المقالات

الخلايا الخالدة

شارك

لكلِّ البشر نفس الأعضاء، ولكن كلٌّ منا فريد عن الآخر. ومن أعظم المميزات الإنسانية فردية كل شخص، وقد يمتد ذلك حتى خلايا الجسم. وأحد هؤلاء الأفراد الذين لديهم خلايا فريدة ليس لها مثيل هي هنريتا لاكس. كانت هنريتا تعمل مزارعة تبغ في جنوب ولاية فرجينيا، وهي أم لخمسة أطفال. وقد تم تشخيص إصابتها بالسرطان، وتوفيت في سن صغيرة وهي في الواحد والثلاثين من عمرها في عام 1951. وعلى الرغم من رحيلها المأساوي، فإن خلاياها كانت هدية للعلم.

وفي الوقت الذي حاول فيه الباحثون زراعة الخلايا التي لا تتوقف عن الإنتاج، أصبحت هذه السلسلة من الخلايا الخالدة في متناول أيديهم. وباستخدام تلك السلسلة أصبح في إمكانهم القيام بتجارب مختلفة على مدى فترات طويلة. وذلك يسمح أيضًا للباحثين إضافة المزيد من المتغيرات في تجاربهم، وكذلك القيام بكم من الاكتشافات لا حصر لها. كما أن وجود مثل تلك السلسلة من الخلايا يساعد على اكتشاف سبب الأمراض وعلاجها. كما يمكن أن تتعرض تلك الخلايا بسهولة للفيروسات والإشعاع عبر فترات من الوقت، وهو أمر يستحيل حدوثه مع سلسلة من الخلايا الطبيعية، والتي سرعان ما تنتهي صلاحيتها. وذلك السبب وراء اكتشافات العلماء المحدودة قبل اكتشاف الخلايا الخالدة.

فبسبب مرض هنريتا لاكس، كان يتم عيادتها في مستشفى جون هوبكنز في بالتيمور؛ حيث كان يعمل بعض العلماء منذ سنوات في بداية سلسلة من الخلايا الخالدة. وعندما رحلت لاكس، وجدوا أن خلاياها كانت أول خلايا لديها قدرة على التكاثر باستمرار دون توقف. ويعتقد البعض أن سلوك خلاياها قد تغير بسبب الورم العدواني الذي تعرضت له حين كانت مريضة، وأصبحت خلاياها غير عادية. وعندما يتم أخذ خلايا عادية من جسم الإنسان وإبقاؤها في المختبر، فإن دورة حياتها تكون قصيرة، ولكن دورة حياة خلايا لاكس كانت بلا نهاية، مما يجعلها مثالية للبحث العلمي. وتكريمًا لهنريتا لاكس، تم تسمية خلاياها – وهي أول سلسلة خلايا خالدة – HeLa "هيلا"؛ تيمنًا بها.

ومنذ ذلك الحين، وجد العلماء ألف استخدام وواحدًا لخلايا هيلا، وجميعها أساسية في العديد من الاكتشافات الطبية. وبسبب قدرة الخلايا على الحياة خارج جسم الإنسان، تمكن العلماء من مراقبة انقسام الخلايا البشرية عند حدوثها. وتتعرض تلك الخلايا  لظروف كانت تعتبر مستحيلة إذا كانت موجودة داخل الإنسان.

ولا يتم استخدام تلك الخلايا داخل المختبرات فقط، ولكن أيضًا حيث لا يذهب معظم البشر؛ الفضاء. فقط تم إرسال الخلايا إلى الفضاء، في البعثات الفضائية الأولى، مما يسمح للعلماء مراقبة رد فعل الخلايا البشرية عند انعدام الجاذبية.

ومنذ عام 1951، وفرت خلايا هيلا للعلماء كمَّا وافرًا من المعلومات، وسمحت لهم بتطوير مجال الطب وتحسينه. وحتى يومنا هذا، لا تزال خلايا هيلا تستخدم على نطاق واسع. و"قدَّر أحد الباحثين أنه إذا تم وضعها جميعًا بحيث تكون نهاية كل خلية منها تجاه الأخرى، فإنها قد تلتف حول الكوكب ثلاث مرات على الأقل".

اطلع على هذا الفيديو القصير عن خلايا هيلا:

المراجع

www.smithsonianmag.com

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية