عن الموقع

رسالة ترحيب

يمثِّـلُ النســاءُ نصف تعداد البشر، غير أن نسبتهن بين العلماء صغيرة جدًّا؛ ولا دخـلَ لهـنَّ في ذلك، فالمقدرة لا تنقصهنَّ. إنهنَّ قادرات على الإسهام في مجالات البحث العلمي، ويشهدُ على ذلك تاريخٌ يتضمَّـنُ أسماء عالمات لامعات؛ مثل ماري كوري، وهي أول من يحصلُ على جائزة نوبل مرَّتين على الإطلاق، وغيرها من عالمات فُضليات سُـجِّلتْ أسماؤهنَّ في سجلِّ الشرفِ لحصولهنَّ على جائزة نوبل في مختلف التخصصات العلمية، فيقدِّمن أفضل دليل على أحقية النساء بمكانة محترمة في مسيرة العلم.

من جهة أخرى، ولحسن الحظ، فإن الإحصائيات العربية والعالمية تبشر بأن الغد سيكون مختلفًا؛ فأعدادٌ كبيرة من النساء في مختلف أنحاء العالم ينتسبن إلى الأقسام العلمية في الجامعات. غير أن ثمة أشياء كثيرة ينبغي القيام بها. فينبغي أن نكفَّ عن التحيز ضد المرأة العالمة؛ فلا أحد يستطيعُ إنكار التحامل الذي تعرَّضـت له النسـاء في كلِّ مكان. وعلينا أن ندرك الحقيقة التي هي أنه لا يوجد مجتمعٌ حقَّـقَ تقدمًا دون أن يولي قدرًا مناسبًا من الاهتمام بتمكين النساء فيه، من خلال توفير فرص التعليم ووضع حـدٍّ للتمييز المجحف ضدَّهن. إن التمييز بصفة عامة ليس في صالح المجتمع؛ لا على مستوى وجوده المجـرَّد كظاهرة، ولا بالنسبة للنتائج المترتبة عليه.

وتُبرهن إحصاءات التعليم العالي في العالم العربي على تفوق الإناث على الذكور، أو تعادل الجنسين في كثير من الجامعات العربية. فقد سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة أرقامًا قياسية عالمية في نسبة التحاق الفتيات بدراسة العلوم والتكنولوجيا مقارنة بالذكور. كما حققت فتيات المملكة العربية السعودية أرقامًا قياسية عالمية في أعداد الملتحقات بالدراسات الجامعية والدراسات العليا. وبلغت نسبة الملتحقات بالتعليم العالي في الكويت ثلاثة أضعاف الذكور؛ بينما سجَّلت تونس وسوريا والعراق والمغرب ومصر والبحرين أرقامًا أعلى من بلدان صناعية عدة في نسب التحاق الإناث بدراسة العلوم والطب والهندسة، مقارنة بالذكور.

تتكرر هذه الظاهرة بدرجات مختلفة في معظم الكليات والجامعات العلمية العربية؛ فقد شهدت المنطقة دخول النساء في جميع ميادين العلوم والطب والهندسة. وقد دخلت النساء في مجالات نظرية وتطبيقية عدة؛ بداية من الرياضيات وفلسفة العلوم، إلى إنشاء الشركات والأعمال العلمية والتكنولوجية وإدارتها، وقيادة المؤسسات العامة، وتولي الوزارات والمسؤوليات الرفيعة على مستويات محلية ودولية. فيستحيل العثور الآن على ميدان علمي أو تكنولوجي لم تدخله المرأة العربية بعد؛ فعندما أتيحت لنساء العلم في العالم العربي فرصة الإبداع والمنافسة على الصعيد الدولي حققن نتائج مدهشة. ويزخر الوطن العربي بكثير من النماذج الناجحة لنساء استطعن تحقيق إنجازات غير مسبوقة في شتى المجالات، وأصبحن من الرائدات اللاتي تولين مناصب عليا في مجالات علمية.

ومن هذا المنطلق تم تأسيس الشبكة العربية للمرأة في العلوم والتكنولوجيا التزاما بالنهوض بتعليم المرأة العربية، والعمل على تصحيح الخلل الحاصل في التوازن الاجتماعي بين الجنسين في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وللتأكيد على أن التفرقة بناءً على الجنس تعوق نصف المجتمع عن الإسهام في أنشطة التنمية المستدامة، وعلى الحاجة الملحة لإدماج المرأة في جوانب عمليات التنمية كافة، وبناء مجتمع علمي متكامل قادر على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية في الوطن العربي من خلال تعزيز المشاركة الفعالة للمرأة العربية في شتى مجالات العلوم.

وأنا أدعو جميع النساء العربيات المتخصصات في جميع مجالات العلوم والتكنولوجيا إلى المشاركة والتسجيل للعضوية في الشبكة العربية للمرأة في العلوم والتكنولوجيا من خلال موقعنا الإلكتروني وذلك من أجل بناء جسور التعاون بين المتخصصات في هذه المجالات بالوطن العربي كي نتمن أجل إعلاء شأن المرأة العربية لتحقيق مستقبل أفضل لمنطقتنا العربية.

أ.د. رفيعة غباش

رئيسة الشبكة العربية للمرأة في العلوم والتكنولوجيا، مكتبة الإسكندرية، مصر

مديرة متحف المرأة، دبي، الإمارات العربية المتحدة