المؤرخ العراقي حسين أمين يرثي مكتبات بغداد في العصر العباسي

تاريخ النشر

الإسكندرية— شهدت مكتبة الإسكندرية، يوم السبت الموافق 16 يونية 2007، محاضرة بعنوان "مكتبات بغداد في العصر العباسي" أدارها الدكتور مصطفي العبادي، رئيس جمعية أصدقاء المكتبة، والدكتور عزت قادوس، أستاذ التاريخ بجامعة الإسكندرية ورئيس جمعية الآثار بالإسكندرية، وألقاها المؤرخ الإسلامي الدكتور حسين أمين، أستاذ التاريخ بجامعة بغداد وأستاذ زائر بجامعة الإسكندرية وأمين عام اتحاد المؤرخين العرب سابقاً. وقد حظيت المحاضرة بحضور عدد هائل من كبار العلماء والمؤرخين، وبحضور السيد نجار برجان قنصل العراق بالقاهرة.

استهل شيخ المؤرخين الدكتور حسين أمين المحاضرة بالحديث عن التأثير والتأثر بين الحضارتين المصرية والعراقية، ويشهد التاريخ على أنه حدث اختلاط بين الشعبين، يعود إلى مولد سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء في مدينة "أور" بالعراق وأنه تزوج من السيدة هاجر المصرية. ثم تحدث عن المكتبات في العالم، وبدأ بجولة من مكتبة الإسكندرية، والتي ذكرها بأنها معلم كبير في التراث الإنساني، ثم انتقل إلى بابل ومكتباتها.

وقد ظهرت المكتبات في العصور الإسلامية أول ما ظهرت في المساجد، واستمرت في عهد الراشدين والأمويين والعباسيين، فكان بكل مسجد مكتبة وكانت مراكز للتعليم.

وأنشأ العباسيون في بغداد ما يعرف باسم بيت الحكمة، أنشأها الخليفة هارون الرشيد لتكون أول مكتبة عامة وجمع فيها كل نوادر الكتب الموجودة في ذلك الوقت، ثم أضيف لها آلاف الكتب التي أهديت إليه من ملوك وأمراء العالم القديم، ثم جاء بعده المأمون وكان شغوفاً بالكتب محباً للعلم والعلماء، فنقل إلى بيت الحكمة كل علوم الهند واليونان وفارس. وقد امتلأت المكتبة بمئات الآلاف من المجلدات وعكف عشرات الموظفين على تنظيمها وفهرستها ليسهل على المطالع الحصول على مراده بشكل يسير.

ويؤكد شيخ المؤرخين أنه بعد بيت الحكمة أنشئت مكتبات صغيرة في معظم شوارع بغداد، وكل مدينة من مدن الدولة العباسية، حتى أن زائراً إلى بغداد أحصى عدد المكتبات العامة فيها عام 891م فوجدها أكثر من مئة مكتبة.

ومن المكتبات المؤثرة في العالم الإسلامي، المدرسة النظامية التي أسسها الملك السلجوقي، ومكتبة مشهد أبي حنيفه، ومكتبة جامع الشيخ عبد القادر الغيلاني. ولما ظهرت المدرسة المستنصرية قبل ثمانية قرون، كانت أول جامعة دينية وأدبية وعلمية في بغداد. وقد أوضح الدكتور حسين أمين أنها لا تزال باقية إلى يومنا هذا، وهي أول جامعة إسلامية جمعت فيها الدراسة الفقهية على المذاهب الأربعة الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي في "مدرسة واحدة".

ولم تسلم "المستنصرية" من الدمار ومكتبتها من الحرق والتخريب على أيدي المغول الذين اجتاحوا بغداد بقيادة "هولاكو" عام 656هـ-1258م وقذفوا بآلاف الكتب والمجلدات في نهر دجلة حتى صار لون مائه أزرق من حبرها.

وتشبه طبيعة بغداد في هذا العصر كمركز إشعاع حضاري تزخر بالكتب والدراسة، تشبه مدينة الإسكندرية في العصر الهيلنستي التي لعبت فيها مكتبة الإسكندرية دوراً هاماً في جذب العلماء والمفكرين.


شارك

© مكتبة الإسكندرية