هل تتحمل الشعاب المرجانية التغيرات المناخية؟

شارك

يزخر البحر الأحمر في شرق مصر بالشعاب المرجانية التي يُقبل عليها البشر من جميع أنحاء الأرض، فقط للتصوير بجوارها والاستمتاع بمشاهدتها في أثناء الغوص. ولكن مع التغيرات المناخية التي تشهدها الأرض في السنوات الأخيرة، صارت الشعاب المرجانية عرضة للخطر أكثر من ذي قبل؛ فهل يأتي اليوم الذي تفقد فيه موائلها ونُحرم منها؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال.

العودة إلى الوراء قليلًا

قبل 65 مليون عام مضى، عاشت على الأرض ديناصورات يُقال إنها انقرضت تزامنًا مع سقوط نيزك عملاق تسبب في تغيير مناخ الأرض. ولم تصمد تلك الزواحف العملاقة، فنامت بسلام إلى الأبد في عملية انقراض جماعية مشهورة أُطلق عليها «الانقراض الجماعي الخامس». عادةً ما يُستخدم هذا الحدث لتأريخ أحداث مرت بها الأرض، ولكن بالعودة إلى الوراء لأبعد من ذلك، تقريبًا قبل 295 مليون عام، أي في وقت قريب من الديناصورات، ظهرت الشعاب المرجانية في صورة مشابهة للشعاب التي نراها اليوم. بل ويُخبرنا السجل الأحفوري أن أقدم أحافير الشعاب المرجانية يعود عمرها إلى 535 مليون عام مضى.

وبمرور الزمن، بدأ الإنسان يستقر على الأرض، ويفكر ويجرب ويبحث وينتج. وكان يوجد أشخاص شغوفون مثل «ثيوفراستون» (372-285 ق.م)، تلميذ أرسطو الذي راح يفتش في المخلوقات المائية؛ فوجد مخلوقًا بين النباتات والحيوانات، وأطلق عليه اسم «الكوراليون» Kouralion. ولكن لم يتوقف فضول الإنسان عند هذا الحد، وبعد مرور 2000 عام من النقاشات، استقر على أنها حيوانات مرتبطة بشقائق النعمان والهلام، وعادةً ما تكون في مستعمرات ويستمتع البشر بمشاهدتها؛ لكن اتضح أنها في خطر جسيم بسبب التغير المناخي.

رابط الـصورة

كيف تتأثر الشعاب المرجانية بالتغيرات المناخية؟

يؤثر التغير المناخي على الشعاب المرجانية بصورة واضحة عبر زيادة غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي نتيجة عدة عوامل، منها: احتراق الوقود الأحفوري، وإنتاج المنتجات الصناعية، وإضافة الأسمدة إلى المحاصيل، وإزالة الغابات، وتربية الماشية. ولكن كيف يحدث هذا التأثر؟ حسنًا، ببساطة، يؤدي التغير المناخي إلى:

  • ارتفاع حرارة المياه

تتسبب الحرارة المرتفعة في الإجهاد الحراري للكائنات البحرية؛ ما يؤثر بالسلب على الشعاب المرجانية، ويجعلها عرضة للأمراض المعدية، فضلًا عن تعرضها للابيضاض.

  • زيادة حمضية المحيطات

ترتبط التغيرات المناخية بارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي؛ ما يؤدي إلى انخفاض مستوى الأس الهيدروجيني (pH)، مما يثبط نمو الشعاب المرجانية.

  • ارتفاع مستوى سطح البحر

مع ارتفاع مستوى سطح البحر، تحمل المياه مزيد من الرواسب التي تستقر في النهاية فوق الشعاب المرجانية؛ ما يؤثر على نموها وقد يتطور الأمر إلى اختناقها.

  • عواصف قوية

تتسبب التغيرات المناخية في حدوث عواصف قوية جدًا، قد تؤدي إلى دمار الشعاب المرجانية.

  • تغيرات في التيارات المحيطية

تؤثر التيارات المحيطية على نظام المياه، وتغير من حرارتها؛ ما يساهم في نقص غذاء الشعاب المرجانية.

  • تغيرات في معدل هطول الأمطار

عندما تهطل الأمطار من السحب، فإنها تساهم في حدوث جريان للمياه العذبة والملوثات والرواسب؛ ما يمنع الضوء من التسلل إلى المياه أو يقلل كميته، وهذا ضار بالشعاب المرجانية.

رابط الـصورة

كل هذه النتائج المترتبة على التغير المناخي لها دور ما في تدمير الشعاب المرجانية، وتهدد باختفاء 90٪ منها بحلول عام 2050. وقد أشارت دراسة منشورة في دورية «ساينس» Science في نوفمبر 2015 إلى أن الشعاب المرجانية تتعرض لاضطرابات كثيرة؛ للأسباب السابقة، ما يجعل الشعاب المرجانية في حالة من التهديد. والسؤال الأهم هنا:

هل تتحمل الشعاب المرجانية التغيرات المناخية؟

حسنًا، الأمر ليس واضحًا تمامًا؛ فتُشير دراسة أجرتها الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، إلى أن الشعاب المرجانية استطاعت التكيُّف إلى حد ما مع التغيرات المناخية الطارئة، ولكن من المحتمل ألا تستطيع مواكبة هذه التغيرات المناخية لنهاية القرن الحالي، إلا إذا انخفضت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. نُشرت الدراسة في دورية «جلوبل تشانج بيولوجي» Global Change Biology في سبتمبر 2013.

ماذا إذا اختفت الشعاب المرجانية؟

قد يؤدي اختفاء الشعاب المرجانية إلى اختفاء العديد من الأنواع والكائنات البحرية التي يعتمد وجودها على الشعاب المرجانية، ما يؤثر على التنوع الحيوي. وهذا بدوره يأتي بالسلب على الاقتصاد وحياة الإنسان عمومًا.

المراجع

citeseerx.ist.psu.edu

conservation.reefcause.com

oceanservice.noaa.gov (1)

oceanservice.noaa.gov (2)

reefplan.qld.gov.au

roundglasssustain.com

science.org

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية