ختام الملتقى الثاني للفرق المسرحية المستقلة بمكتبة الإسكندرية

تاريخ النشر

الإسكندرية في 5 يناير 2005– اختتمت يوم الأربعاء 5 يناير 2005 بمكتبة الإسكندرية فعاليات الملتقى الإبداعي الثاني للفرق المسرحية المستقلة (أوربا- البحر المتوسط)، والذي نظمه مركز الفنون بالمكتبة للسنة الثانية على التوالي بمشاركة 14 دولة أوروبية ومتوسطية وعربية وهي مصر- انجلترا- فرنسا- إيطاليا- قبرص- التشيك- السويد- النمسا- تونس- المغرب- سلوفينيا- رومانيا- فلسطين- أسبانيا.

تضمن الملتقى 12عرضاً مسرحياً، و7 ورش تدريبية في مجال فنون الأداء للممثل المحترف، بالإضافة إلى حلقات نقاشية، وموائد حوار مستديرة حول المسرح والديمقراطية بين جماعات الفرق المستقلة في مصر وأوروبا والبحر المتوسط، بهدف تنمية القدرات والمهارات وتبادل الخبرات بين الفرق المسرحية المستقلة في الدول الأوروبية والمتوسطية.

من أبرز العروض التي قدمها الملتقى، عرض "أمي.. أريد أن أصبح مليونيراً"، لفرقة المعبد المسرحية المستقلة من مصر، ويعد العرض نظرة قوية إلى العالم الذي نعيش فيه، من خلال الشاب حسن الذي يحلم بالفوز في مسابقة تلفزيونية للغناء ليحقق عن طريقها الثروة والشهرة، ويأخذ العرض المشاهد في رحلة عبر الأحلام التي يعيشها حسن في مقابل الواقع ، ففي هذا العرض يختفي الخط الفاصل بين الحقيقة والحلم مانعاً أية رؤية لمستقبل قابل للتحقيق.

قدم الملتقى أيضا عدداً كبيراً ومتنوعاً من الندوات المتعلقة بفنون المسرح والتي كان من بينها محاضرة لماريكا هيديمر من السويد حول "تحليل العرض الراقص من وجهة نظر الكوريوجراف"، قدمت من خلالها نموذجاً لكيفية تطوير الرؤية والفهم الأعمق للعروض الراقصة.

وقد أصدر القائمون على الملتقى كتاباً للتعريف بالفرق المسرحية المستقلة الحالية وتاريخ نشأتها، ويذكر الدكتور محمود أبو دومة مدير برامج المسرح بمركز الفنون بالمكتبة في أول الكتاب أن هناك ثلاث ركائز أساسية قام عليها الملتقى الإبداعي؛ أولها العروض المسرحية بما تطرحه من آليات لقاء حر ومباشر بين النموذج الإبداعي والمشاهد في إطار منح الفرصة للفرق المشاركة في عرض إبداعاتهم في وسط مختلف بالإضافة إلى تنشيط المتفرج واجتذابه إلى المسرح مرة أخرى، ثم يأتي التدريب وتبادل الخبرات بين الفرق المستقلة المختلفة وعرض كل فرقة لنموذجها التدريبي وبالتالي طرح فكرة تطور العمل المسرحي وكيفية خروجه من مرحلة السكون إلى حالة من الحياة والحركة، وأخيراً المناقشات والندوات وما تطرحه من تبادل خبرات ثقافية والإيمان بالحوار كبديل للصوت المنفرد الذي صار سمة أساسية داخل المؤسسات المختلفة فضلاً عن طرح مشكلات الفرق الحرة مثل التمويل والاعتراف بها ضمن منظومة مؤسسات المجتمع المدني.

ويشير الدكتور أبو دومة إلى أن هذه الركائز تبلورت من خلال عروض الملتقى الأول التي حظيت بإقبال جماهيري ملحوظ وكانت لها سمات أساسية مشتركة مثل الاهتمام بتقديم مسرح غير ملتزم بالنمط المتوارث للصياغة المسرحية.

ويؤكد الكتاب على أن الملتقى استطاع أن يحقق مجموعة من الأهداف منها ضمان التوصيل الجيد للعروض المسرحية، حيث اجتذب نوعية من الجمهور المهتم بالثقافة، المتذوق للفنون ومن بينها فن المسرح، مشيراً إلى أن تلك العروض اكتسبت مصداقية وأهمية خاصة نتيجة لتقديمها في مكتبة الإسكندرية.

ويشير الكتاب إلى أنه من العوامل التي أسهمت في بلورة الأثر الايجابي لتلك اللقاءات بين الممثلين والمخرجين والنقاد أنها خلت تماماً من هواة ومحترفي الظهور بشكل استعراضي في أغلب الندوات المسرحية المفتوحة، كما استفاد أعضاء الفرق المشاركة من الورش التي هدفت إلى تمكينهم من القدرة على تطويع التعبير الحركي خاصة في العروض غير المعتمدة على الكلمة المنطوقة.

ويستعرض الكتاب مجموعة من الفرق المصرية المستقلة المنشأة حديثاً مثل، فرقة الورشة التي بدأت في سبتمبر 1987والتي استحقت إعجاب الجماهير مع عرضها لمسرحية (داير داير) الني اعتبرت محاولة موفقة لتمصير مسرحيات اوبو لألفريد جاري، ثم قدمت الفرقة أعمالاً أخرى مثل غزير الليل، وليلي الورشة، وغزل الأعمار ، ورصاصة في القلب، ولم يعد مستغرباً تقديمها لعروضها في مهرجانات وعواصم عالمية وعربية لتؤكد أن ما يربط أعضاءها متعة البحث وراء الأفق عن مساحة الدهشة والتوصل لسياق مسرحي يحتضن إيقاع المشاعر ومراجعة العلاقة المكانية بين العرض والجمهور.

و يشير الكتاب إلى توالي ظهور فرق حرة مستقلة أخرى في تسعينات القرن العشرين من أبرزها فرقة (الحركة)، التي أسسها المؤلف المخرج الممثل خالد الصاوي عام 1989، وجذبت اهتمام الجمهور والنقاد بعروضها (المزاد)، و(اللعب في الدماغ)، ولم تتوقف أحلام وطموحات فرقة الحركة عند حدود تقديم عروض مسرحية غير مألوفة بل سعت أيضاً لإنتاج أفلام سينمائية وتلفزيونية مثل (وادي الملح)، و(الحب، مسرحية من ثلاثة فصول) وهي أعمال فنية تتميز بتمردها على صناعة السينما بوضعها الحالي.

كما ألقى الكتاب نظرة على الإدارة العامة للجمعيات الثقافية التي ترعى فرق الهواة، وتقيم لها مهرجاناً سنوياً، وتضمن لهم أماكن عدة لتقديم عروضهم في كل عام بإحدى المحافظات التي تتكفل عادة بنفقات الاستضافة مشيراً إلى تنوع مستويات حماس كل محافظة ومدى اقتناعها بالفن المسرحي.

ويختتم الكتاب متمنياً أن يصبح توجه مكتبة الإسكندرية لاحتضان هذا الملتقى، نافذة مفتوحة يطل منها الجمهور على أحدث إبداعات الفرق المستقلة في منطقة البحر المتوسط، ويتابع من خلالها الفرق الوافدة، وأحدث إبداعات الفرق المستقلة التي صار لها في الإسكندرية مهرجاناً دولياً سنوياً.

 
إحدى عروض الملتقى أداء مسرحي


شارك