التجارب على الحيوان

شارك

إن التنبؤ بالسُمية، والتآكل، وغيرهما من متغيرات السلامة، بالإضافة إلى التنبؤ بكفاءة منتج جديد يلائم البشر، وكذلك اختبار المواد الكيميائية، والأجهزة الطبية، والعقاقير الجديدة؛ كل تلك الأمور تنطوي على استخدام الحيوانات في التجارب. وعديد من تلك التجارب يتسبب في تألُّم تلك الحيوانات، أو إلحاق الضرر بها بطرق أخرى.

تُستخدم حيوانات التجارب غالبًا في مجالات البحوث الطبية الحيوية، والتعليم، واختبار سلامة المنتجات. فالباحثون في مجال الطب الحيوي يستخدمونها محاولين فهم طريقة عمل الجسم وتفاعلات المرض والصحة، ولتطوير أمصال وعلاجات جديدة للأمراض المختلفة. وهذا النوع من الأبحاث ليس لصالح صحة الإنسان فحسب، بل يهدف أيضًا إلى تطوير تقنيات بيطرية جديدة. والصناعة – من ناحية أخرى – تستخدم الحيوانات لاختبار سلامة مجموعة واسعة من المنتجات الاستهلاكية وفعاليتها، بما في ذلك الأدوية، ومستحضرات التجميل، ومنتجات التنظيف المنزلية، والمبيدات الحشرية، والمواد الكيميائية الصناعية، إلخ.

وهناك مجموعة من القواعد المفضل اتباعها للحد من تأثير الأبحاث على الحيوانات: التقليل، أي تقليل عدد الحيوانات المستخدمة في إحدى الخطوات؛ والدقة، أي التدقيق في الإجراءات المستخدمة في التجارب لتخفيف الألم المحتمل أو تقليله؛ والإبدال، أي إبدال الإجراءات التي تستخدم الحيوانات بالإجراءات التي لا تستخدم الحيوانات.

فاليوم – لأن التجارب على الحيوانات قاسية، ومكلفة، وفي بعض الأحيان غير ملائمة – تحوَّل العلماء الأكثر تطلعًا في العالم إلى تطوير واستخدام طرق بديلة لدراسة الأمراض واختبار المنتجات. فيتم استبدال الحيوانات استبدالاً تامًّا عن طريق أساليب لا تتطلب حيوانات مطلقًا، أو استبدالاً نسبيًّا عن طريق أساليب تستخدم فقط خلاياها أو أنسجتها. وتشمل تلك الأساليب الحديثة المتطورة اختبارات معقدة تستخدم الخلايا والأنسجة البشرية، وقواعد البيانات الحاسوبية عن علاقة المريض بالدواء، والتجارب الافتراضية على العقاقير، والنماذج الحاسوبية والمحاكاة، ووسائل الاختبار الجينية والمعتمدة على الخلايا الجذعية.

وتشمل البدائل لاستخدام الحيوانات في اختبارات السُمية استبدال الوسائل غير الحيوانية بالاختبارات الحيوانية، وكذلك تعديل الاختبارات القائمة على الحيوان لتقليل عدد الحيوانات المستخدمة. وقد تم التحقق رسميًّا من عديد من الوسائل التي لا تستخدم الحيوانات والمقبولة من بعض البلدان، كبديل للاختبارات القائمة على الحيوانات الحالية؛ مثل اختبار الخلايا الجذعية الجنينية باستخدام الخلايا المشتقة من الفئران؛ لتقييم السُمية المحتملة لتطوير الأجنة، وقد تم التحقق من صحتها كبديل جزئي لاختبار عيوب الولادة في الفئران والأرانب.

والآن أصبحت نماذج اختبارات جلد الإنسان قيد الاستخدام، بما في ذلك الاختبارات الجلدية إبيديرم (EpiDerm)، والتي تم التحقق من صحتها وقبولها عالميًّا كبديل تام لدراسات تآكل الجلد في الأرانب. كما يمكن استخدام بقايا جلد الإنسان من العمليات الجراحية أو الجثث المتبرع بها؛ لقياس النسب التي تستطيع المواد الكيميائية عندها اختراق الجلد. كما أن دراسة سلوك المخدرات في البشر عن طريق إعطائهم جرعات منخفضة – بإمكانها أن تقدم معلومات عن سلامة عقار تجريبي وكيفية استقلابه في الجسم، وذلك عن طريق جرعة واحدة صغيرة للغاية أقل بكثير من النسبة اللازمة لإحداث أي تأثير سلبي للدواء.

ويمكن للنماذج الحاسوبية أن تحل محل أنواع معينة من الاستخدام الحيواني أيضًا، وخاصة في مجال التعليم. وقد بدأت بعض دروس علم الأحياء في ممارسة التشريح على نموذج حاسوبي بدلاً من الضفادع الحية؛ حتى إن المدارس الطبية قد بدأت في تطوير أجهزة "الواقع الافتراضي" للطلاب للتدرب عليها. كما يمكن للنماذج البلاستيكية والمصغرات الواقعية أيضًا أن تحل محل الحيوانات الحية لبعض الأغراض التعليمية.

ومن شأن إعادة تصميم الدراسات لتجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات من نفس مجموعة حيوانات – أن تقلل من استخدام الحيوانات. فعلى سبيل المثال، إذا كان أحد الباحثين بصدد دراسة على أنسجة مخ الفئران تتطلب قتلها، يمكن أن يسمح لغيره من الباحثين أن يستخدموا الكلى، أو الكبد، أو أجزاء أخرى من نفس الحيوانات في دراساتهم. وبعض الوسائل البديلة تنطوي على استخدام كائنات أقل رقيًّا على المقياس التطوري. وقد تستخدم مثل تلك الدراسات النباتات، أو الكائنات الدقيقة، أو الحيوانات اللافقارية، أو حتى الفقاريات في مراحلها المبكرة بدلاً من الحيوانات الفقارية.

ولكن، للأسف، فإن استبدال الحيوانات ليس ممكنًا دائمًا؛ فحتى الآن، بعض التجارب الهامة لا يمكن أن تتم دون الحيوانات، على الأقل في هذا الوقت. وفي تلك الحالات لا يزال بإمكان الباحثين أن يعملوا على خفض عدد الحيوانات المستخدمة في دراسة معينة. ومع التصميم التجريبي الدقيق والتقنيات الإحصائية المتطورة، من الممكن في كثير من الأحيان استخدام عدد أقل بكثير من الحيوانات للحصول على نتائج صحيحة.

المراجع

sciencemag.org
hirnforschung.kyb.mpg.de

*المقال منشور في مجلة كوكب العلم المطبوعة، عدد صيف 2014 «البيئة».

*شاهد أيضًا كابوس التجارب على الحيوان.

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية