ابن خلدون

2010 06 24

ضيوف الحلقة:
الدكتور سعيد العلوي  |  الأستاذ سلاّم الكواكبي



 

عرّف الدكتور إسماعيل سراج الدين بشخصية ابن خلدون منوّهًا بأنه كان من الشخصيات التي تركت بصمتها على تاريخ الإنسانية كلها، فاعتبره بعض الباحثين رائدًا لعلم الاجتماع ولعلم التاريخ السياسي، بالإضافة إلى كتاباته في شتى المعارف الإنسانية. وقد تُوفيَ في مصر منذ ستة قرون تقريبًا لكن تراثه المعرفي ظل مؤثرًا حتى الآن. وقد علّل الدكتور سعيد العلوي ريادته لعلم الاجتماع بأن مقدمة ابن خلدون كانت تحتوي على شيء من العبقرية ونفاذ البصيرة، وكان ذلك في بداية القرن الرابع عشر الميلادي وهي بداية مرحلة الانحطاط في الحضارة العربية، لكنه استطاع أن يستخلص من هذه الثقافة ما هو أصيل وحيوي، كما انتبه لقضية العمران البشري والحضارة وتنظيم المجتمع.

ومع ذلك أوضح الدكتور العلوي أن ابن خلدون نُسِب إليه ما ليس له، فهناك قول شائع بأنه مؤسس علم الاجتماع، وهذا غير صحيح، لأن علم الاجتماع يستحيل أن ينشأ قبل وجود شروطه الموضوعية المتمثلة في قيام الثورة الصناعية ونشأة علم السياسة بالمعنى الحديث.... وغير ذلك من معطيات القرن التاسع عشر. ولذلك فالأصح أن ابن خلدون وضع مقدمات أكثر من علم منها علم السياسة والاقتصاد والاجتماع والتاريخ. وأضاف الدكتور سراج الدين أهمية منهجه النقدي في تمحيص الروايات التاريخية وتقييمها بعقلانية.

وهذا ما أكد عليه الأستاذ سلاّم الكواكبي، منبّهًا إلى أن الدراسة والرؤية النقدية للتاريخ كانت من أهم منجزات ابن خلدون، ومما ساعده على ذلك رغبته كمفكر في المشاركة في صنع القرار، وهذا ما فشل فيه، فاهتم أكثر بدراسة عملية صنع القرار وتاريخها. من هنا كان من إنجازاته أيضًا التنبيه إلى أهمية العلوم الاجتماعية والتعامل معها بمنطق وعقلانية لم تعتدهما الثقافية الإسلامية في التعامل مع هذه العلوم قبله. أما خيبته التي حفزته على مواصلة دراساته، فقد أوضحها الدكتور العلوي بمقارنة ابن خلدون بالمتنبي، فكلاهما خاب أمله في تحقيق التأثير المطلوب، وكلاهما شهد بداية التدهور المؤلم الذي بدأ يتغلغل في جسد الحضارة العربية الإسلامية.

وأضاف الدكتور العلوي أن كل ذلك دفع ابن خلدون لتقديم دراسات متعمّقة أرست بعض المقولات التي لولاها لما نشأت العلوم الاجتماعية. ثم قرنه الدكتور العلوي أيضًا بماكيافللي من حيث القيمة العلمية والتأثير على الفكر العالمي، ولكن الدكتور سراج الدين اختلف مع هذا القِرَان بينهما، موضحًا أن ماكيافللي قدّم رؤية ذات طبيعة سوداوية قاسية تعتمد على شيء من الانتهازية وتحقيق المصالح المؤقتة، بينما كانت رؤية ابن خلدون أرحب وأكثر كونيةً وإنسانيةً، حيث كان يتأمل الممالك في تطورها وقوانينها الشاملة. وأيّد ذلك الأستاذ الكواكبي مؤكدًا على اهتمام ابن خلدون بفكرة الدولة كمؤسسة لا كوسيلة لحيازة السلطة.

بعد ذلك شرح الدكتور سراج الدين أن ابن خلدون مارس نوعًا من السِّفارة واقترب من السلطة فاكتوى بنار الوشايات ومؤامرات القصور ورجال السياسة، وهذا أثْرى رؤيته الفكرية والعلمية، ثم حكى قصة ابن خلدون مع تيمورلنك حين وصل إلى أبواب الشام، فذهب ابن خلدون سفيرًا ومفاوضًا له، ونجح في سفارته وأنقذ دمشق. ورأى الدكتور العلوي أنه اضطُر لذلك بسبب خلفيته الفقهية الدينية التي تلزمه بدرء المفاسد عن الأمة. وأضاف الأستاذ الكواكبي أن مما دفعه لذلك مرارته من الفساد السياسي القائم؛ فحاول أن يقدم شيئًا على صعيد آخر هو حماية دمشق من بطش تيمورلنك الذي سبّب رعبًا للمسلمين.

وفي ختام الحلقة ناقش المتحدثون قضية تأثير المفكرين والفلاسفة على السلاطين والملوك، والتي بدأت منذ القدم، حيث أوضح الدكتور العلوي أن ابن خلدون كان يقدر الدور الذي لعبه أرسطو في تثقيف الإسكندر وتهذيبه، وأن ابن خلدون تمنى أن يلعب هذا الدور في عصره، بأن ينشر فكره وعلمه من خلال السلطان لأنه مصدر السلطة والنفوذ. واتفق المتحدثون على خطورة هذه العلاقة والتباسها على مدى التاريخ.
 

فريق العمل (داخل المكتبة):

إعداد وتقديم : د/ إسماعيل سراج الدين
فريق الإعداد : د/ خالد عزب، دينا أبو العلا، محمد السيد، ياسمين أسامة، بسمة نافع، أمنية خليل
مهندسو الاستوديو : محمد زايد، أحمد القلشاني
علاقات عامة : محمد مطش
تعليق صوتي : دينا أبو العلا
مونتاج : أحمد قدري
مديرو تصوير :محمد رضا، محمد مشعل، وليد أحمد
صوت : إيهاب العمري
متابعة إدارية ومالية : محمود عسكر، طارق بلال، مراد عبد العال
فنيو كرين : سامي المسماري، محمد السيسي
فنيو الاستوديو : رامي رمضان، أحمد شوقي، محمود عبد الله، سعد السايس
إشراف : أستوديو مكتبة الإسكندرية، د/ خالد عزب، دينا أبو العلا
منتج منفذ : أستوديو مكتبة الإسكندرية
 


فريق العمل (خارج المكتبة):

إشراف عام :ناديه حليم
منتج: أحمد طه
إخراج :أحمد ماهر
مهندسو الاستوديو : أحمد مصطفى، أسامة قطب
كرين : وائل حتاته
مخرج منفذ : شريف عبد الرحمن
جرافيكس :AROMA
موسيقى التتر : هشام نزيه
مدير الإنتاج : عادل عبد الحميد
منفذ الإنتاج : حماده حنفي
مساعدو الإنتاج : محمد إبراهيم، أحمد جعفر، سامي سمير