نباتات مفترسة طعامها الحشرات

شارك

النباتات كائنات منتجة؛ بدونها لن نحصل على الأكسجين للتنفس، ولن نتخلص من ثاني أكسيد الكربون، ولن نحصل على الطاقة اللازمة لنحيا. وتستمد النباتات تلك الطاقة من الشمس؛ فتصل إلينا عن طريق تناول تلك النباتات مباشرة، أو تناول الحيوانات التي قد تغذت عليها من قبل، وتلك هي دورة الحياة الطبيعية في الكون. ولكن هل سمعت يومًا أن هناك نباتات تتغذى على الحشرات، بل على بعض الحيوانات الصغيرة أيضًا؟!

لا داعي للعجب، فتلك هي الحقيقة. بعض النباتات لا تكتفي بالغذاء الذي تستمده من التربة؛ فتلجأ أيضًا لاصطياد الحشرات وبعض الحيوانات الصغيرة لتحصل على غذائها المتكامل. إلا أن ذلك لا يجعل منها كائنات مستهلكة؛ فتظل كائنات منتجة تقوم بعملية البناء الضوئي.

لماذا تتغذى تلك النباتات على الحشرات؟ وكيف؟

بعد عمل عدة دراسات على تلك النباتات، وُجد أن معظمها ينمو في تربة تفتقر إلى النيتروجين، عند المستنقعات والتربة الفقيرة، وهو عنصر هام بالنسبة للنباتات؛ لذلك فإن تغذيتها على الحشرات تعوضها عن النيتروجين والعناصر الأخرى الهامة التي تفتقدها. وقد أثبتت الدراسات أيضًا أن النباتات المفترسة، أو آكلة اللحوم كما تُسمى، أصبحت كذلك بفعل التطور. فالكائنات الحية تتغير وتتطور تلقائيًّا لتتمكن من التعايش مع البيئة المحيطة بها؛ أي إن تلك النباتات كانت نباتات عادية مثل غيرها من النباتات، إلا أن وجودها في بيئة فقيرة جعلها تلجأ للحشرات والحيوانات الصغيرة كغذاء لها.

ولكن، إذا فكرنا قليلًا، فسوف نجد أن النباتات عمومًا ليس لها جهاز عضلي أو هضمي، فكيف إذن تقوم بصيد فرائسها وهضمها؟ تقوم النباتات المفترسة بنصب الفخاخ لصيد الحشرات؛ حيث تتميز تلك النباتات الآكلة للحوم بأوراق دبقة ذات ألوان جذابة تجعل جذب الحشرات والتصاقها بها سهلًا. حتى إن هناك نوعًا من هذه النباتات يبدو كأن هناك نقاط ندى على سطحها، وهذا يجذب الحشرة نحوه، وهو في الحقيقة فخ؛ فتلك القطرات ما هي إلا مادة لزجة لصيد الحشرات. وهناك أيضًا بعض النباتات المفترسة تعمد إلى جذب الحشرات عن طريق إطلاق الروائح المميزة.

عندما تقع الحشرة في الفخ، تستخدم تلك النباتات أحد أسلوبين للإمساك بفرائسها: إما عن طريق تغير ضغط الماء في أحد جانبي الورقة فتنطبق على الجانب الآخر، وإما أن يكون هناك جزء من الورقة أكثر نموًّا من الآخر، فينطبق عليها. أما بالنسبة لعملية الهضم وامتصاص المواد الغذائية من الحشرة، فمعظم النباتات الآكلة للحوم تفرز إنزيمات لهضم الحشرات، أو أن بعض البكتيريا الموجودة داخل النبات تفرز هذه الإنزيمات الهاضمة. وهناك بعض النباتات التي تصطاد الفرائس، ولكنها تنتظر حتى تأتي كائنات أخرى لتلتهمها وتلقي بفضلاتها داخل النبات المفترس، فيتغذى على هذه الفضلات كغذاء جاهز للامتصاص.

أشهر النباتات آكلة اللحوم

وفقًا لآخر الإحصائيات، هناك نحو 600 نوع من النباتات المفترسة، تتنوع في أشكالها وأماكن وجودها في العالم؛ من أشهرها:

  1. نبات ندى الشمس، أو ندية رأس الرجاء؛ وهو من النباتات المعمرة التي يكثر وجودها في جنوب إفريقيا في المناطق الرطبة، ويتغذى على الحشرات الصغيرة.
  2. نبات التنين الأحمر؛ وهو من أشهر النباتات الآكلة للحوم. ويوجد في جنوب إفريقيا أيضًا؛ حيث يتغذى على الحشرات والحيوانات الصغيرة كالضفادع، ويساعده على ذلك حجم أوراقه الكبيرة وألوانها المميزة التي تجذب الفرائس.
  3. خناق الذباب، يوجد هذا النوع بالولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة في ولاية كارولينا؛ حيث المستنقعات. وطعامه الأساسي هو الذباب والنحل والعناكب.

تحدٍّ صعب

تواجه هذه النباتات تحديًا في منتهى الصعوبة والدقة، وهو «كيفية نقل حبوب اللقاح للتكاثر»؛ فإذا كانت الحشرات، التي هي وسيلة نقل حبوب اللقاح الأساسية، هي نفسها طعام تلك النباتات، فكيف إذن تتكاثر؟

أُجريت عديد من الدراسات البحثية في هذه النقطة تحديدًا؛ فأثبتت أن معظم النباتات المفترسة بإمكانها التفرقة بين الحشرات الناقلة لحبوب اللقاح، والحشرات التي تتغذى عليها. فالأولى تذهب في اتجاه الزهرة الغنية بحبوب اللقاح، التي غالبًا ما تكون بعيدة عن الأوراق، أما الثانية فتنجذب نحو الأوراق التي تحوي الفخاخ، فتصطادها النباتات المفترسة وتتغذى عليها.

*المقال منشور في مجلة كوكب العلم المطبوعة، عدد خريف 2017.

المراجع

www.bbc.com
www.ncbi.nlm.nih.gov

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية