس مقصورًا على الحكومة، وإنما أيضًا على الأهالي، وليس فقط على الدولة وإنما أيضا على المجتمع، وليس فقط على المؤسسات وإنما أيضًا على القيم، ورغم أن الوثيقة تضمنت أقسامًا للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فإنه لم يخف على أحد أنها أقسام متكاملة، ويعتمد كل منها على الآخر في بلوغ هدف التقدم، فلم يحدث أن نجح بلد في إقامة نظام ديمقراطي ما لم تسده قيم الشفافية والمحاسبية والتسامح، وكلما زاد التقدم العلمي والتكنولوجي فيه كان ممكنًا تحقيق أكبر درجات المشاركة في اتخاذ القرارات، وكلما اقترب من اقتصاد السوق الذي ينموبسرعة مطردة، يزداد استقلال الإنسان عن الدولة ويصبح معطيًا لها بدلا من أن يكون عالة عليها، وكلما قويت فيها مؤسسات المجتمع المدني، أصبحت فيها جماعات سياسية أكثر استقلالا ومشاركة في تقرير مصير الوطن" .

 
 
 
منتدى الإصلاح العربي - حقوق الطبع محفوظة ٢٠٠٤ ©