المقالات

الضوء قاتل الفيروسات

شارك

لا أحد يحب الفيروسات؛ ومع ذلك فنحن محاطون بها. وأفضل ما يمكننا فعله هو التعايش معها، وتطوير آلية دفاعية ما ضد طبيعتها العدوانية.

فهنالك بعض التدابير الوقائية التي نتخذها لمنع إصابة أجسادنا بالعدوى الفيروسية؛ مثل: غسل اليدين، واستخدام المطهرات بانتظام، والحذر أثناء العطس، وعدم فرك العينين بيدين عاريتين، أو تناول الطعام دون غسلهما. ومع ذلك، فحتى لو قمنا بتلك الأشياء، فما زلنا عرضة للفيروسات التي إن دخلت أجسادنا فإنه من الصعب جدًّا قتلها.

وفي أغلب الأحيان يقوم الجهاز المناعي بعمل جيد في الدفاع عن أجسادنا في مواجهة الفيروسات، مثلما يحدث مع نزلات البرد والإنفلونزا. ولكن هناك فيروسات يصعب على جهازنا المناعي التعامل معها؛ مثل: الإيبولا وفيروس سي. تلك الأنواع يمكن أن تكون مميتة، لذلك قد يكون من المفاجئ أن نعرف أنه يمكن القضاء على بعض الفيروسات عند تعرضها للضوء المرئي بالوقت.

فهل يمكن تسليط الضوء على الأنسجة المصابة، وقتل الفيروسات فقط، مع ترك الأنسجة الصحية سليمة؟ فعندما يكون اللقاح غير متوافر للأمراض الفيروسية، تكون خيارات العلاج محدودة للغاية. لذلك فكر فريق مشترك من علماء الفيزياء والأحياء فيما يحدث عند ازدياد مقدار الليزر على الزجاج بتردد معين؛ حيث يهتز بعنف كافٍ لتحطيمه. وبالمثل، فمن خلال وضع مزيد من الطاقة في الليزر، يمكن أن يتحطم الفيروس ذاتيًّا.

Image source.

ويشبه الليزر الخرطوم الذي ينهمر منه المياه بتركيز في مكان واحد بكثافة كبيرة، في حين إن الضوء العادي مثل البخاخ الذي نستخدمه لري النباتات التي تغطي مساحة واسعة. فهو يبدأ بضوء ضعيف ويستمر في إضافة مزيد من الطاقة بحيث تصبح موجات الضوء أكثر تركيزًا مع الوقت؛ مما يجعل كل أشعة الضوء متماسكة وبتركيز أعلى من مستويات الطاقة.

فتطلق نبضات الليزر القصيرة جدًّا (USP) الطاقة في خلال واحد فيمتو ثانية فقط للنبضة الواحدة. والرنين الـمُوجه تقنية يمكن استخدامها لقتل الفيروسات باستخدام نبضات الليزر القصيرة جدًّا؛ فكل فيروس له بناء جزيئي وتردد فريدان يجعلانه يهتز. وهذه التقنية مطابقة للطريقة التي يرنُّ بها الزجاج الكريستالي الرفيع، أو يهتز بها عند تردد معين.

تجري حاليًّا دراسة عديد من التقنيات في العالم حول إمكانية قتل نبضات الليزر للفيروسات الموجودة في الدم دون قتل الأنسجة السليمة. والنوع الأكثر شهرة هو علاج الدم بالليزر شبه الموصل، والذي يعمل على مبدأ تطبيع أوضاع كلٍّ من الدم والمناعة الطبيعية، وبالتالي زيادة مقاومة الأنسجة الحية للبكتيريا، والفيروسات، والعدوى.

وقد أظهرت دراسةٌ فعاليةَ العلاج بالليزر في معالجة فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز؛ حيث قام الباحثون بتعريض الدم للأشعة وأظهر المرضى بعض التحسن بعد الاستخدام الأول. وقد تم إثبات تطبيع الدم فضلًا عن تحسُّن المناعة؛ مما يدل على الأثر الإيجابي لليزر على كلٍّ من الدم والجهاز المناعي في معظم الحالات التي تم تشخيصها بالإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز.

من أول الأشياء التي يهدف إليها الليزر ذو المستوى المنخفض هو تفعيل دوران الأوعية الدقيقة، مع الأخذ في الاعتبار أن الدم هو موضح لكل ما يحدث في أجسامنا؛ حيث يدور من خلال الأوعية الدموية في جميع أعضائنا. ويعمل الليزر على مستوى الأنسجة ويُعد أداؤه شاملًا لجميع الأعضاء؛ حيث يساعد على إعادة الهيكلة عن طريق تكثيف وظائف معينة لأجزاء الخلية.

هل كان يمكن لأحدٍ أن يتصور أن الضوء لا يقوم بدعم الحياة فحسب، بل الحفاظ عليها أيضًا؟ وبفضل التكنولوجيات الجديدة والأبحاث التي لا تتوقف وتدهشنا كل يوم بالاكتشافات والإنجازات، أصبح بإمكاننا محاربة أشياء كنَّا نظنَّها مميتة.

المراجع

http://science.howstuffworks.com/life/cellular-microscopic/light-virus.htm

Banner image: unr.edu

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية