وثيقة الإسكندرية مارس ٢٠٠٤  

 
  رابعا: الإصلاح الثقافي  
٣٤- يضع المشاركون في المؤتمر المشكلات والتحديات الثقافية القومية والقطرية في اعتبارهم، وذلك من منظور يؤكد مجموعة من الأولويات الثقافية التي لا يمكن إغفالها. وفي مقدمتها:

أ) العمل على ترسيخ أسس التفكير العقلاني والعلمي بتشجيع مؤسسات البحث العلمي وتوفير التمويل اللازم لها، وإطلاق حريات المجتمع المدني في تنميتها. وفي الوقت نفسه، القضاء على منابع التطرف الديني التي لا تزال رواسبها موجودة في المناهج الدراسية وخطب المساجد ووسائل الإعلام الرسمي وغير الرسمي.

ب) تشجيع الاستمرار في تجديد الخطاب الديني سعيا إلى تجسيد الطابع الحضاري التنويري للدين بما يقتضيه ذلك من إطلاق الحريات الفكرية، وفتح أبواب الاجتهاد على مصراعيها في قضايا المجتمع للعلماء والباحثين، تحقيقا لخير الفرد والمجتمع، ومواجهة لكل صور التشدد والحرفية الجامدة في فهم النصوص الدينية والابتعاد بها عن مقاصدها ومبادئها الكلية. ويستلزم ذلك أن يمضي إصلاح الخطاب الديني في اتجاه يتسق وروح العلم وحكم العقل والمتطلبات العصرية. وهو الاتجاه الذي يزيل التناقض الضار بين حرية الفكر والإبداع والوصاية التي يفرضها البعض باسم الدين الذي يدعو إلى المجادلة بالتي هي أحسن ولا يفرض إرهابا فكريا على المختلفين.

ج) المضي قدما في تحرير ثقافة المرأة وتطويرها بما يحقق مساواتها العادلة بالرجل في العلم والعمل، تأكيدا لفاعلية المشاركة الاجتماعية بمعانيها الكاملة.

د) تهيئة المناخ الثقافي لتحقيق التطوير الديموقراطي وتداول السلطة سلميا، وذلك بالعمل على مواجهة الرواسب والعادات الجامدة والآثار المتراكمة لأوضاع وأساليب سياسية فاسدة من شأنها أن تحول دون فاعلية المشاركة السياسية. وشأن هذه المواجهة تغيير النظرة السياسية والاجتماعية إلى المرأة، وتأكيد إسهامها الثقافي وإنجازها العلمي ، ودورها اللازم في عملية التنمية، انطلاقا من أن التنمية الثقافية هي أساس أي تنمية. والخطوة الأولى لأي إصلاح جذري لا يمكن نجاحها إلا بإشاعة ثقافة الديموقراطية في مناهج التعليم والإعلام.

ه) تجديد الخطاب الثقافي وتخليصه من الرواسب المعوقة لتقبل الاختلاف والحوار مع المغايرين، وذلك جنبا إلى جنب مع تجديد ما يتصل بهذا الخطاب من أنواع خطابات الإعلام والسياسة والطوائف الاجتماعية.

و) إصلاح المؤسسات الثقافية العربية وتفعيلها عن طريق دعمها ماديا ومعنويا بما يعينها على التفكير المستقل، وتوسيع دوائر خططها، والتنسيق بين هذه المؤسسات وغيرها من المؤسسات والهيئات الأخرى المؤثرة في العمل الثقافي.

ز) العمل على إلغاء أشكال الرقابة على النشاط الفكري والثقافي بما يدعم حرية الفكر، ويحرك عملية الإبداع، بعيدا عن وصاية أي جهة أوفئة باسم الدين أوالتقاليد أوالخصوصية أوالسياسة، أوما يطلق عليه تجاوزا اسم المصلحة العامة، فتقدم الأمم مرهون بكفالة الحرية الكاملة لمبدعيها ومفكريها في مجالات أنشطتهم المختلفة.

ح) دعم العمل الثقافي على المستوى القومي، وتجسيد مبدأ الاعتماد المتبادل في اقتصاديات الثقافة.

ط) الحفاظ على اللغة العربية وتحديث آليات تكيفها مع التقنيات الرقمية الجديدة في عصر المعلومات.

ي) تشجيع التفاعل الثقافي مع العالم كله بما يؤكد ثقافة التنوع البشري الخلاق، والإسهام الفاعل في المنظمات العالمية بما لا يتناقض وخصوصيتنا الحضارية التي تؤكدها الأبعاد الإنسانية لميراثنا الثقافي الأصيل.

ك) تأكيد العلم بوصفه مكونا أساسيا من مكونات الثقافة، وبوصفه مسارا راسخا للنظرة المستقبلية التي تؤسس في الوعي الثقافي العام ضرورة مجتمع المعرفة الذي هوالسبيل الأمثل للتقدم في كل مجال.

ل) توثيق الواقع الثقافي العربي في بيانات وإحصاءات سنوية، ترصد آليات الإنتاج وأشكال المتابعة، وكذلك تنسيق الجهود في تنظيم أنشطة النقابات العربية والمهنية العاملة في ميادين الثقافة،ونشر نتائجها.

٣٥- وأخيرا وليس آخرا تنشيط التبادل الثقافي القومي عن طريق الإجراءات التالية:

أ)إعفاء الإنتاج الثقافي العربي من القيود الرقابية والعوائق الجمركية، على امتداد الأقطار العربية، ورفع مستوى البرامج التنافسية مع البرامج الممثلة للثقافات الأجنبية.

ب) تنمية مشروعات النشر الإلكتروني المتبادل للصحف المجلات والكتب للتغلب على مشكلات التوزيع وعرقلة تدفق المطبوعات العربية

ج) تنشيط مؤسسات الترجمة الحكومية والأهلية، وتنسيق اختياراتها في مسارين متزامنين: أولهما الترجمة من العربية لكل اللغات الحية، وثانيهما من اللغات الحية إلى اللغة العربية.

د) تشجيع الإبداع والإنجازات الفكرية الخلاقة على المستويين القطري والقومي بما يكون حافزا للمزيد من الإنجاز في كل مجالات العمل الثقافي. ويكون ذلك بالجوائز القيمة وأشكال التكريم المؤثرة قطريا وقوميا.

 
 
 
منتدى الإصلاح العربي - حقوق الطبع محفوظة ٢٠٠٤ ©