المقالات

هل يتأثر فيروس كورونا بالطقس؟

شارك

بعد مرور أكثر من عامين على مهاجمة فيروس كورونا المستجد كوكب الأرض، هل يمكننا تحديد أكثر فصول السنة نقلًا للعدوى؟ وهل تؤثر عوامل الطقس والمناخ في شراسة الفيروس سلبًا أو إيجابًا؟

صار جليًّا خلال فترة الشتاء الماضي زيادة أعداد المصابين وارتفاع معدلات العدوى بكوفيد-19 عند انخفاض درجات الحرارة ومعدلات الرطوبة –أي الطقس البارد والجاف– وهي صفات فصل الشتاء المميزة؛ ما يعني تضاعف نسب المصابين في الشتاء. ولكننا نجد أن إصابات دول عديدة مثل الولايات المتحدة الأمريكية قد حدثت في فصل الصيف؛ أي ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات الرطوبة. فهل هذا يعني أن عدوى فيروس كورونا موسمية؟

يشير العلماء إلى أن فيروسات الجهاز التنفسي تميل بالفعل إلى أن تكون موسمية لعدة عوامل، منها رغبة الناس في الجلوس في الأماكن المغلقة؛ ما يحد المسافات بين الأشخاص، ومع انخفاض التباعد الاجتماعي ترتفع معدلات العدوى بشدة. ويؤدي الجفاف وانخفاض الرطوبة إلى جفاف المخاط في الأنف والقصبة الهوائية، فتقل كفاءة الأهداب التي تبطن الجهاز التنفسي؛ ما يحد من سرعة حركتها وأدائها لوظيفتها، وهي طرد الفيروسات والأجسام الغريبة خارج الجسم.

وكذلك نظرًا لانخفاض درجات الحرارة في الشتاء، تقل معدلات بخر الرذاذ المحمل بالفيروس، فتكون النتيجة ارتفاع نسب العدوى أيضًا. هذا، في حين تعمل عوامل أخرى على الحد من نسب العدوى، مثل: ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة معدل البخر، وطول ساعات شروق الشمس، بالإضافة إلى ميل الناس إلى الخروج إلى الأماكن المفتوحة والشواطئ؛ ما يطبق التباعد الاجتماعي تلقائيًّا.

الرطوبة والأمطار

عند مقارنة عدد من المدن شديدة التضرر من عدوى كورونا في الفترة بين شهري يناير ومارس 2020، وجد أنها تقع في خطوط عرض بين 30 و50 درجة شمالًا، مثل: ووهان بالصين، وطوكيو باليابان، وباريس بفرنسا، وميلان بإيطاليا، وسياتل بالولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها، إذ تراوحت درجات الحرارة في تلك المدن ما بين 5 و11 درجة مئوية، وانخفضت معدلات الرطوبة المطلقة (الكمية الإجمالية للماء في الهواء) إلى ما بين 4 و7 جم/ متر مكعب. وهذا يعني أن العلاقة بين الرطوبة ومعدلات العدوى عكسية؛ فمع كل زيادة في الرطوبة بمعدل 1 جم/ متر مكعب، تنخفض نسب العدوى بمعدل 67⁒، وهو ما اتفق مع سلوك فيروسات الجهاز التنفسي المعتاد.

وعلى الجانب الآخر، لا تؤدي دراسة البلدان الاستوائية المطيرة التي تختص بارتفاع معدلات نسب الرطوبة إلى النتائج نفسها. فقد شهدت تلك البلدان ارتفاعًا ملحوظًا في نسب إصابات الإنفلونزا في الأجواء الرطبة الممطرة، وأكد ذلك أيضًا علماء البرازيل أن نسب أعداد المصابين بكورونا ارتفعت بمعدل 56 حالة يوميًّا، تزامنًا مع زيادة معدل الأمطار.

درجات الحرارة

ارتبط ارتفاع درجات الحرارة بانخفاض معدلات عدوى فيروس كورونا، تبعًا لبلدان مثل تركيا، والمكسيك، والبرازيل، ولكن فيما يبدو أن لذلك الانخفاض حدودًا، أي أن استمرار ارتفاع درجات الحرارة إلى أرقام عالية جدًّا لا يؤدي إلى القضاء على الفيروس، وهذا يفسر التباين في إفادات الدول مرتفعة الحرارة. ويميل فريق آخر من العلماء إلى عدم حسم أن الطقس البارد أو الحار يقدر على قتل الفيروس، وأنه لا توجد علاقة بين درجة الحرارة الخارجية ودرجة حرارة جسم الإنسان التي تبقى ثابتة ما بين 36.5 و37 درجة مئوية، وهي درجات مناسبة لاستقرار الفيروس.

وكذلك لم تثبت أي علاقة بين طول ساعات شروق الشمس، وانخفاض معدل الإصابة بكوفيد-19، بل على العكس، ارتفعت نسب الإصابات؛ وهو أمر مغاير تمامًا لبقية أنواع فيروسات الجهاز التنفسي مثل الإنفلونزا. وقد تدل تلك النتائج على التكيفات السلوكية أو التحورات التي يقوم بها الفيروس. وأما عن الأشعة فوق البنفسجية، فيبدو أن ليس لها علاقة إطلاقًا بالقضاء على فيروس كورونا؛ إذ يحتاج الأمر إلى طول موجي أقل من 280 نانومترًا؛ وهو ما لا يصل إلى الأرض؛ إذ يُمتص في طبقة الأوزون، ووصوله إلى الأرض يعني معاناة البشر حروقًا شديدة في الجلد والعيون خلال دقائق.

عادة ما ينصح الأطباء وعلماء الأمراض الوبائية بعدم الاعتماد على النتائج المتعلقة بالطقس والمناخ، وربطها بمعدلات انتقال العدوى؛ لأسباب عديدة منها أن القدرة على إجراء اختبارات كوفيد-19 متفاوتة بين البلدان. هذا يعني وجود حالات أكثر مما أُبلغَ عنها؛ ما يعني أن ربط ارتفاع أو انخفاض عدد المصابين بالطقس غير صحيح. ولهذا وإنهاءً لكل ذلك الجدل، يعد تطبيق التباعد الاجتماعي، والمداومة على غسل اليدين وتطهيرهما باستمرار، دون النظر إلى أي عوامل أخرى مثل المواسم السنوية أو درجات الحرارة المتغيرة، أفضل طرق الحماية.

المراجع

medicalnewstoday.com

sciencedirect.com

weforum.org

who.int


Cover Image: Sar photo created by freepik - www.freepik.com

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية