الأخبار  

 
  أبريل ٢٠٠٤  

رسالة من السيد الأستاذ سليم الحص، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق

بعث السيد الأستاذ سليم الحص، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، برسالة إلى منتدى الإصلاح العربي يشيد فيها بمؤتمر "قضايا الإصلاح العربي: الرؤية والتنفيذ"، ويشير فيها إلى أن "وثيقة الإسكندرية" التي انبثقت عن المؤتمر جاءت في مضمونها لتعبر عن حاجات أمتنا الأمة العربية للإصلاح على الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وترسم إطارًا للعمل المنهجي المطلوب للإصلاح المنشود، وأوضح أنه سيطرح مضمون الوثيقة للمناقشة داخل "ندوة العمل الوطني" التي يتولى سيادته رئاستها في لبنان، إلا أنه أشار إلى بعض الملاحظات تتعلق بما يلي: أولا: افتقار مضمون الوثيقة إلى "الفكر القومي التوحيدي" حيث أنه ليس فيها شيء من المبادئ والقواعد التي ينبغي الالتزام بها توصلا إلى إقامة اتحاد عربي، على غرار الاتحاد الأوروبي أوإلى اتحاد عربي شبيه بالولايات المتحدة الأمريكية على مستوى التكامل والاندماج على شتى الصعد. وبخصوص هذه النقطة يود منتدى الإصلاح العربي الإشارة إلى البند رقم (١) من بنود الوثيقة الذي ينص على:

١ - اجتمع المشاركون في مؤتمر "قضايا الإصلاح العربي: الرؤية والتنفيذ" المنعقد في مكتبة الإسكندرية في الفترة ١٢ - ١٤ مارس ٢٠٠٤ بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والعمل الأهلي في الوطن العربي، وتدارسوا إمكانات الإصلاح اللازمة لتطوير مجتمعاتنا العربية. وقد انتهت مناقشاتهم إلى ضرورة الإعلان عن اقتناعهم الكامل بأن الإصلاح أمر ضروري وعاجل، ينبع من داخل مجتمعاتنا ذاتها، ويستجيب إلى تطلعات أبنائها في بلورة مشروع شامل للإصلاح، يضم الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشروع يسمح بالتعامل مع أوضاع كل قطر على حدة، وينتظم في نسق عام يحدد القواسم العربية المشتركة، بما يتيح الفرصة لكل مجتمع عربي كي يدفع خطوات الإصلاح الخاصة به إلى الأمام، ويزيد من التواجد العربي على الساحة الدولية ويبعده عن التقوقع والتمحور على الذات. وفي الوقت نفسه، يرسخ لإطار تعاون إقليمي يجعل من الوطن العربي كيانا أكثر إيجابية وفاعلية وتأثيرا على الصعيد الدولي.

ثانيًا: بالنسبة لقفز الوثيقة في مضمونها فوق واقع القضايا القومية الأساسية، وخاصة قضية فلسطين والموقف من احتلال العراق، تنص الوثيقة في البند الثاني منها على ما يلي:

٢ - وينبغي ألا يحجب الإصلاح الداخلي عن منظورنا أهمية معالجة القضايا الإقليمية التي تفرض نفسها على جدول أعمالنا، وفي مقدمتها الحل العادل للقضية الفلسطينية طبقا للمواثيق الدولية التي تقضي بإقامة دولتين مستقلتين، لكل منهما سيادة حقيقية كاملة، وتحرير الأراضي العربية المحتلة، وتأكيد استقلال العراق، والحفاظ على وحدة أراضيه. يضاف إلى ذلك جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل ،و حل المشكلات الحدودية بين الأطراف المتنازعة بالطرق السلمية، دون أن تكون هذه المشكلات ذريعة للتدخل الأجنبي في شئون المنطقة العربية، أووضعها تحت الوصاية من جديد.

ثالثًا: الإصلاح الذي ترسم الوثيقة خطوطه العامة سيصطدم بإرادات مناوئة من عدد من حكام العالم العربي الذين لا يجدون في الإصلاحات المقترحة مصلحة لهم، ويقتضي النص في الوثيقة صراحة على كيفية الترويج للمبادئ والأسس المعلنة في الوطن العربي كافة وكيفية التصدي لأي ممانعة قد تلقاها هذه المبادرة من جانب بعض الحكام العرب. وللحقيقة الوثيقة لم تغفل الجانب العملي والتطبيقي للخطوط العامة للإصلاح التي رسمتها، حيث نصت في الجزء الخامس منها على وضع آليات للتنفيذ والمتابعة:

خامسا: آليات المتابعة مع المجتمع المدني

٣٦ - إن إبراز المؤتمر لجوانب الإصلاح العربي المطلوبة يقتضي بالضرورة وضع مجموعة مترابطة من آليات التنفيذ، تتيح متابعة ما تم التوصل إليه من مقترحات وتوصيات. وفي هذا الصدد، لابد من التركيز على دور المجتمع المدني العربي في الإصلاح، خصوصا في مختلف مجالات التنمية المستدامة، بما يتطلب اتخاذ الإجراءات التالية:

أ) تأسيس منتدى الإصلاح العربي في مكتبة الإسكندرية، ليكون فضاء مفتوحا للمبادرات والحوارات الفكرية والمشاريع العربية، سواء فيما يتعلق بالإصلاح العربي، أوإقامة جسر لكل أشكال الحوار والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني العالمي. ويتم ذلك من خلال عقد ندوات وحوارات مشتركة، عربية وعالمية، حول موضوعات التنمية بشكل عام، وإبراز دور الشباب والمرأة في التنمية بوجه خاص. يضاف إلى ذلك تنفيذ مشروعات التعاون في مجالات التنمية المختلفة. ويتصل بعمل هذا المنتدى تأسيس مرصد اجتماعي عربي، لمتابعة نشاط المجتمع المدني العربي، ورصد وتقييم مشاريع الإصلاح السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذلك بالاعتماد على مجموعة متكاملة من المؤشرات الكمية والكيفية.

ب) تختار مؤسسات المجتمع المدني في كل قطر عربي عددا من نماذج الجمعيات غير الحكومية الناجحة في مجال التنمية وحقوق الإنسان، وذلك لعرض نشاطاتها وبيان مردودها الاجتماعي في مؤتمر عربي عام، يعقد سنويا، في الإسكندرية أوفي أحد الأقطار العربية لإبراز دور المجتمع المدني في التنمية.

ج) عقد مؤتمرات عربية وطنية داخل كل بلد لمناقشة الفكر الإصلاحي وعرض التجارب الناجحة في هذا المجال على المستويين: العربي والعالمي. وتبدأ مكتبة الإسكندرية بالإعلان عن استضافتها للمؤتمر القادم عن "الإصلاح في مصر".

د) عقد ندوات عربية إقليمية تناقش موضوعات محددة في مجالات الإصلاح المختلفة

ه) تشكيل لجنة متابعة تجتمع كل ستة أشهر على الأقل لمراجعة ما تم تنفيذه، وذلك لدعم منتدى الحوار بعد تأسيسه.

خاتمة

ويؤكد المجتمعون - في النهاية - أن رؤى الإصلاح التي قاموا بصياغتها لا تقع مسؤولية تنفيذها على الحكومات وحدها، وإنما على المجتمع المدني والحكومات معا، فالمستقبل الواعد لأمتنا العربية لن يتحقق إلا باستثمار كل الطاقات الخلاقة والاجتهادات الأصيلة والعمل الدءوب الذي يجمع بين الرؤية والتنفيذ.

وإننا نتفق مع الملاحظات التي بعث بها معالي سليم الحص رئيس الوزراء اللبناني الأسبق إلى منتدى الإصلاح العربي من أن الوثيقة لا تحدد آليات التوحيد العربي، مع العلم بأن الوثيقة أشارت لبعضها في المحور الاقتصادي، وهوالمحور الذي كان المدخل لبناء أوروبا الجديدة، وأن منتدى الإصلاح العربي قد عرض على سموالأمير الحسن بن طلال أن يفكر في هذا الموضوع لإقامة ندوة حيث أعرب سموالأمير عن رغبته في استضافة ندوة في الأردن. وعما أشار إليه بالنسبة لفلسطين والأراضي العربية والعراق، فقد أشارت الوثيقة إلى هذه القضايا في المقدمة، ولكنها آثرت التركيز على الإصلاح الداخلي في هذه المرة، وعن احتمالات وجود من يريدون أن يوقفوا عجلة التطور وعملية الإصلاح، فإن منتدى الإصلاح العربي يأمل أن يكون تفعيل المجتمع المدني كفيلا ، من خلال عمله الدؤوب بتخطي هذه العقبات.

 
 
 
منتدى الإصلاح العربي - حقوق الطبع محفوظة ٢٠٠٤ ©