الأفق هو الخط الفاصل بين السماء والأرض، أو الحد الذي يجعل السماء والأرض تبدوان ملتقيتين. ويُعرَّف في علم الفلك بأنه تقاطع مستوى عمودي على خط رأسي مع الكرة السماوية – وهي كرة افتراضية تضم كل الأجرام السماوية، ونصف قطرها لا نهائي، ومركزها الأرض. ولكن، هل تعلم أنه توجد عدة أنواع للأفق؟ فما هي؟ وما الفرق بينها؟ وما أهمية الأفق في الملاحة؟ وكم يبلغ بعد الأفق؟
للأفق نوعان رئيسيان؛ أولهما «الأفق الأرضي السماوي»، وهو الأفق الذي يمكن أن يراه الشخص العادي بالعين المجردة؛ لأنه ظاهر تمامًا مهما بلغ بعده. وبدوره ينقسم إلى عدة أنواع. أولًا: الأفق البحري، وهو الأفق الجغرافي عند سطح البحر، وأشهر أنواع الأفق؛ إذ يمكن رؤيته بوضوح على شواطئ البحر عند التقاء البحر والسماء على مرمى البصر. فإذا كنت تقف على شاطئ البحر من مكان مستوٍ، فنقطة الالتقاء بين البحر والأفق تسمى عرض البحر. وثانيًا: الأفق المحلي أو الهندسي، وهو أقل شهرة من الأفق البحري؛ إذ لا يلاحظه كثيرون رغم أنه مرئي، ويشمل المباني والأشجار والمرتفعات الأرضية. وثالثًا: الأفق الجغرافي، وهو الخط الظاهر بين السماء والأرض، ولكنه لا يشمل ما سبق.
والنوع الرئيسي الثاني للأفق هو «الأفق السماوي»، وينقسم بدوره إلى نوعين؛ أولًا: الأفق الفلكي، وهو أفق افتراضي يميل بزاوية 90 درجة؛ وثانيًا: الأفق الحقيقي. وكلاهما يستخدم مرجعًا لعلماء الفلك لتحديد موقع معين، سواء على سطح الأرض أو على سطح أي جرم سماوي آخر، أو لتحديد موقع الأرض نفسها في السماء.
من هذا المنطلق، نجد أهمية كبيرة للأفق. فكما ذكرنا سلفًا، فإن الآفاق السماوية تستخدم في تحديد المواقع، ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك فحسب. فإن لها أهمية كبيرة على أكثر من صعيد، مثل الملاحة الجوية والبحرية؛ إذ يلجأ الطيارون إلى الأفق أحيانًا للحفاظ على مستوى الطائرة في أثناء رحلتها. وعن طريق حسابات بسيطة لتمييز العلاقة بين مقدمة الطائرة أو الواجهة الأمامية، يتمكن الطيار من التحكم في ارتفاع الطائرة بشكل أدق.
ومن المعروف أن البحارة القدامى كانوا يلجأون إلى النجوم والأبراج السماوية لتحديد اتجاه مراكبهم، ولكن أغلب النجوم والأبراج كانت لا تظهر إلا في أثناء الليل؛ لذا كانوا يعتمدون أكثر على الأفق في تحديد الاتجاهات بالنهار. ومع التطور الهائل في استخدام نظام التموضع العالمي GPS في تحديد الاتجاهات، أصبح استخدام الأفق في الوقت الراهن محدودًا في هذا المجال.
كم يبعد الأفق عنا؟
ليس من الصعب تحديد بعد الأفق عنا؛ لأنه ليس تقديريًّا كما يعتقد بعض الناس؛ ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أنه كلما ارتفع مكان تحديد بُعد الأفق عن سطح البحر، يكون الأفق أبعد في المسافة. فعلى سبيل المثال، إذا وقف شخص في مستوى سطح البحر، يكون الأفق على بُعد نحو 5 كيلو مترات، وكلما ارتفع الشخص 1.5 مترًا عن مستوى سطح البحر، زاد بعد الأفق 4.5 كيلو مترات؛ أي إذا وقف شخص على قمة إفريست التي ترتفع عن سطح البحر 8848 مترًا، فإن بعد الأفق سيكون 370 كيلو مترًا.
وكل الأرقام السابقة تقريبية، ما عدا ارتفاع قمة إيفرست، وذلك لوجود عدة عوامل يمكن أن تؤثر على دقة تحديد بُعد الأفق؛ مثل: الطقس، والسحب، وانكسار الضوء. فقد أثبتت التجارب أن الطقس البارد يمكن أن يجعل رؤية الأفق أبعد، وكذلك السحب التي تحجب رؤية الأفق بوضوح.
**********************
الأفق ليس منظرًا طبيعيًّا خلابًا فحسب، نراه على امتداد أبصارنا على شاطئ البحر، ولا مصدر إلهام للفنانين فقط، ولكنه مصطلح علمي له أنواع عديدة وأهمية فلكية كبيرة. فقد ساعد البحارة القدماء على تحديد اتجاهاتهم، وساعد علماء العصر الحديث في عديد من الدراسات.
المراجع
britannica.com
livescience.com
nationalgeographic.org