العام الدولي للفلك، بقلم الدكتور فتحي صالح
28 يوليه 2009

بقلم الدكتور فتحي صالح،

مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي



بمناسبة مرور 400 عام على قيام جاليليو باختراع أول تليسكوب، وهو الأمر الذي قام بتغيير نظرة الإنسان للكون تغييرًا جذريًّا، أعلنت اليونسكو، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للفلك، عام 2009 العام الدولي للفلك. وبالتالي، فقد تم تنظيم العديد من الأنشطة على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية للاحتفال بإنجازات جاليليو الرائعة، والتي كان لها عظيم الأثر على تاريخ العلوم وكذلك تاريخ البشرية كله.


وفي عصر جاليليو كان قد تم اختراع العدسات البصرية والتي امتد استعمالها في مهام التجسس، حيث أصبح بإمكان الملك أو الأمير، وهو في قصره، استخدام أنبوب مُثبَّت به عدستان (والذي عُرف مؤخرًا بالمنظار) لمراقبة الشعب في الحدائق. وكان جاليليو متحمسًا للعلم ونظريات كوبرنيكوس، فقرر استعمال العدسات بطريقة أخرى فقام ببناء أنبوب من الجلد، يبلغ طوله حوالي متر واحد، ومثبت به عدستان متلائمتان في كلا الجانبين ليصبح أول تليسكوب في العالم؛ وباستخدام ذلك التليسكوب البدائي قام جاليليو بأربعة اكتشافات هامة.


أولاً، اكتشف أن كوكب المشتري مُحاط بأربعة كواكب تدور حوله وليس حول الأرض. ثانيًا، اكتشف أن لكوكب الزهرة عدة وجوه (مثل وجوه القمر) تختلف حسب موقعه من الشمس، مما يعني أنه يدور حول الشمس وليس الأرض. ثالثًا، قام برؤية سطح القمر بجباله ومسطحاته ورسم تلك التفاصيل في سلسلة من الرسوم التوضيحية. وأخيرًا، وليس آخرًا، قام جاليليو بمراقبة كوكب زحل وكان أول من اكتشف الحلقات المحيطة به.


وكان الناس حتى زمن جاليليو يعتقدون أن كوكب الأرض هو مركز الكون، وأن الأجرام السماوية تدور حوله بما في ذلك الشمس والقمر والخمسة كواكب التي كان قد تم اكتشافها حتى ذلك الوقت وهي عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل، بالإضافة إلى مجال النجوم. ولقد استنتج جاليليو من خلال ملاحظاته للكون، خاصةً أول ملاحظتين، أن مركز الكون ليس الأرض بل الشمس؛ كما توصل إلى أنه، بالإضافة إلى دورانه حول الشمس، يدور كوكب الأرض أيضًا حول محوره مرة واحدة يوميًّا.


ولأن اكتشافات جاليليو كانت تخالف المعرفة والأعراف الموجودة في ذلك الوقت، فقد تم إدانته واضطر إلى التبرُّؤ من اكتشافاته للهروب من الإعدام؛ ومن ثَمَّ سُجِن وعُزِل في منزله حتى وافته المنية في السبعينات من عمره.


وعادةً ما يَقُص الناس قصة جاليليو عند التطرُّق لموضوعات التعصب والجهل، حيث تُجسِّد مثالاً حيًّا لما قد يحدث، إلى يومنا هذا، لأي شخص يأتي بفكرة أو نظرية أو حتى تفسير مختلف عن المعرفة الموجودة من عزل أو تعصب أو رقابة. كان ذلك يحدث في الماضي ولا يزال يحدث حتى الآن في العلم، وكذلك في الدين والسياسة؛ فقد اتُّهِم الكاتب المصري الأسطوري طه حسين بالإلحاد عندما قام بتأليف كتاب عن الشعر الجاهلي؛ وقد امتلأت قصص الأنبياء بمثل هذه المواقف.

   
أجندة المركز
أخبار المركز

برنامج معرض مكتبة الإسكندرية للعلوم والهندسة 2023

اقرأ المزيد >>