المخلفات الزراعية بين تغذية النبات والحيوان والإنسان

شارك

أضحت مشكلة الغذاء مشكلة عالمية تؤرق الشعوب والمنظمات، حتى إن منظمة الغذاء والزراعة (الفاو) رفعت شعار تحدي الوصول بالجوع إلى معدلاته الصفرية. وارتبطت حرية الشعوب وكرامتها بهذه المعضلة حتى عرفت المجتمعات وأقرت بالحقيقة القائلة "من لا يملك قوته لا يملك حريته".

وعودة إلى العنوان الذي تخيرته للمقال، فما المخلفات الزراعية؟ وما علاقتها بتغذية النبات والحيوان والإنسان؛ لتسهم بذلك في حلِّ مشكلة الغذاء العالمية؟

إن مفهوم المخلفات الزراعية ليس مقصورًا على المتبقيات النباتية التي تتخلف في التربة عقب عمليات الحصاد فحسب، بل تمتد إلى ما هو أوسع من ذلك! فالمخلف المزرعي هو كلُّ ما يتبقى داخل المزرعة وله علاقة بنشاطها؛ مثل: المتبقيات النباتية (الأتبان، والعروش، والقش، والأحطاب)، والمتبقيات الحيوانية (الروث، والسبلة، والزرق). ولكن يبقى السؤال: ما علاقة هذه المتبقيات بالتغذية؟
إن الغذاء هو ما يُتغذى به لضمان بقاء للكائن الحي (الإنسان، والحيوان، والنبات)، وهو يكفل ما يسمى بالاحتياجات الحياتية. ولقد أضحت السُبل إلى تحويل المخلف الزراعي إلى صورة غذاء صالح للحيوان يسيرة وسهلة المنال. فالمخلف الزراعي النباتي المتخلف عقب عملية الحصاد يعاد تدويره وتحويله إلى عدة صور لتغذية الحيوان؛ منها: تقديم المخلف إلى الحيوان كغذاء سائب أو مفروم يعمل بمثابة مواد خشنة تسبب له الشبع الميكانيكي وتسهل عملية الهضم، كما الحال  مع الأتبان، والقش، وعروش النباتات. وتتم عمليات الحفظ لعروش بعض النباتات الخضراء لتقدم للحيوان بعد ذلك في صورة دريس أو سيلاج  ذي قيمة غذائية. هذا عن تغذية الحيوان على المخلف الزراعي، فكيف يتغذى النبات على مخلف أصله نباتي؟

يتغذى النبات على المخلف الزراعي وكذا الإنسان بطريق غير مباشر. فالمخلف الزراعي النباتي والحيواني ينسجمان معًا لتصنيع ما يسمى "الكمبوست"، وهذا السماد الطبيعي بديل فعَّال للنبات عن المنظمات النباتية والأسمدة الكيميائية التي تضاف للتربة الزراعية. فضلًا عن أن الكمبوست هو المادة الرابطة لمكونات التربة ضعيفة التماسك الحبيبي، مثل التربة الرملية. ومن ثم، فإنه يرفع خصوبتها وإنتاجيتها، وهذا بلا شك سينعكس بالإيجاب على تغذية الإنسان والحيوان على حدٍّ سواء، فضلًا عن توفير تغذية صحية سليمة للنبات ذاته.

ثم إن هناك سبيلًا آخر لتعظيم  الاستفادة من المخلف الزراعي، وذلك بتحويله إلى صورة أعلاف مضغوطة تعرف باسم الإصباعيات أو المصبعات؛ وذلك عن طريق أنظمة الكبس الممثلة في نظام الداي والبكرات، أو نظام المكابس المسطحة، أو نظام الأكسترودر الأكثر شيوعًا. وتكمن فائدة الكبس على اختلاف أنظمته في رفع كثافة العلف وتقليل حجمه، ومن ثم ينعكس ذلك على عمليات النقل والتداول، ورفع قيمة العلف واستساغته. ومن هنا نكون قد حققنا الغاية؛ فالمخلف صار علفًا يتغذى عليه الحيوان من دواجن وماشية، والحيوان هو محل غذاء الإنسان بعد ذلك.

نستنتج مما سبق أن المخلفات الزراعية ثروة قومية وكنوز مهدرة؛ فالمخلف الزراعي لا ينفك عن كونه غذاء للإنسان وللنبات وللحيوان إذا تم معالجته وتحويله إلى صور أخرى. فهو غذاء للنبات بتحويله إلى صورته السمادية التي تعرف بالسماد العضوي أو في صورة الكمبوست، ويمكن استخدامه كغذاء للحيوان مباشرة أو تحويله في تراكيب الأعلاف المتزنة إلى صورة المصبعات pellets. وكما هو معروف إذا توافر النبات والحيوان توافر الغذاء للإنسان، سواء أغذاء حيواني أم نباتي.


 

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية